تواصل الخزانات وهي مكتبات تقليدية مختفية في متاهات قصور توات - قورارة التي يسهر مالكوها و شيوخ زوايا المنطقة على حفظ محتوياتها في استقطاب اهتمام الباحثين والطلبة المتعطشين لاكتشاف المعارف و العلوم التي تزخر بها مخطوطاتها المهددة اليوم بفعل الظروف الطبيعية وهشاشة المحيط.تسهر الأسر المالكة (المقيمون على هذه الخزائن) جيلا بعد جيل على الاعتناء بهذه المخطوطات القيمة التي يرجع تاريخ بعضها إلى ألاف السنين والمتواجدة بمنطقة توات -قورارة على حفظ هذه الكنوز المعرفية التي تضم بين ثناياها معارف في عدة مجالات مثل الفقه والرياضيات وكذا علم الفلك و الطب والأدب والشعر العربيين.تستقبل خزينة البكري بقصر تمنطيط (جنوب أدرار) والتي تعد من أقدم وأغنى الخزانات في الجزائر باستمرار طلبة جامعيين و باحثين يأتون للاطلاع على محتويات كتب تعود لعدة قرون مضت اصفرت أوراقها و هشت بفعل الزمن . و قد أبدى عبد الحميد البكري القائم على هذه الخزانة -الموجودة بقصر عتيق جدرانه من الخرسانة يعود تاريخ بنائه لأكثر من 6 قرون والتي تحتوي كما صرح لو أج على أكثر من 4000 مخطوط أصلي- قلقه أمام الأضرار التي لحقت بها جراء الاحتكاك و اللمس أثناء الاطلاع على الوثائق .و أكد من جهة أخرى أنه بالإمكان تفادي ذلك لو توفرت الرقمنة مضيفا انه أجبر على سحب عدة مخطوطات هشة من « المطالعة العمومية «. وقد دفعت ظروف تخزين هذه المخطوطات في ظل غياب جهاز «سكانير ملائم» و غلاء تكلفة الأجهزة الخاصة بحفظ هذا النوع من المؤلفات كما قال السيد البكري مالكي هذه الخزانة إلى التشبث أكثر بحفظها باللجوء إلى استعمال وسائل تقليدية. و أضاف السيد بكري بتحسر «أن أكثر ما يمكن أن نقوم به بمجهودنا الخاص هو استعمال الأعشاب المطهرة و القماش و خزائن من الزجاج.»و بقدر التوغل داخل المنطقة بقدر ما تتأكد هذه الإرادة و التشبث بهذا الإرث الثقافي الذي لا يقدر بثمن . فعلى بعد 80كلم شرق أدرار و بالمكان المسمى المتارفة توجد خزانة أخرى متواضعة تتعنت في منح «مجموعتها البسيطة» للمتصفحين و كأنها تتحدى الزمن والتي تشمل على بعض المئات من المخطوطات المدعمة بكتب مطبوعة داخل قصر مهدد بالسقوط و في عزلة تامة عن الحضارة.بفضل محتويات هذه المكتبة -التي أسسها عبد الكبير المترافي في القرن ال17 و التي تشرف عليها اليوم عائلة بن عبد الكبير- تمت مناقشة أكثر من 20 رسالة ماجستير ودكتوراه كما أكد القائم. اكتفت هذه العائلة بإبقاء هذه المخطوطات في مبناها الأصلي في مكان توفر حسبها « أحسن الظروف المناخية لحفظ هذه المخطوطات «لكنها تتأسف في الوقت نفسه لضياع العديد منها أثناء انهيار إحدى البنايات .وقد استفادت المتارفة -حسب ما علم- من مكتبة للمخطوطات وهي «المبادرة الوحيدة» لحد الآن في هذه المنطقة لكنها تبقى غير مستغلة لأن هذا الفضاء غير ملائم حسب عائلة بن عبد الكبير.