في الجزائر نقول مخطوطا، يؤنثها بعض المشارقة فيقولون مخطوطة، إلا إنه إذا فهم المعنى فلا مشاحة في المصطلح، لا تطلق كلمة مخطوط بالضرورة على نص كامل فقد يكون جزيء من أصل بائد .المخطوطات على أشكال مختلفة قد تأتي مرموزة أو منقوشة وفي الغالب المألوف هي حروف مكتوبة على اللحاق (الحجارة العريضة) أو الرق أو الورق بشتى أنواعه من الصيني والسمرقندي والمصري والبغدادي على أشهر ما عرف. الأهمية للمخطوطات أهمية كبيرة باعتبارها موروث ثقافي يشكل إحدى دعامات الأمة ويقف شاهد على عراقتها وأصالتها بالرغم من ظهور الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي ومع انه لا ضرورة للمفاضلة إلا أننا نورد ذلك من باب تبيان الأهمية. يسجل لنا التاريخ رجالا كرسوا حياتهم لدراسة المخطوطات وفهرستها وتحقيقها. رجال صاروا بمثابة أوسمة في صدر هذا العلم نذكر منهم أحمد تيمور باشا في المشرق العربي، والعلامة محمد عبد الحي بن عبد الكبير في المغرب الأقصى، ومحمد محمود الشنيقطي، وشيخ العروبة أحمد زكي باشا وهو أول من استعمل كلمة تحقيق في صدر الكتب المنشورة وفي تونس نذكر الشيخ حسن حسين عبد الوهاب وفي الجزائر المرحوم يحيى بوعزيز وعبد الرحمن شيبان والشيخ الطاهر الجزائري وبوعمران الشيخ وغيرهم. أما الدول المرتبط اسمها بالمخطوطات نذكر المغرب، اليمن، تركيا، مصر، العربية السعودية، الهند والجزائر.. الخ. مخطوطاتنا للجزائر دراية كاملة بأهمية المخطوطات فمع مطلع الاستقلال تمسكت المكتبة الوطنية بمسؤولياتها في هذا المجال، وحافظت على الخزائن القديمة والزوايا والملاك الخواص للمخطوطات قدر الإمكان على هذا الإرث رغم أن الاستعمار سلب منه ما سلب وأحرق منه الكثير طمسا للهوية الوطنية .مع تظافر الجهود أعلنت وزارة الثقافة عن إستراتيجية واعدة للمخطوطات بداية بترميمها والحفاظ عليها ودراستها وتحقيقها إذ توجت تلك الجهود بإنشاء المركز الوطني للمخطوطات الكائن مقره بولاية أدرار. وقبله وقفنا على برنامج للحفظ الوقائي الذي تم بالتنسيق مع هيئة المخطوطات المتوسطية (manumed)، إذ شمل هذا البرنامج الاطلاع على حالة المخطوطات في الجنوب المتوسطي ألقى بظلاله على مخطوطات ولاية أدرار بمناطقها الثلاثة توات، قورارة وتيديكلت وذلك في ملتقى تيميمون ما بين 18 و20 ديسمبر .2001 كما استفادت ولاية أدرار من فترة تربصية لأرباب الخزائن والذين بلغ عددهم 30 متربصا آنذاك. إن ولاية أدرار كتقسيم إداري هي توات قورارة وتيديلكت وتانزروقت، وفي جغرافيا المتقدمين هي مجموعة بودة تيمي تمنطيط بوفادي تاسفاوت (واحة فونوغيل) تامست زاوية كنته سالي ورقان. وهي المجموعات التي تنحصر بين إقليم قورارة شمالا وتيديكلت من الجنوب الشرقي وعاصمة الاقليم تمنطيط وهي المجموعة التي تضم 52 خزانة مخطوطات بالإضافة للملاك الخواص وتأرجح عدد مخطوطاتها بين أخصائيين هما 27 ألف مخطوط و700 ألف مخطوط وهي أرقام لم تتبناها أية جبهة رسمية إلا ما قال به بعض الباحثين إلا أن ما لا نختلف عليه هو أن توات تزخر بكم هائل من المخطوطات، لأن الإحصاء لم يغلق بعد خاصة وانه لم يمس إلا خزائن تسابيت (المجموعة) وبودة (المجموعة) تيمي ملوكة كوسام تمنطيط أنزجمير وسالي والمطارقة. وهي المخطوطات التي شملت في موضوعاتها السواد الأعظم في الجانب التعليمي الفقه والسنة وجملة من الأدبيات والتاريخ والتراجم والأنساب. وأبرز ما عثر عليه في التاريخ لحد الساعة كتاب -القول البسيط في أخبار تمنطيط- لصاحبه الشيخ محمد الطيب بن عبد الرحمان المعروف ب بن بابا حيدا. أما أبرز من تركوا بصماتهم في الخزائن التواتية هم تلامذة الزاوية البكرية وأحفاد الشيخ البكري بن عبد الكريم وهي الزاوية التي نسخت الكثير من المخطوطات خاص على يد الحسن بن سعيد البكري وله في خزائن توات مجموعة من الأراجيز في التوحيد والفقه والتصوف نذكر كذلك خزانة ملوكة الذاخرة بعطاءات الشيخ محمد بن عبد الرحمان البلبالي وابنه الشيخ عبد العزيز ومن أبرز مخطوطاتها الغنية البلبالية وهي جملة من الفتاوى والأحكام. الحديث عن خزائن توات الفضل فيه لله ولجمة من صفوة العلماء نذكر منهم الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي التلمساني والشيخ الملياري والشيخ الجنتوري والشيخ العصنوني وغيرهم كثيرين. ومن العوامل التي ساهمت في استقرار العلماء بتوات نذكر تجارة القوافل التي اصطحبت صفوة من رواد الفكر والإبداع، خاصة الهجرة التي مست كافة مناطق الشمال الإفريقي ومنها تلك التي كانت بين سنتي 501 و698 حيث حلت أزيد من 17 قبيلة بكامل حمولتها الثقافية والتي تفاعلت أيضا في مناطق توات. أما أهم المسالك التي لعبت دورا هاما في حركة القوافل التجارية والهجرات الفردية والجماعية نذكر. أ - الطريق الرئيسي المتجه من الشمال الغربي نحو منطقة توات مرورا بسجلماسة وتبلبالة نحو بودة. ب - الطريق المتجه من تلمسان نحو بودة مرورا ببشار وبني عباس. ج - الطريق الذي يربط تونس بتوات مرورا بغدامس وعين صالح إلى آقبيل بأولف.