أكد المؤرخ محمد القورصو أن النظرة الفرنسية النيوكولنيالية لتاريخ الجزائر مؤسسة منذ عهد الجنرال الفرنسي شارل ديغول الذي جعل نظرته النيوكولنيالية للتاريخ مرجعا لمن سيأتون بعده من حكام فرنسا. واعتبر القورصو في ندوة بعنوان الماضي الكولونيالي في مرآة الحاضر أن مؤسسة المقاربة الديغولية للشأن التاريخي وتبنيها من طرف اليمين الفرنسي، وحتى اليسار حولها مع الزمن لثقافة سياسية، حيث بلغت ذروتها في فترة حكم الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي. وأوضح المتحدث وهو يستعرض مذكرات شارل ديغول »مذكرات أمل« أن ديغول جعل من التاريخ الركيزة الأساسية للدولة الفرنسية منذ فترة حكمه إلى يومنا هذا مؤكدا بالخصوص على تاريخ الجزائر الذي اعتبره القورصو أساس الثقافة السياسية في فرنسا، حيث تمر كل الاستحقاقات والمعتركات السياسية عبره، مضيفا أن ديغول رسم ورقة طريق لمن سيأتون بعده من حكام فرنسا، حيث جعلهم مسؤولين عما تعتبره فرنسا ميراثها السابق ومصالحها الحالية وآمالها المستقبلية في مستعمراتها السابقة. ومن جهة أخرى قال الجامعي أن فرنسا التي استعملت التاريخ في خدمة مشروعها الإحتلالي في القرن ال 19 تقوم منذ بدايات إستقلال مستعمراتها السابقة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينييات من القرن الماضي باستغلاله ليكون في خدمتها سياسيا. وفي هذا السياق أكد المؤرخ أن فرنسا تحاول اليوم استكمال بناء تاريخها الوطني بربطه تعسفيا بتاريخ المستعمرات الفرنسية السابقة وإدراجه في تراثها الثقافي والحضاري، وهذا سطو -يقول المتحدث- بدأ في 1830 مع خطاب شارل العاشرالذي وجهه ضد الجزائر قبيل احتلالها. وتابع أن السطو لا يتعلق فقط بالأرشيف والآثار وإنما أيضا بالتاريخ فالسطو على التاريخ -يقول القورصو- هو تجريد الجزائريين من تاريخهم عن طريق تحريف وتزييف وتشويه ماضيهم، بحيث تفقد الأجيال الناشئة التي لم تكن لها علاقة زمنية بالإحتلال مرجعيتها الأصلية بل وعمقها التاريخي. وشدد المتحدث في هذا الإطار على أن اهتمام فرنسا الحالي بتاريخ مستعمراتها السابقة ومنها الجزائر يؤكد على دخول هذه البلدان في مرحلة جديدة من تاريخها، حيث تحاول المؤسسات الفرنسية الرسمية وشبه الرسمية والفكرية أن يكون لها الدور الريادي في إعداد ثقافات وتاريخ هذه البلدان. واستشهد المتحدث في هذا بالملتقيات واللقاءات الشبه يومية في فرنسا وكتابات الدوريات وأشرطة الفضائيات الفرنسية عن خمسينية استقلال الجزائر التي على رأيه لا تسيس تاريخ الجزائر فقط وإنما تحاول تجريد الجزائريين من تاريخهم على حد قوله. وختم القورصو بالقول أن التوظيف السياسي للتاريخ حاليا وتمجيد الإستعمار له صبغة دولية، حيث تقوم به مثلا بريطانيا واليابان مع مستعمراتهما السابقة، مشددا على ضرورة الإهتمام الجدي بالتاريخ لأنه جزء من السيادة الوطنية للدولة ولأنه مهدد.