دعا المؤرخ «محمد القورصو» الدول المتضررة من جرائم الاستعمار خاصة منها ضحايا التجارب النووية بالتحرك جماعيا واتخاذ موقف مشترك واللجوء إلى المحاكم الدولية، وقال «المجتمع الفرنسي منقسم على نفسه، وفئة كبيرة منه تطالب بالاعتراف بجرائمهم في الجزائر». توقف الدكتور «محمد القورصو»، الذي نزل ضيفا على منتدى يومية «المجاهد»، بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد أمس، مطولا عند التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية من خلال المحادثات التي جرت مع الجنرال «شارل ديغول» والتي تضمنتها مذكراته، أين قدم قراءة لفحوى هذه الأخيرة، التي تؤكد قول «ديغول» بأن فرنسا لا يمكن لها أن تسترجع سيادتها ولا أن تكون قوة رادعة ولا أن تقوم بدورها الريادي في العالم إلا إذا امتلكت القنبلة النووية، والدخول في النادي الضيق لمالكي هذا السلاح والذي سيسمح باستقلال فرنسا بالمفهوم العسكري. وذكر المؤرخ استنادا للمذكرات، بأن الجنرال «ديغول» أجتمع يوم 3 نوفمبر 1959 بقادة الجيش والباحثين وعلماء الفيزياء النووية وحثهم على بذل مجهوداتهم لإنتاج السلاح النووي في أقرب وقت، وأكد حينها «ديغول» ضرورة تجريب السلاح في الصحراء الجزائرية، وبحسب «القورصو» فإن اختيار الصحراء الجزائرية لإجراء هذه التجارب كان من منطلق عنصري، لاسيما بعد أن تم حشد مئات الجزائريين عند منطقة «الصفر» إضافة إلى 150 سجينا باعتبارهم «فئران تجارب». وذهب المؤرخ أبعد من ذلك حين اعتبر بأن فرنسا لم ترتكب جريمة في حق الجزائر، فحسب بل في حق إفريقيا كاملة، مشددا على أن الجزائر خلال تلك الفترة انتقلت من عهد الإمبريالية الاستعمارية إلى الإمبريالية النووية على حد تعبير الجنرال «ديغول» في مذكراته، حيث قال «إن امتلاكنا للقنبلة النووية تمكننا من قتل 20 مليون رجل في ظرف ساعتين من الزمن»، وهو ما يظهر مدى نزعة الإبادة التي كان يتمتع بها السفاح «ديغول». وعن سبب تواصل إجراء التجارب في الجزائر إلى غاية 1966، وإمكانية وجود بنود سرية تضمنتها اتفاقيات إيفيان، فنّد «القورصو» إمكانية وجود مثل هذه البنود بتاتا، بحكم قيامه بعدة بحوث حول هذه الأخيرة ومن خلال علاقاته مع بعض المسؤولين، لكن استغرب بالمقابل استمرار إجراء التجارب النووية في الجزائر دون موقف رسمي حينها، قبل أن يدعو إلى ضرورة تبني إستراتيجية واضحة تسهل كتابة تاريخ الجزائر التي تسير بخطى متباطئة حاليا، ولعب دور فعال في فضح الاستعمار. كما طالب متدخلون في الندوة، ضرورة استفادة الدولة الجزائرية من التكنولوجية النووية الفرنسية مجانا، بما أن الأرضي الجزائرية كانت مسرحا لأجراء التجارب، بالإضافة إلى بناء مستشفيات لعلاج ضحايا التجارب بتمويل فرنسي، والعمل على تنظيف المنطقة من إشعاعات التجارب النووية.