أحدث انقطاع مياه الشرب في الكثير من أرجاء الجزائر العاصمة وما جاورها منذ أمس الأول حالة من الاضطراب، فبالإضافة إلى الحرارة الشديدة والانقطاع الدائم للتيار الكهربائي الذي يخيم على كامل مناطق الوطن، ظهرت أزمة أخرى، تمثل الأخطر من نوعها، بعد أن طالت كل أحياء وبلديات العاصمة تقريبا، وهي انقطاع الماء الذي بات دأب يومي يمتد لساعات وأحيانا أخرى لأيام، الأمر الذي شكل فزعا وذعرا حقيقيا للمواطن. أصبح الشارع العاصمي يشبه إلى حد كبير العاصمة العراقية بغداد، أين نرى مشاهد التقاتل على المياه أمام منابع المياه العامة، أو شراؤها، تقول إحدى النساء اللاتي وجدناها هي وغيرها من النسوة التي اجتمعن لملأ الماء من إحدى الحنفيات الموجودة على الطريق العام، تقول »لا أستطيع أن أصف ما نعاني منه، إنه أمر مخجل أن تقول أن حمام بيتك كالمقبرة من انقطاع المياه، أو أنك لا تجد ماء لتنظيف نفسك أو أطفالك، لقد أخذت أسرتي إلى بيت أهلي في جسر قسنطينة، العائلات هناك تعاني من نفس الأمر ولكن ليس لدرجة انقطاع المياه ليوم كامل، فقط لساعات، وكذلك الكهرباء، ما هذا الذل الذي نعيشه، هل نحن في الجزائر أم في العراق؟» وقد دفعت أزمة المياه، سيما في هذا التوقيت، )الحر ورمضان( الأغلبية في مختلف أحياء وبلديات العاصمة إلى الخروج إلى الشوارع وقطع الطرقات والاحتجاج والتظاهر والاعتصام أمام مقرات البلديات والمؤسسات العمومية المعنية، وحتى إلى اقتحامها واللجوء إلى العنف في بعض البلديات، إذ تطور الأمر في بلدية بابا علي حيث قطع العشرات من الأهالي وسط مدينة الطريق العام، ومنعوا مرور السيارات من شارعي بئر التوتة وكذا الجهة القادمة من بئر الخادم، حيث أشعلوا النيران في إطارات، ووضعوا الحجارة والحواجز في عرض الطريق، احتجاجا على انقطاع المياه والكهرباء في معظم أحياء ومناطق البلدية منذ عدة أيام معربين بذلك عن تذمرهم في بلد »الطاقة والخيرات« كما يقول هؤلاء المحتجون. كما انتفض سكان حي »دريميني« ببلدية الشعيبة في تيبازة ضد أزمة العطش، وقاموا بغلق الطريق الرابط بين بلديتهم وبلدية القليعة بالحجارة والمتاريس وجذوع الأشجار، مطالبين السلطات بالتدخل، من أجل وضع حد لأزمة العطش التي يعيشونها، تزامنا وأزمة الحر، وقد تدخلت مصالح الأمن في محاولة لفتح الطريق ومجاورة المحتجين، بعد أن تسبب الاحتجاج في شل حركة المرور عبره.ويصرخ أحد المواطنين »إن ما يحدث يثير الجنون، المياه منقطعة منذ ثلاثة أيام، والشقق رائحتها تعفنت«، وكل ما لدى شركةّ» سيال« لتقوله »الأمور ستتصلح«، وأردف »هي لم تحدد متى ستتصلح مما يجعلها غير مسؤولة عن أقوالها.. إنني لا أستطيع أن أوضح لكم المأساة التي نعيشها في شقة صغيرة« ويصيف الكهرباء هي الاخرى تنقطع وتعود وكل ما أخشاه أن تتلف الأجهزة الكهربائية».. تخيلوا رجل موظف وزوجة وأطفاله الصغار يقتلهم الحر والعطش والظلام». من جهتها تنصلت شركة المياه والتطهير لولاية الجزائر »سيال« من المسؤولية، باعتبار أن المضخات تعطلت، مؤكدة أن الانقطاعات في التيار تؤثر على عمل المضخة التي تعجز عن ضخ المياه، كونها تعمل بالاعتماد على التيار، لذا فإن المسؤولية لا تتحملها »سيال« وعلى المواطنين التفاهم مع الجهة المسؤولة عن هذه الأزمة.