أكدت فرنسا أول أمس الخميس عبر خارجيتها عزمها على تحرير الرهائن الفرنسيين المحتجزين في منطقة الساحل الصحراوي، وجاء ذلك عقب تهديد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بإعدام الرهائن في حال تدخلت فرنسا عسكريا في شمال مالي، فيما يرتقب من جهة أخرى أن يعقد اجتماع مغلق يعني منطقة الساحل الصحراوي، وهذا في 26 سبتمبر في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. قالت وزارة الخارجية الفرنسية أنها على استعداد تام وعزم كامل لتحرير الرهائن الفرنسيين المختطفين في منطقة أرليت بشمال النيجر، وامتنعت من جهة أخرى التعليق على البيان الأخير لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الذي تضمن تهديدا مباشرا بإعدام الرهائن في حال شاركت فرنسا في أي تدخل عسكري في شمال مالي، وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو في ندوة صحافية عن الاتهام الذي وجهه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى فرنسا بأنها تريد »اجتياح« شمال مالي الذي تسيطر عليه مجموعات إسلامية مسلحة، فأجاب »لن ندلي بتعليقات«، وأكد في نفس الإطار: »كما قال رئيس الجمهورية في 13 سبتمبر، فقد اتخذت كل التدابير، بعزم كبير ومسؤولية حتى يعود مواطنونا جميعا إلى عائلاتهم وذويهم«، هذا فيما أعلنت الخارجية الفرنسية بأنها تتحقق من رسالة الفرع المغاربي للقاعدة، في حين أضاف مصدر دبلوماسي قائلا: »لا نعرف إلى من ننسب هذه التصريحات«، مشيرا إلى أن بعض فقرات التصريح تنطوي على »نبرة خطابية لا أهمية لها«، مما يعني التشكيك في مصدر الرسالة خاصة لما يعتر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بأن فرنسا تريد اجتياح شمال مالي ويصف ذلك ب »الخطوة المجنونة ... ستغرق فرنسا كلها في مستنقعات أزواد«، علما أن الفرع المغاربي للقاعدة كان قد أعلن صراحة نيته في التفاوض مع فرنسا بشأن مصير الرهائن. وكان موقع » صحراء ميديا« الاليكتروني الموريتاني قد نشر رسالة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تضمنت تهديدا بقتل أربعة مواطنين فرنسيين خطفوا منذ عامين من بلدة أرليت بشمال النيجر يعملون في شركة للتنقيب عن اليورانيوم في المنطقة، ورهينتين فرنسيين آخرين، وهذا إذا حاولت فرنسا القيام بتدخل عسكري في شمال مالي، ونقل الموقع الإلكتروني الموريتاني عن بيان نفس التنظيم قوله إن فرنسا تسببت »بطيشها« في تدهور الأزمة في مالي بسعيها إلى التدخل المسلح في شمال البلاد، وواصل تنظيم عبد الملك درودكال يقول إن حدث ذلك فسوف يكون »عملا جنونيا ويؤدي لا إلى موت الرهائن فحسب ولكن فرنسا ستنجر أيضا إلى منطقة الأزواد وهو ما سيجلب لفرنسا المزيد من المآسي والكوارث« ومن جهة أخرى أكد رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، الذي شاركت بلاده في السابق في المفاوضات للإفراج عن رهائن في منطقة الساحل، أن الرهائن الفرنسيين الستة الذين يحتجزهم تنظيم القاعدة في الساحل »لا يزالون على قيد الحياة«، وأوضح كومباوري لفرانس 24، على هامش زيارته لفرنسا الأربعاء الفارط : »إن ما نعرفه على غرار الحكومة الفرنسية وغالبية الدول المجاورة هو أن الرهائن لا يزالون على قيد الحياة«، مضيفا: »إن الدلائل على أنهم على قيد الحياة هو ما نحصل عليه من رسائل من جانب هذه الأوساط«، وأكد أن بلاده »لم تجر مفاوضات« مع الخاطفين، وقال أيضا »ننتظر لنرى مع السلطات الفرنسية كيف ندير مسالة المفاوضات المحتملة هذه بشكل أفضل«، وأكد من جهة أخرى بان شروط التدخل العسكري في شمال مالي لم تتوفر بعد، ويأتي هذا بالتزامن مع مباحثات تجريها دول غرب إفريقيا حول شروط انتشار قوة افريقية في مالي لمساعدة الجيش المالي على استعادة شمال البلاد من يد الحركات الجهادية، فيما أعلن رئيس وزراء مالى شيخ موديبو ديارا الأربعاء المنصرم لوكالة الأنباء الفرنسية أن الوقت يضيق من أجل تدخل في شمال مالى، وطالب المجتمع الدولي »بالمزيد من الحزم« حيال هذا الأمر. ويرتقب من جهة أخرى انعقاد اجتماعا مغلقا في 26 سبتمبر الجاري لمناقشة الوضع في منطقة الساحل الصحراوي، وهذا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسوف يشكل التدخل العسكري المحتمل في شمال مالي المحور الرئيسي في هذا الاجتماع، والذي قد يمنح لفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية وربما دول أخرى فرصة التدخل الأجنبي في شمال مالي تحت عنوان الشرعية الدولية، علما أن فرنسا تعتبر المهتم الأول والرئيسي بالتدخل العسكري في شمال مالي وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قد أعلن أواخر أوت المنصرم أن فرنسا ستدعم »عملانيا هذا التدخل« إذا ما جرى »في إطار الشرعية الدولية«، فيما كرر وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان أول أمس الخميس رغبة فرنسا القيام بدور »لوجستي«، وقال أن »فرنسا قالت انه ستقدم دعمها وآمل أن تتحرك دول أوروبية أخرى وتقدم دعما لوجستيا وليس تدخلا مباشرا«، مستطردا في نفس السياق بان الأمر يتعلق بإرسال »معدات وليس رجال ودعم غير مباشر للعملية« ، وردا على سؤال حول تصرف باريس المحتمل في حال هدد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الرهائن الفرنسيين، أجاب الوزير الفرنسي: »نقول بوضوح تام أننا نريد إنقاذ رهائننا وان الوسائل قد وضعت من اجل هذا الهدف«.