تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة باليوم الوطني ال 41 هذا العام، بينما تعيش حالة من النهضة الشاملة في مختلف المجالات، وعلى المستويات كافة، وتنعم بالاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة الذي يجعل من المواطن الإماراتي أولويته القصوى ومحور اهتمامه الأول، ما جعل الإمارات نموذجاً يشار إليه بالبنان في علاقة التفاعل الخلاق بين القيادة والشعب، وتجربة تنموية رائدة. أنجح التجارب الوحدوية العالمية يأتي يوم الثاني من ديسمبر في كل عام ليشيع أجواء الفرح في ربوع الإمارات، ولعل ما يزيد من فرحة المواطنين هذا العام أن اليوم الوطني ال 41 يأتي بعد الكثير من المبادرات والخطوات، بهدف تحقيق آمال المواطنين وطموحاتهم في مجالات مختلفة سواء في ما يتعلق بمعالجة ديون المتعثرين أو تجنيس أبناء المواطنات أو مشروعات الإسكان وتطوير البنية التحتية في إمارات الدولة المختلفة، وغيرها الكثير من الخطوات التي أكدت وتؤكد النهج المعتمد في التفاعل المستمر مع احتياجات المواطنين وتطلعاتهم، والحرص الدائم على أن تصل ثمار التنمية إلى كل مواطن يعيش على أرض دولة الإمارات. بتاريخ 2 ديسمبر 2012 تكون 41 سنة قد مرت منذ إعلان قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة عام 1971، الذي يتكون من 7 إمارات هي : أبوظبي، دبي، الشارقة، رأس الخيمة، الفجيرة، عجمان وأم القيوين. أربعة عقود كانت كلها حافلة بالعمل والإنجازات ، التي مست كل جوانب الحياة، والسعي الدائم نحو الريادة والتميز، بدأت بمرحلة البناء الشاقة التي قادها بحكمة واقتدار مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وطيب ثراه. وتعد تجربة الإمارات الاتحادية من أنجح التجارب الوحدوية في العالم، تتميز بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي أملاه طبيعة التناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء المتبادل بينهم من جهة وبين المواطنين كمن جهة أخرى. وتتواصل المسيرة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، الذي خلف والده عام 2004، حيث أطلق مرحلة جديدة من مراحل العمل الوطني هي " مرحلة التمكين " لتثمين الإنجازات التي تحققت وتطوير آليات الأداء المستقبلي على أسس واستراتيجيات علمية حديثة، وصولا إلى التميز والريادة والإبداع. وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي قد اعتمد شهر سبتمبر العام الماضي، استراتيجية احتفالات الدولة بالعيد الوطني ال 40 تحت شعار " روح الإتحاد " . وبفضل القيادة المنسجمة للدولة، تعيش الإمارات اليوم في رخاء وقوة وأمن، وهي ماضية على في تأسيس اقتصاد حر قوي ومتنوع وبنية تحتية متطورة وتنمية اجتماعية مستدامة. وقد حققت الإمارات في مسيرتها الإتحادية في مرحلتي »البناء« و »التمكين« إنجازات نوعية خاصة على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الرفاه للمواطنين ما وضعها في مقدمة الدول التي تحظى بتقدير وإعجاب العالم لإنجازاتها الحضارية غير المسبوقة في معايير التنمية الدولية، حيث تقف اليوم في مصف الدول الرائدة بفعل إنجازاتها الجبارة. نريد أن نكون من أفضل الدول في إطار حرصها على مواكبة تحديات الألفية الجديدة، اعتمدت الدولة نهجا جديدا في الآداء التنفيذي يرتكز على استراتيجيات عمل محددة وواضحة الأهداف والمقاصد ، حيث أطلق رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد »استراتيجية المستقبل« التي تكمن أهدافها في حشد الموارد والطاقات ، وغايتها الإنسان ونهجها التعاون والتنسيق، مع تحديث آليات صنع القرار ورفع كفاءة الأجهزة الحكومية وتقوية الإطار القانوني والتشريعي والتنظيمي. وتزامنا مع ذلك أطلق نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد »استراتيجيه الحكومة الاتحادية 2011 – 2013« تتكون من سبعة مبادئ وسبع أولويات وتضع على رأسها توفير أرقى مستويات الرخاء والرفاهية والعيش الكريم للمواطنين، من خلال الارتقاء بالتعليم والصحة والتنمية المجتمعية وتطوير خدمات الحكومة. كما أطلق الشيخ محمد بن راشد وثيقة وطنية للدولة لعام 2021 وهو العام الذي يصادف احتفال الإمارات بيوبيلها الذهبي بمناسبة مرور 50 سنة من قيام الإتحاد، شعارها »نريد أن نكون من أفضل الدول في العالم«. مكانة متميزة في الخريطة الاقتصادية العالمية حققت الإمارات ازدهارا اقتصاديا ملحوظا، وعززت مكانتها في الخريطة الاقتصادية العالمية رغم الأزمات والتقلبات والضغوط المالية التي يشهدها العالم. وتقوم الإستراتيجية الاقتصادية للدولة على الانفتاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات وتسخير كافة الموارد والطاقات لتحقيق معدلات نمو عالية في التنمية. نتيجة لذلك بلغ الناتج المحلي الخام للدولة عام 2009 حوالي 300 مليار دولار، ويواصل اقتصاد الإمارات التكيف الإيجابي مع آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، ويحقق نموا ملحوظا ببلوغ النتاج المحلي الإجمالي نحو 330 مليار دولار عام 2010 ساهمت فيه القطاعات الإنتاجية غير النفطية بنحو 200 مليار دولار، في حين سجل القطاع النفطي مساهمة بنحو 100 مليار دولار، وتتوقع وزارة الاقتصاد نموا في الناتج المحلي الإجمالي بين 3 و 3.5 بالمئة خلال العام الجاري 2011. وقد أطلقت وزارة الإقتصاد خريطة استثمارية جديدة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة وتطوير الإقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وجذب الإستثمارات النوعية ونقل التكنولوجيا لتعزيز مفاهيم اقتصاد المعرفة وتقليل الإعتماد على النفط عبر تنويع مصادر الدخل. وقد حددت هذه الخريطة 14 مجالا جاذبا للإستثمارات الأجنبية تشمل صناعة الأليمنيوم والسيارات والطيران وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والإلكترونيات والهندسة والتكنولوجيا الصناعية والرعاية الصحية والبتروكيماويات وصناعة الأدوية. وخلال السنوات الخمسة الماضية استقطبت الإمارات استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 60 مليار دولار لتحتل بذلك المرتبة الثانية عربيا عام 2011 ، كما صنف مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية الإمارات ضمن أفضل 30 موقعا عالميا للإستثمار الأجنبي المباشر. التنمية البشرية: مراتب متقدمة عالميا تبوأت الإمارات المرتبة الأولى عربيا وال 32 عالميا بين 169 دولة في العالم في تقرير التنمية البشرية لعام 2010 ، وصنف التقرير الإمارات ضمن إحدى دولتين فقط في المنطقة في الفئة الأكثر تقدما وهي فئة »التنمية البشرية المرتفعة جدا«، وجاءت في المرتبة الرابعة عالميا ضمن الدول الأقل فقرا. وجاءت الإمارات أيضا في المركز الأول إقليميا وال 45 عالميا ضمن 138 دولة شملها مؤشر المساواة بين الجنسين في مجالات الصحة والتعليم والتمكين والمشاركة في قوة العمل. ومن جهة أخرى، رسخت الإمارات مكانتها كمركز عالمي رائد في مبادرات ومشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، حيث يتجلى ذلك في اختيار أبو ظبي مقرا دائما للوكالة الدولية للطاقة المتجددة »أرينا«، واستضافتها سنويا القمة العالمية لطاقة المستقبل، وتنظيمها جائزة زايد لطاقة المستقبل قيمتها 2.2 مليون دولار لتحفيز وتشجيع الإبداعات والابتكارات في مجال الطاقة المتجددة. وقد بلغت استثمارات الإمارات في مجال الطاقة المتجددة نحو 7 مليار دولار عام 2008 ويتوقع أن يصل المبلغ إلى 50 مليار دولار عام 2015. وبالموازاة مع الطاقة المتجددة، دخلت الإمارات هذا العام عصر إنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية، من خلال إنجاز الأعمال الإنشائية التمهيدية لمشروع 4 محطات للطاقة النووية، التي يتوقع أن تبدأ في الإنتاج ومد الإمارات بالطاقة النووية بحلول عام 2017. في حين شهد قطاع تكنولوجيا المعلومات في الإمارات تطورات نوعية، وضعت دولة الامارات في موقع الريادة على المستوى الإقليمي والدولي، حيث تحتل المرتبة الأولى عربيا وال 24 عالميا في مجال تكنولوجيا المعلومات، وتعد الإمارات أفضل 5 دول في العالم في مجال الجاهزية الشبكية، وجاء هذا التصنيف بعد إعلان أبو ظبي شهر أبريل 2011 عن إنجازها الكامل لشبكة الألياف البصرية، لتكون بذلك أول عاصمة في العالم مرتبطة كليا بشبكة الألياف الضوئية. السياسة الخارجية: الحكمة والإعتدال والفعالية تتسم السياسة الخارجية للإمارات بالحكمة والإعتدال، وترتكز على قواعد إستراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على التزامها بميثاق الأممالمتحدة واحترامها للمواثيق الدولية وإقامة علاقات تعاون مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين والجنوح نحو حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين. وقد انضمت الإمارات كعضو مراقب في الإتحاد الإفريقي شهر مارس 2001 وهي أول دولة خليجية وثاني دولة عربية تنضم لعضويته. وعلى أساس ذلك، تواصل الإمارات سعيها لاستعادة جزرها الثلاثة المحتلة ، وتعتبر ما تقوم به إيران من إجراءات تهدف إلى تغيير الوضع القانوني والمادي والديمغرافي للجزر إجراءات باطلة وتعد انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. وتطالب الإمارات جارتها إيران بالدخول في مفاوضات جادة ومباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. وبناء على ثوابتها الدبلوماسية، تقف الإمارات بقوة مع الشعب الفلسطيني في سعيه لبناء دولته عاصمته القدس، وتستنكر تنصل إسرائيل من التزامتها تجاه عملية السلام، وتؤيد انضمام فلسطين كعضو كامل الحقوق في منظمة الأممالمتحدة. وتساهم الإمارات في الجهود الدولية لمكافحة القرصنة والإرهاب ومخاطر انتشار الأسلحة النووية ومكافحة الإتجار بالبشر وحقوق الإنسان. حيث قدمت مبلغ 1.4 مليون دولار لصندوق الأممالمتحدة لمحاربة القرصنة من أصل 5.6 مليون دولار جمعها المؤتمر الدولي لمحاربة القرصنة. وانضمت الإمارات في عام 2009 إلى بروتكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالبشر وخاصة النساء والأطفال. وكانت الإمارات أول دولة في المنطقة تسن قانونا شاملا لمكافحة هذه الظاهرة عام 2006. كما تعتبر الإمارات عضوا نشطا في مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، وهي تسعى للعضوية الدائمة فيه خلال الفترة 2012 – 2015. وتعبر الإمارات دوما عن قلقها إزاء استمرار البرنامج النووي الإسرائيلي خارج رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتدعم بقوة المؤتمر الدولي المزمع عقده عام 2012 لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي. وتدعم الإمارات كافة الجهود الدولية من أجل إيجاد تسوية سلمية دائمة للملف النووي الإيراني. أما بخصوص سعي الإمارات للحصول على برنامج نووي مدني سلمي فإنها تلتزم بأعلى درجات السلامة والأمان وعدم الإنتشار والشفافية في تشغيله حسب ما هو محدد في وثيقة 2008. خير دولة الإمارات يتدفق على العالم لقد تميزت الإمارات بين المجموعة الدولية بتقديمها المساعدات الإنسانية والتنمية إقليميا ودوليا، حيث أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الإمارات حققت المرتبة الأولى في حجم المساعدات الخارجية ضمن الدول المانحة بالمقارنة مع ناتجها الإجمالي القومي، متفوقة بذلك في عام 2009 على أمريكا وكندا وأستراليا واليابان. للإشارة فإن 95 بالمئة من المساعدات الخارجية التي قدمتها الإمارات عام 2009 هي على شكل منح لا ترد. وقد بلغ إجمالي المساعدات في هذه السنة حوالي 3 مليار دولار، لأكثر من 90 دولة في العالم. وتساهم نحو 21 جهة إنسانية وخيرية في الدولة في تقديم هذه المساعدات من بينها : مؤسسة زايد للأعمال الخيرية، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الإنسانية والخيرية، وصندوق أبو ظبي للتنمية، والهلال الأحمر. ونفذت الإمارات خلال الأعوام الأخيرة عمليات ضخمة إغاثة منكوبي الأزمات والكوارث الطبيعية منها مساعدة الأشقاء الليبيين، وحملة »العطاء العالمية« التي أطلقها الشيخ حمدان بن زايد رئيس هيئة الهلال الأحمر، التي تستهدف علاج مليون طفل حول العالم، وقد تمكنت حتى الآن من علاج 60 ألف طفل ومسن. الإمارات مركز إقليمي للثقافة والفنون تعمل الإمارات جاهدة لتكون مركزا إقليميا للثقافة والفنون والتراث وجسرا للتواصل الحضاري مع العالم، من خلال العديد من المشاريع الثقافية، التي تحتضنها جزيرة السعديات، التي تضم متحف زايد الوطني، ومتحف اللوفر، ومتحف غوغنهايم العالمي، ومنارة السعديات الثقافية، وخور دبي الثقافي، الذي يهدف إلى تحويل دبي إلى مركز عالمي للثقافة يمتد على طول 20 كلم، فضلا عن مشروع المتاحف العالمية بدبي، الذي يتم فيه عرض الكنوز الفنية والثقافية العالمية . وبحلول عام 2014 سيتم فتح الفروع المحلية لمتحف »اللوفر« و »وغوغنهايم«، وجامعتي »نيويورك« و »السوربون«، وتهدف إلى توسيع المبادلات الثقافية بين الشعوب والدول، والرد الأمثل على دعوات التطرف والإرهاب. التجربة الرائدة في كل عام يأتي فيه يوم الثاني من ديسمبر يسترجع الإماراتيون بكل فخر وإعزاز المراحل والمحطات المختلفة التي مرت بها دولة الوحدة، والتحديات التي استطاعت تجاوزها بعزم قادتها وتصميم أبنائها، والتضحيات الكبيرة التي بذلت على مدى السنوات الماضية من أجل أن تصل الإمارات إلى ما وصلت إليه من تقدم وتنمية ورفعة. في هذا اليوم، الثاني من ديسمبر من كل عام، يتذكر الإماراتيون بكل إكبار ووفاء القائد المؤسس لدولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكيف كان إيمانه المطلق بالوحدة هو وإخوانه حكام الإمارات زاد المسيرة الصعبة والطويلة الذي مكنها من المضي في طريقها بكل ثقة وثبات وقيادة سفينة الوطن إلى شاطئ الاستقرار والتنمية والمنعة. إن ما بذله المؤسسون الأوائل لدولة الاتحاد من جهد وتضحية، وما واجهه الآباء والأجداد من صعاب وتحديات، لم تستطع أن تنال من عزمهم وعزيمتهم، هو سجل مملوء بالدروس للأجيال الحالية والقادمة، وصفحات ناصعة في سجل التاريخ، تؤكد أن الإيمان بالوحدة والتفاف الإماراتيين حول قيادتهم وولائهم لها، والثقة بالقدرة على النجاح، وتجاوز العقبات والصعاب، هي الأركان الأساسية ل “المعجزة الإماراتية” التي تمثل مصدر إلهام في محيطيها الإقليمي والعالمي.