أصدر الرئيس المصري محمد مرسي، إعلاناً دستورياً جديداً، بعد حوار جمعه أمس الأول بالعديد من الشخصيات البارزة وغابت عنه قوى المعارضة، تقرّر بمقتضاه إلغاء الإعلان الدستوري السابق، والإبقاء على موعد التصويت على دستور مصر الجديد في موعده. ألغى مرسي ليلة السبت الإعلان الدستوري الذي أصدره في 22 نوفمبر الماضي ومنحه صلاحيات جديدة ما تسبب في أزمة سياسية حادة، حيث أصدر إعلانا جديدا لكنّه أبقى الاستفتاء على مشروع دستور مصر الجديد في موعده السبت القادم. ومن أبرز ما جاء في الإعلان الجديد، أنّه وفي حالة عدم موافقة الناخبين على مشروع الدستور المعروض لاستفتاء الشعب يوم السبت المقبل، فسيدعو الرئيس خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة مكونة من مائة عضو انتخابا حرّا مباشرا، كما تضمّن الإعلان بندا مفاده أنّ الإعلانات الدستورية بما فيها الإعلان الجديد، غير قابل للطعن أمام أيّة جهة قضائية وتنقضي الدعاوي المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم. وقال أمس، أحمد سعيد عضو جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، إنّ قرار الرئيس محمد مرسي المضي قدما في إجراء استفتاء على مسودة الدستور الجديد صادم وسيعمق الأزمة السياسية، وأضاف عضو جبهة الإنقاذ الوطني ورئيس حزب المصريين الأحرار أن ذلك يجعل الأمور أسوأ بكثير، ومضى يقول إنه لا يستطيع أن يتخيّل تمرير دستور لا يمثل كلّ المصريين بعد كل ما جرى. كما دعت جبهة الإنقاذ الوطني قوى المعارضة المصرية في بيان مساء السبت، المصريين إلى الاستمرار في التظاهر والاحتشاد السلمي حتى تحقيق المطالب، ملوحة بالإضراب العام لإسقاط الإعلان الدستوري وإرجاء الاستفتاء على مشروع الدستور، وشدّدت الجبهة على دعمها شباب مصر في اعتصامه السلمي بجميع ميادين مصر حتى تتحقق المطالب، مضيفة أن كلّ مؤشّرات الأيام الماضية تؤكّد إرادة الشعب المصري في دخول إضراب العام. من جهة أخرى، رفضت الكنائس المصرية الثلاث »الإنجيلية والكاثوليكية والأرثوذكسية«، الإعلان الدستوري الجديد، وقالت إنّه لم يتطرق لتأجيل الاستفتاء على مسودة الدستور، فقد أكّد المتحدث الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية، الأب رفيق جريش، أنّ الكنائس كانت تفضّل أن يتمّ تأجيل الاستفتاء خاصة أن فقهاء دستوريين أكدوا أن موعد الاستفتاء يوم 15 من الشهر الجارى موجود بالإعلان الدستوري الذي استفتى عليه الشعب بصيغة إرشادية وليست إلزامية، متسائلا لماذا يتمّ الأخذ بحرفية النص، في حين أنّ أوضاع البلاد غير مستقرة ولا يوجد هدوء في الشارع بالإضافة إلى عدم التوافق على مسودة الدستور أيضاً. أمّا الدعوة السلفية، فقد قالت إنّ الإعلان الدستوري الجديد تضمّن خارطة طريق واضحة في حالة تصويت الشعب على الدستور ب»لا«، وهو إعادة الأمر إلى الشعب لانتخاب جمعية تأسيسية، معتبرة بأنّ في ذلك إعلاء لإرادة الشعب، وجدّدت الدعوة إلى التصويت ب»نعم« على مسودة الدستور، لاستكمال مؤسسات الدولة والخروج من شرنقة المرحلة الانتقالية، والانتقال إلى المرحلة المستقرة وتحريك عجلة التنمية. يأتي ذلك في الوقت الذي ناشد فيه رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، كافة القوى السياسية، للتدخّل لإنهاء الاعتصامات والتوجّه للتصويت يوم السبت، حتّى يعبّر كلّ فريق عن موقفه من خلال صناديق الاستفتاء، وأضاف قنديل، في بيان له أمس، أنّ أمام الجميع فرصة تاريخية لإثبات مواقفهم، موضحا أن الشعب هو صانع المستقبل، وهو صاحب القرار، طالما أن لديه الحرية في اللّجوء إلى الصندوق، من خلال تصويت ديمقراطي حرّ ونزيه. وتتواصل الاحتجاجات في مصر ضدّ الإعلان الدستوري وضدّ قرار الرئيس مرسي بالإبقاء على موعد التصويت، وتحدثت تقارير عن خروج خمس مسيرات لقصر الاتحادية بالعاصمة المصرية أمس وذلك من أجل رفض الإعلان الدستوري الجديد والاستفتاء على الدستور، وذكرت التقارير أن مداخل قصر الاتحادية أغلقت بالكتل الإسمنتية، مشيرة إلى أن هناك دعوات للتظاهر والخروج بالملايين ليس للمطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري الجديد فحسب، وإنما لإسقاط النظام، فيما يرى حقوقيين ودستوريين وقانونيين في مصر أن الإعلان الدستوري الجديد هو مجرّد تكملة لسابقه الذي يكرّس للديكتاتورية الواضحة والمباشرة.