بادرت محافظة الأفلان بحسين داي مشكورة بتنظيم تأبينية للراحل عبد الرزاق بوحارة، وهي مبادرة جديرة بالتنويه، تنم عن حرص المناضلين على تكريم الرواد من المجاهدين والمناضلين وتخليد أعمالهم وأفكارهم. لقد رحل المجاهد والمناضل عبد الرزاق بوحارة وهو الذي كرس حياته في خدمة الجزائر كما خدمها منذ نعومة أظافره، عندما التحق بجيش التحرير الوطني مجاهدا ومدافعا عن كرامة وسيادة وحرية الجزائر، ثم في صفوف الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال، ثم مسؤولا وقياديا في وظائف سامية في الحزب والدولة. لقد أجمع المتدخلون في هذه التأبينية على أن رحيل بوحارة يمثل خسارة كبيرة، وهذا الكلام ليس من قبيل القنوط أو اليأس من رحمة الله أو الاعتراض على حكم القضاء والقدر، بل هو تعبير عن حزن على فقدان رجل بتاريخ وإخلاص ووفاء وثقافة وحكمة ورشد ونظافة وأخلاق سي عبد الرزاق بوحارة. تماما مثلما ثكلنا في المرحوم عبد الحميد مهري، ذلك الرجل الرزين والحكيم، نشعر اليوم جميعا أو على الأقل الذين لا يزالون يأملون في إصلاح وتقويم الأوضاع في الجزائر، ويحنون إلى أمجاد الجزائر وعبق تاريخها وعلو شهدائها، بأن قائمة الرجال المخلصين في تناقص مخيف. لذا فإن واجب الجزائر نحو هذا النوع من الرجال هو الاعتزاز بهم ، كما حصل مع العديد من الكفاءات الوطنية المتخلقة والأصيلة ووضعهم في الأماكن التي تليق بهم، خسارة الجزائر ومعها حزب جبهة التحرير الوطني كبيرة لأن سي عبد الرزاق بوحارة كان قادرا على حماية الأفلان من مخاطر التآمر وحروب تصفية الحسابات التي لم تتوقف ضد الحزب منذ عام ,1962 وذلك لأن فرنسا تحلم باليوم الذي ترى فيه كل رموز الثورة في المتحف أو في طي النسيان. لقد رحل بوحارة نظيفا عزيزا كريما، بعد جهاد حقيقي وعطاء سخي وعلم واقر وخلق آسر، وأملنا أن نعرف كيف نعوض كل هذه الخسائر من خلال استعادة الشباب التائه وربطه برموزه وأمجاده وتاريخه، لعله يفرخ لنا رجالا من شاكلة مهري وبوحارة وقبلهما بن مهيدي وبن بولعيد وبومدين، وكل الرجال المخلصين الذين أنجبتهم الجزائر. فشكرا لمناضلي محافظة حسين داي ولكل المناضلين ورفقاء الفقيد الذين أبوا إلا أن يخلدوا ذكرى الراحل سي عبد الرزاق بوحارة، اعترافا منهم بنضاله ووفاء لأفكاره. ولعل الاعتراف لأهل الفضل يقتضي الإشادة بالدور الذي اضطلع به عدد من المناضلين في إقامة هذه التأبينية، نذكر منهم عبد الرشيد بوكرزازة ومصطفى بوعلاق، مع الاعتذار لبقية الإخوة الذين سهروا على تنظيم هذه التأبينية.