بمجرد الإعلان في 4 جويلية الفارط عن زيارة مرتقبة للوزير الأول عبد المالك سلال لولاية المسيلة والتي سيعرج خلالها على مدينة بوسعادة تسارعت وتيرة الأشغال في المناطق المفترض زيارتها خاصة القطب السكني بالباطن والمسبح النصف الاولمبي . بالتوازي مع الأشغال الجارية في عدد من الورشات المنتظر أن يقف عندها الوزير الأول، نشط الشباب عبر مواقع التواصل الإجتماعي لكسر رتابة الصيام والجميع يعلق أمالا على هذه الزيارة الميدانية التي لم تشهد المدينة مثلها منذ تلك التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سنة 2004، ومن خلال رصدنا لمختلف الانشغالات المطروحة على صفحة أحباب بوسعادة التي نشرت استبيانا شارك فيه أكثر من 500 مشارك وتضمن زهاء 100 تعليق، وقفنا على ابرز المطالب التي يرفعها المواطنون منها إنشاء منطقة صناعية على غرار المناطق التي استفادت منها الولاية بكل من المسيلة وأولاد منصور وعين الحجل ويأتي التركيز على هذا المطلب بنية توفير ظروف استقدام مستثمرين وتشجيعهم على إنشاء استثمارات مختلفة بإمكانها استحداث مناصب شغل نظرا لتفاقم البطالة بالمنطقة حيث لا تتوفر المدينة إلا على وحدة صناعية واحدة وهي مصنع الأجر التابع لأحد الخواص أو مصنع صناعة الأحذية الذي تملكته مؤسسة الجيش الوطني الشعبي ويستوعب نسبة قليلة من اليد العاملة في مدينة سكانها تجاوز 150 ألف ساكن ، 70 بالمائة منهم من فئة الشباب كما يتمنى المتدخلون في الموقع من السيد رئيس الحكومة التدخل لانجاز مؤسسة صناعية هامة بإمكانها استحداث عدد معتبر من المناصب . وفي سياق موصول طالب أبناء المنطقة بتجسيد أحكام المرسوم رقم 01-350 الصادر منذ 2001 والمتضمن استفادة جنوب ولاية المسيلة من امتيازات صندوق الجنوب في مجال التنمية لتدارك التأخر المسجل في المشاريع واهم مطلب يلح عليه المواطنين الاستفادة من تخفيض سعر الكهرباء بنسبة 50 بالمائة كسائر الولايات المستفيدة من هذا القانون . وفي مجال السياحة وحماية البيئة ، اجمع المتدخلون بأن هناك تهديما ممنهجا لجميع المعالم التي كانت تزخر بها المدينة وأصبحت ملامح المدينة تتسم بالترييف وتفقد شيئا فشيئا صفة المدينة ذاتها ، فالبناء الفوضوي والغير متناسق أصبح يحاصر المدينة، فإذا كان الحديث في مناطق من الوطن حول بنايات فوضوية ، فالحال في مدينة بوسعادة يدور حول قرى فوضوية في أطرافها ، ولم يسلم من هذه الفوضى حتى المقابر التي تحولت أجزاء منها إلى بناءات فوضوية على غرار ضريح الفنان العالمي نصر الدين ديني إذ تم الاستيلاء على بستانه وتحول إلى بناءات وجزء منه تحول إلى إسطبل لتربية الماعز دون مراعاة لحرمة المقام. يحدث كل هذا في غياب من السلطات الوصية ودون وازع أخلاقي أو ديني بل حتى وادي بوسعادة الذي كان ملهما لعشرات من الفنانين ومناظره التي تزين أروقة المتاحف في العالم هو الآخر لم يسلم من التشويه فرغم انجاز الأسوار المحيطة به بأمر من سلال حين كان وزيرا للموارد المائية ، لكن كل ذلك لم يعد له بهاءه بحكم صرف المياه القذرة به ، ورغم الملايير التي استهلكت لفصل المياه القذرة عنه فان الحال لا يزال على حاله ولم تجد الحلول الترقيعية لتنظيفه، ومما أفقد الوادي جماله القضاء الممنهج على البساتين التي كانت تزين حوافه والتى عليها البناء الفوضوي من كل جانب رغم صرامة القانون في تحويل الأراضي الفلاحية إلى بنايات . لم يبق من صفة الواحة إلا كثبان الرمال التي هي الآخر محل استنزاف ليلا نهارا دون رقيب ولا حسيب وخارج كل القوانين السارية خاصة المرسوم الوزاري المشترك الصادرة سنة 2010 الذي يصنف واد ميطر من المناطق المحرم استخراج رمالها لما في ذلك من مخاطر بيئية ورغم قيام مصالح الولاية بإعداد جدول لتوزيع المستغلين في مناطق أخرى ولكن هؤلاء بآلياتهم لازالوا قابعين في أماكنهم، شأنهم في ذلك أصحاب المحاجر الذين طوقوا المدينة ، خاصة سكان منطقة المدينة الجديدة الذين يستنشقون الغبار صباحا مساءا ويكابدون الأمراض رغم شكاويهم المتعددة فلا مجيب . الاستغلال العشوائي للرمال لم يصبح مشكلا صحيا فقط بل أصبح يهدد المدينة جراء تآكل جوانبه وظهور مجاري أخرى تهدد البناءات والبساتين ، بل من المستغلين من احدث حفرا تزيد عن 20 متر في قاع الوادي مما تسبب في هدر أرواح بشرية لكن لا حياة لمن تنادي ، وللتوازن الجهوي نصيب في النقاش ففي الوقت الذي تتحدث مدن تضاهي مدينة بوسعادة عن الترامواي لازالت المدينة تفتقر حتى لمخطط المرور ولازالت الطرق المؤدية إليها تحصد الأرواح يوميا خاصة منها خط الهامل/ بوسعادة وطريق بسكرة وطريق الجزائر ، وحتى بالنسبة لهياكل الاستشفاء ففي الوقت الذي يطالب البعض بمستشفيات جامعية لازال مستشفى بوسعادة مجرد هيكل دون جراحين ولا زال المصابون يحولون إلى باتنة وسطيف والعاصمة ، بل وصل الحد من انعدام التكفل بالمرضى والموتى إلى جمع الأموال من المحسنين لشراء الأكفان للموتى أو تسديد نفقات السكانير عند الخواص للمعوزين ناهيك عن شراء الأدوية ، ولازال المواطنون ينتظرون الوعود والوعود في انتظار اليوم الموعود . بل حتى دار الولادة التي لا تزال مطلبا ملحا لكن لا مجيب ، وكل ما أنجز جناح الاستعجالات دون تأثيث كامل وجديد ، فضلا عن اللقاح المفقود للمواليد الجدد ، وحال قاعات العلاج في الأرياف .. وفي سياق الحديث عن التوازن الجهوي ، لازالت معايير التوزيع للمشاريع غير معروفة فاغلبها في مقر الولاية ، وكأن الهيئة التنفيذية للولاية مجلسا بلديا يحكم ما يسمى لجنة تسيير المدينة وحتى المؤسسات العمومية للانجاز كمؤسسة عدل وديوان الترقية والتسيير العقاري لا ينجز السكنات التساهمية إلا بمقر الولاية ، يعلن عن حصص لبوسعادة لكن سرعان ما تندثر وتحول بدعوى عدم وجود مؤسسات الانجاز والغريب أن مؤسسة عدل وبدل من بناء السكانات كما هو الحال في سائر المدن، في بوسعادة تبيع قطع الأراضي للمواطنين وتستثمر الأموال في مناطق أخرى . في مجال المياه لايزال مشروع سد مجدل يرواح مكانه رغم إشراف وزير الموارد المائية عبد المالك سلال منذ 05 سنوات على انطلاق الدراسات واعتماد المشروع ووقوفه شخصيا على مكان الانجاز، لكن لا اثر له إلى غاية اليوم فكل مرة يقال السنة المقبلة وقبلها قيل سينجز في المخطط الخماسي وانقضى المخطط الخماسي دون أن يرى المشروع النور، وعلى ذكر المياه فلازالت المدنية تعاني العطش حيث لا تتجاوز حصة كل منزل ساعتين في ال 10 أيام رغم العشرات من الخزانات التي أنجزت والقنوات التي تجددت في الوقت الذي توجد بساتين تسقى من قنوات جلب المياه والكل لا يبالي . عجزنا حقا عن سرد انشغالات المواطنين من خلال هذا الموقع وما سمعناه في مجالس ما بعد التراويح ، لكن القاسم المشترك بين سكان بوسعادة هو الأمل معقود على زيارة الوزير وطاقمه ، إذا وصلت هذه الانشغالات ولم تحجبها التقارير المعسولة التي تضلل المسؤول .