لا يجانب الصواب، من يرى أن حزب جبهة التحرير الوطني قد تعرض إلى هزة عنيفة كادت أن تجعل منه مجموعات متنافرة ومتناحرة، ولا يحيد كثيرا عن الحقيقة، إن هو أكد بأن الفضل في بقاء الحزب متماسكا موحدا، إنما يعود إلى تلك الإرادة التي تجلت في مواقف قيادته التي، رفضت أن تساوم على وحدة الحزب وتكفله بكل أبنائه مهما نأت بهم الحزازات والمصالح عن خط الحزب ووحدته. الذين تابعوا عن قرب دورة اللجنة المركزية التي احتضنها أمس فندق الأوراسي، يقرون بأن حزب جبهة التحرير الوطني قد استعاد صحته وعافيته وعنفوانه النضالي، بل إن تلك الدورة، التي جرت في أجواء من الشفافية والهدوء، قد أعادت إلى الأذهان صورة حزب تجاوز مرحلة النقاهة ولم يعد في موقف الدفاع، بل في موقع الواثق في قيادته، المطمئن إلى قواعده والمتأهب لخوض كل المعارك السياسية. وفي هذا السياق، يأتي إعلان حزب جبهة التحرير الوطني، من خلال اللجنة المركزية، عن ترشيح رئيس الحزب المجاهد عبد العزيز بوتفليقة للرئاسيات المقبلة، لإيمانه الراسخ وقناعته الأكيدة، بأن المناضلات والمناضلين هم وحدهم أصحاب القرار الداعم لرئيسهم، دعم الأوفياء الصادقين، الذين سيخوضون الانتخابات المقبلة بإرادة الفوز لمرشح الحزب. لقد كان من الطبيعي أن يكون حزب جبهة التحرير الوطني مبادرا وسباقا في هذه المسألة، لأن الأمر يخص رئيسه الذي أثبت جدارته في قيادة الدولة، ولأن هذا الموقف الداعم للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، موقف ثابت يلتزم به حزب جبهة التحرير الوطني من أجل مصلحة الجزائر أولا وأخيرا، ذلك أن الحصيلة الإيجابية للرئيس، منذ توليه رئاسة البلاد في سنة 1999 وقبل ذلك التاريخ، تؤهله بجدارة واستحقاق لخوض المعترك الانتخابي والرهان على ثقة الشعب. وليس الدافع، كما يروج الناقمون، حسابات شخصية أو ضيقة، بل الدافع الرئيس لترشيح المجاهد عبد العزيز بوتفليقة هو ضمان الاستمرارية لمشاريع البناء والتعمير، من أجل تحقيق طموحات الشعب في حياة أفضل وعيش أكرم، من خلال تكريس الأمن والاستقرار وترقية المستوى الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا ومواصلة ترسيخ الإصلاحات الشاملة. إن المنجزات الضخمة التي تحققت تحت قيادة رئيس الجمهورية، ماثلة أمام الجميع، ولا ينكرها إلا أولئك الذين فقدوا البصر والبصيرة. إلا أنهم لن يحجبوا عن أعين الشعب، تلك الحقيقة الناصعة المتمثلة في العمل الجبار الذي تقوم به بلادنا في مختلف القطاعات التي، تعرف اليوم حركية واضحة وتنتج خيرات جديدة لفائدة المواطنات والمواطنين، أينما كانوا في ربوع الجزائر. لهذا وغيره كثير، يرشح حزب جبهة التحرير الوطني رئيسه المجاهد لعهدة رئاسية جديدة. وها هي اللجنة المركزية ترسم ملامح الطريق للانتخابات الرئاسية، التي سيكرس فيها الحزب بصمته الواضحة ويضيف انتصارا جديدا، ليس للأمين العام بمفرده، بل لحزب جبهة التحرير الوطني ولجميع مناضلاته ومناضليه، الذين أرقتهم الخلافات والفرقة وبذلوا ما استطاعوا من جهد من أجل رؤية اللجنة المركزية تنعقد بسلام وتطوي صفحة الخلاف نهائيا. وقد تحقق هذا الهدف بالتئام الدورة السابقة التي انتخبت عمار سعداني أمينا عاما وباجتماع دورة الأمس التي رشحت عبد العزيز بوتفليقة للاستحقاق الرئاسي المقبل وزكت تشكيلة المكتب السياسي.