هددت عدة نقابات تنشط بقطاع الوظيفة العمومية بتصعيد احتجاجاتها خلال هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في محاولة للضغط على الحكومة لتلبية مطالبها، ويتعلق الأمر أساسا بقطاعات التربية الوطنية، الصحة العمومية، الجماعات المحلية، التعليم العالي، التكوين المهني وغيرها..تهديدات قابلتها اجتهادات ملفتة للانتباه من قبل الجهاز التنفيذي لتهدئة الوضع عبر اتخاذ بعض الإجراءات في الجانب الاجتماعي وتقديم التزامات مفادها إيجاد حلول للمطالب المرفوعة شرط إتباع طريق الحوار. يُنتظر أن تعيش عدة قطاعات وزارية مواجهة مباشرة مع التنظيمات النقابية التي تنشط بها خلال الثلاثة أشهر القادمة، أي الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، وهو شيء الذي بدأ يتجسد ميدانيا من خلال لجوء عديد النقابات إلى الإعلان عن ارتقاب تنظيم احتجاجات وإضرابات في حال ما إذا لم تُعجل السلطات العمومية في إيجاد حلول لمطالبها، ويتعلق الأمر بعدة قطاعات بالوظيفة العمومية، على رأسها قطاع التربية الوطنية الذي هددت جل النقابات التي تنشط فيه بتنظيم إضراب وطني يومي 26 و27 جانفي الجاري، ما يعني أن هذا القطاع سيُشل بشكل كلي خاصة وأن النقابات المعنية هي الأكثر نشاطا كالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين والمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني »كنابست« والنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني »سناباست«، وذلك بهدف المرافعة لمطالب مشتركة تتمثل أساسا في مراجعة القانون الخاص وبعض المنح والعلاوات، إلغاء المادة 87 مكرر بشكل نهائي وكذا بعض المطالب المهنية. نفس الشيء، لجأ إليه المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي »كناس« الذي لم يُحظ بما حُظيت به نقابات قطاع التربية من جلسات حوار مع الوصاية، رغم فشلها، بحيث يُرتقب أن يعقد هذا التنظيم النقابي من حين لآخر مجلسه الوطني بهدف إقرار الخطوة التي سيُقدم عليها خلال الأيام المقبلة والتي وصفها ب»الحاسمة«، في إشارة منه إلى إمكانية التوجه نحو مسار الاحتجاجات في حال بقاء صمت الوصاية تجاه المطالب التي رفعها والتي تتمحور كذلك حول مراجعة القانون الخاص بالأستاذ الباحث وملف الأجور، السكن وغيره، ويقول أحد الإطارات النقابية في رده على سؤال حول سبب اختيار هذا الظرف بالذات لتصعيد الوضع رغم الهدوء الذي ميز »الكناس« خلال الأشهر السابقة، أن الأمر لا يتعلق أبدا باستغلال الرئاسيات المقبلة للضغط على الحكومة لكن التغيرات التي حدثت على مستوى القدرة الشرائية، يُضيف، وبقاء الأستاذ الجامعي الوحيد الذي لم يستفد بمراجعة القانون الخاص وعدم التزام الوصاية بالتزاماتها بخصوص السكن والمنح، دفع الأساتذة إلى رفض هذا الوضع والتفكير في العودة إلى الاحتجاجات. وبدورهم لجأ أعوان الحرس البلدي الذين نظموا في السادس جانفي الجاري احتجاجا وطنيا إلى التهديد بالعودة إلى هذا المسار في حال عدم التعجيل في تلبية مطالبهم واصفين الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة بالسطحية وذهبوا إلى حد المرافعة لأجل استفادتهم بالحماية والحصانة كإدراجهم تحت وصاية وزارة المُجاهدين، نفس الشيء بالنسبة لعمال البلديات التابعين للجماعات المحلية الذين هددوا بدورهم بشل الإدارات العمومية وهو تهديد قابله إجراءات تهدئة من قبل الحكومة تجسدت في التصريحات التي أوردها أمس الأول وزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز، والتي مفادها إدماج جميع عمال ما قبل التشغيل التابعين لوزارة الداخلية ورفع أجور عمال البلديات ومستخدمي الإدارة العمومية وهو مطلب رافع من أجله هؤلاء العمال منذ مدة دون التمكن من تحقيقه. ولا تقتصر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل التهدئة على تلك التي أعلنها وزير الداخلية والجماعات المحلية بل شملت تعليمة وجهها مؤخرا الوزير الأول عبد المالك سلال لدوائر الوزارية يأمرها بضرورة فتح الحوار مع مختلف النقابات المُمثلة للعمال وهي التعليمة الثانية التي تحمل نفس المضمون منذ قدومه على رأس الجهاز التنفيذي..ناهيك عن الإجراءات التي تقوم بها وزارة العمل عبر وكالاتها المكلفة بالتشغيل التي باشرت مؤخرا استدعاء طالبي العمل ومطالبتهم بإعداد ملفاتهم من أجل مباشرة العمل.