في إطار برنامج الأسبوع الثقافي للمؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار كان الموعد أمس بفضاء المركز الثقافي مصطفى كاتب قبالة الجامعة المركزية مع ندوة »وزراء كتبوا«، حيث استعرض نخبة من الوزراء السابقين ممن تقلدوا حقائب وزارية مهمة في فترات مختلفة من عمر الدولة الجزائرية تجاربهم على غرار زهور ونيسي، لمين بشيشي ، كمال بوشامة، معرجين في حديثهم على علاقتهم كسياسيين بالكتابة على اعتبار الأخيرة فعل للحرية والإبداع. وتميزت الجلسة الحميمية التي سيرها عز الدين ميهوبي رئيس المجلس الأعلى للغة العربيةبالبوح بأدق تفاصيل التجربة كشهادة على مراحل مهمة للجزائر الحديثة. وثمن المشاركون في الندوة مبادرة المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار وحهود مديرة النشر سميرة. وتناولت زهور ونيسي مرجعية الكتابة لديها والخلفيات التي انطلقت منها باعتبارها سليلة المدارس الحرة التابعة لجمعية العلماء المسلمين وأولى تجاربها في الكتابة القصصية بقسنطينة. وقالت أن الكتابة لم تبدأ مع المناصب التي تولتها بل منذ طفولتها، وبالتالي لا علاقة بالمسؤوليات السياسية التي تقلدها بنزوعها نحو الكتابة، مؤكدة أن الصدفة جعلت منها كاتبة والتقت من في مشوارها التعليمي بعمالقة الأدب الجزائري على غرار الشهيد رضا حوحو وأحمد توفيق المدني الذين شجعاها على الكتابة والنشر عبر جرائد جمعية العلماء المسلمين وهي لا تتعدى 17 عاما، واعترفت أنه بعد تقلدها لمنصب وزيرة في عهدة الشاذلي بن جديد كان وقتها منصب في مهامها لتكون أول وزيرة في الجزائر. وهو ما اعتبرته مسؤولية على عاتقها، ورغم ذلك لم تنقطع عن الكتابة حيث أصدرت وهي في الوزارة مجموعة قصصية نشرها لها رئيس المجلس الدستوري السابق بوعلام بسايح بعنوان »الضلال الممتدة« لتنقطع عن الكتابة إلى غاية إقالتها، لتصبح كما أردفت »حرة لمواصلة مسيرتها، كما استعرضت العوائق والذهنيات التي كانت تحول دون نشر وكتابة المرأة في مراحل عديدة من تاريخ الجزائر لكنها عمدت إلى تكسير الطابوهات مؤكدة أن الكتابة بناء وليسس هدم، حب وليس هدم وجريئة دون تطرف، موضحة أن مذكراتها التي استغرقت 10 سنوات هي عصارة تجربتها في كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والإبداعية، تراها ضرورية كشاهد عيان للجيل الجديد تعريفه على ماضيه، لأنها عاشت وروت أحداثا لا تتكرر رغم اعترافها أن ليست تأريخا جافا. من جهته تناول الوزير الأسبق للإعلام لمين بشيشي تجربته في عالم السياسية والكتابة وتعلقه بالفن ومراحله التعليمية بمدارس جمعية العلماء المسلمين وانتقاله إلى تونس وتحدث عن مؤلفاته الثلاثة حول الأناشيد الوطنية، وقال لمين بشيشي ألعن مرحلة هي تلك التي قضاها على رأس وزارة الإعلام لأنه »كان يطلع على الأخبار في اليوم الموالي كغيره من المواطنين دون أن يعرف عنها أي شيء« وأن أجمل مرحلة لديه كانت مرحلة التعليم والتدريس ومع تلاميذه، وكشف بشيشي أن حذف جزء من النشيد الوطني »قسما« المتكون من 5 مقاطع ثم إلى 4 مقاطع خاص بعبارة »يا فرنسا قد مضى وقت العتاب« كان بالقاهرة من طرف قيادات مصر بسبب الأجواء المتوترة التي كانت تعيشها مصر في تلك الفترة .1956 وتناول كمال بوشامة الذي نفى وكذب أن يكون قد ساعد أو شارك في كتابة مذكرات المجاهد ياسف سعدي، بل ساهم في كتاب ابنته زفيرة ياسف بعنوان »قلب الجزائر« الذي سيصدر قريبا تجربته في عالم السياسية والكتابة، مؤكدا ترسخها منذ شبابه ونضاله السياسي في حزب جبهة التحرير الوطني وخلال دراسته بجمعية العلماء المسلمين وجيل كامل من المعلمين الكبار. وأكد أنه لم ينقطع عن الكتابة رغم مسؤولياته في العديد من مؤسسات وهياكل الحزب ضمنها شبيبة جبهة التحرير الوطني ولجنة الإعلام وأيضا من خلال مقالاته في مجلة أسبوعية بشرشال ثم مجلة الثورة الإفريقية « موضحا أنه كان يكتب بأسماء مستعارة باللغتين وينتقد الأوضاع رغم انتمائه للحزب، وهو ما خلق له مشاكل عديدة على المستوى القيادات السياسية على غرار طلب الرئيس الشاذلي بن جديد من المناضل محمد الشريف مساعدية أن يخطره برغبته في التوقف عن الكتابة باسم مستعار هو كمال الشريف وأبو أسماء، مؤكدا أنه من خلال ال23 كتاب الذي أصدرها لم يتوقف عن الكتابة والخوص في قضايا التاريخ والسياسية والذاكرة، واعتبر ذلك مساهمة منه لتعريف الجيل الجديد برموزه وتاريخه عمقه الحضاري وفي تدخله خلال المناقشة تأسف المناضل علي هارون المحامي ورئيس فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا الاتهامات التي تطال جبهة التحرير الوطني من طرف الجيل الجديد من الشباب الجزائري والتشكيك في نضالها وتاريخها الشامخ والتقليل من دورها وقالا ا، الشباب يجهل دور جبهة التحرير الوطني لأنه بعد الاستقلال 1962 لم يكتب تاريخ الثورة وحقائقه معتبرا الكتابة مفيدة لصيانة الذاكرة من التشويه والضياع وأضاف قائلا «جبهة التحرير الوطني فادت معجزة وعلى من يكتب عليه أن يبتعد عن توظيفها وضرب سمعتها « ومثال على نضالها أن جبهة التحرير قامت بتزوير العملة الفرنسية بهولندا لخدمة الثورة ودعمها ونجحت في ذلك لولا خيانة عميل هولندي مزدوج.