في جلسة أدبية نظمت أمس بالمعهد الثقافي الإسباني بالجزائر شارك فيها كل من السفير الإسباني أليخاندرو بولانكو ماتا وممثل السفارة الكولومبية في الجزائر ألفونصو سوريا مندوزا ومديرة المعهد إحياءا لذاكرة الكاتب الكولومبي الراحل غابريال غارسيا ماركيز نشط الدكتور والمترجم محمد ساري والكاتب الإسباني خوان فينانتي بيكراس ندوة تم خلالها الغوص في خلفيات ومرجعيات الكتابة لدى صاحب جائزة نوبل عن « 100 عام من العزلة « التي بيعت بأكثر من 50 مليون نسخة وترجمت إلى أكثر من 25 لغة. ثمن السفير الإسباني أليخاندرو بولانكو ماتا جهود المعهد الثقافي الإسباني بالجزائر ومساهاماته في التواصل بين الثقافتين وتناول محطات من مسيرة الكاتب العالمي الراحل وتأثيره على الأدب المكتوب بالإسبانية وقال أن شهر أفريل حزين كونه شهد وفاة الكاتب الكولومبي الشهير غابريال غارسيا ماركيز، وأشار إلى تقاطع تجربة الكاتب الشهير ميغيل دي سرفانتس والكاتب الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز واعتبر الكاتب الراحل ماركيز رمز للوحدة و معقد لكنه بالمقابل مرتبط أشد الإرتباط بالعائلة والجذور وكان أبا رائعا ولم ينزع الروائي غابريال ماركيز إلى البحث عن الشهرة والمال على غرار بعض الكتاب الذين يسعون وراء المال والثراء وقد لوثوا بذلك الفضاء الإبداعي بل كان روائيا بالفطرة وحاميا للسرد اللاتيني والتاريخ وكان حسبه قارئا نهما يلتهم الكتب ويغوص في تفاصيل التاريخ وهو ما ساعده على صياغة سرد غني بالتراث وعناصر القيم الثقافة والتراث الأمريكو لاتيني واعتبره كاتب كبير وقامة أسست لنوع سردي جديد في الكتابة وبرز ذلك من خلال روايته « خريف الملك « ، « 100 عام من العزلة « ، «الحب في زمن الكوليرا« ومن جهته أوضح ممثل السفارة الكولومبية في الجزائر ألفونصو سوريا مندوزا أنه إكتشف كتابات الراحل غارسيا ماركيز وهو في مرحلة الثانوي وكانت حينها كولومبيا على غير إستعداد لمساع صوته وآراءه واعتبر قراءة روايات ماركيز الرائعة المفعمة بالسخرية والأسطورة والغرائبية متعة للغوص في أجواء السحر والجمال وأضاف أن كولومبيا 2014 مرتبطة أشد الإرتباط بإنجاز المبدع غارسيا ماركيز ودعا ممثل السفارة الكولومبية الكولمبيين إلى إعادة قراءة المنجز الروائي والإبداعي الراحل ماركيز لأنها بمثابة شهادة وإرث مشترك للجميع وجايلت مختلف التحولات وطالب كتمرين مشترك بضرورة إعادة قراءة كل مراحل حياة ماركيز وإعادة إستكشاف رؤيته من خلال كتاباته لتسمح لكولومبيا برسم رؤية جديدة في المستقبل في مداخلته إسترجع الدكتور محمد ساري محطات مهمة من حياة الروائي النوبلي غارسيا ماركيز الذي إلتقاه في إحدى محاضراته بباريس بعد ترجمة روايته «قصة موت مُعلن« وأضاف أنه نشر خطابا ترجمه بالتعاون مع الكاتب مرزاق بقطاش ونشر بالمجاهد الأسبوعي وقال أن الروائي الكولومبي غارسيا ماركيز الحائز على جائزة نوبل 1982 كاتب يبهرك بسرده وحكيه وقدرته على أسرك من أول جملة في روايته وأشار الدكتور محمد ساري إلى صعوبة الولوج إلى عوالم ماركيز بسبب تعدد منافذها وأبوابها وعوالمها وقد عرف ماركيز بتصريحاته المثيرة ومنها بعد صدور روايته « خريف الملك «حيث قال « لماذا تريدون أن يكون الكاتب دوما مرتبط بالفقر والأسى « باعتبار وجود من يريد أن يربط بين الكتابة ومعاناة الفقر كوقود لها وهو ما يرفضه ماركيز لأنه من حق الكاتب أن يعيش الرفاه وأكد المترجم محمد ساري أن ماركيز كان قبل إنطلاقه في كتابة أي نص روائي كان يروي تفاصيل مغايرة لكل على حدى ويقدم شخوص وأحداث مختلفة في نسخ مختلفة لنفس الرواية وكان قارئا نهما وطالب من يريدون ممارسة الكتابة ضرورة المطالعة والوقوف عند أحدث تقنيات الكتابة وتاريخ الكتابة الروائية ومستوياتها ودعا إلى ضرورة وعي بتاريخ الرواية ومراحلها حيث يعكف على قراءة كل الروايات والقصص والدراسات حتى يوظفها في صياغة روايته ، وقد رمى بمخطوطة روايته الشهيرة «100 عام من العزلة « لمدة 7 سنوات بعد أن وضعها في الرف ليكتشفها مرة أخرى وينقحها لتشكل أيقونة في الكتابة الأدبية العالمية ،وأضاف أن الكاتب غارسيا ماركيز أٍراد أن يحطم تأثير الكاتب الأمريكي فولكنر على الكتابة الروائية وبناء رؤية جديدة للكتابة لكنه لم يسلم من تأثيرات المدرسة الفولكنرية ويبدو ذلك من خلال بعض شخوص روايته وأشار أن غابو كان يجيب في سؤال عن أفضل روايته وأقربها إلى قلبه « آخر رواياتي « ليؤكد أنه مثل المولود الجديد الذي يحبه كثيرا كما تتميز كتاباته بالواقعية السحرية كنا يتميز باستخدام التقنية الحديثة في السرد الروائي حيث إستفاد من تقنيات الكتابة الحديثة وحافظ على السرد الحكائي والتراث الشفوي السحري ويبرز إلتزام غارسيا ماركيز من خلال ما تتضمنه روايته من وعي سياسي وموقف فإلى جانب الخطاب الروائي ثمة خطاب سياسي قوي وعميق لماركيز ويعمد إلى المزج بين الأحداث المعجزة والخارقة بتفاصيل الحياة اليومية والحقائق السياسية في أميركا اللاتينية. من جهته حلل الكاتب الإسباني خوان فينانتي بيكراس عوالم الراحل غابريال غارسيا ماركيز ومكانته المفصلية في الأدب الأمريكو لاتيني إلى جانب كارلوس فونتيس وفارغاس يوشا وبورخيس وكارلو أونتي وغيرهم ممن أسسوا للعصر الذهبي للأدب المكتوب بالإسبانية وهو ما ساعد على إنتشار اللغة الإسبانية وأكد أن القارئ يقف منبهرا أمام شلال الواقعية السحرية التي تقدم رؤية أخرى عن أمريكا اللاتينية و زخمها وتراثها الحكائي الساحر المفعم بالأسطورة وأصالة السرد هاته وتوظيفها لعناصر الثقافة المحلية والتقاليد السردية ساهم في إنتشارها لأنها عادت إلى الأصل والجذور وقد غذى ماركيز حسبه بكل هذه الكنوز نصوصه لتشع على القراء واعتبره أول من أسس للواقعية السخرية وطالب بضرورة قراءة يوميات المستكشف كريستوف كولومبوس « وقائع هندية « التي تعد أول سطر في الواقعية السحرية لأنها تمازج الواقع بالخيال والخرافة في توليفة رائعة موضحا أن الزخم التراثي وتنوعه كان رافدا وهو ما دفع بغابو القول أنه يريد أن يكون شاعرا وموسيقيا وراقصا وغيرها ، كما تناولت مديرة المعهد الثقافي الإسباني في الجزائر مكانة الكاتب الراحل غارسيا ماركيز في الأدب المكتوب بالإسبانية والذي ساهم في عالميته حيث كان يتمتع بأسلوب ساخر وقد إٍرتبطت به الأجيال الأدبية في إسبانيا لأنه يمثل الأب الأدبي .