أبرز المؤرخ دحو جربال سهرة أول أمس بالمكتبة الوطنية الحامة في ندوة حول «رهانات التاريخ و الذاكرة« أهمية تسليط الضوء في كتابة تاريخ الجزائر المعاصر على النزاعات الداخلية في حركة التحرير الوطني إبان حرب التحرير بدل من الاكتفاء بالتطرق إلى العلاقة بين قوات الاحتلال الفرنسي و الشعب الجزائري المحتل. و قال الباحث دحو جربال والأستاذ الجامعي ومدير مجلة شنقد« و مؤلف لعدة كتب حول تاريخ حرب التحرير الوطني خلال أن المطلوب اليوم من المؤرخين هو «النظر إلى النزاعات و الخلافات التي جرت داخل حركة التحرير الوطني و التي تم تغطيتها بالصمت« و أكد أن دور المؤرخين هو «الاستفسار حول ما وقع داخل صفوف جبهة و جيش التحرير الوطني من صراعات و اصطدامات و تصفيات و حول الدوافع التي أدت إلى ظهورها« حتى كما حذر«لا يأتي أناس آخرون يتحدثون عليها بنوع من الذاتية و النزعة و من اجل أغراض سياسية أو خاصة و يحولونها إلى قصة تاريخية رسمية تدرس للأجيال الناشئة«. و اعتبر أن هناك خيارين أمام المؤرخين «إما القيام بعملهم و بواجبهم تجاه الذاكرة الجماعية و ذلك بمحاولة الاستفسار عن ما وقع حقيقة داخل حركة التحرير الوطني من صراعات أو ترك السلطة السياسية تلعب دور الناطق الرسمي للتاريخ و الذاكرة«. و أبدى جربال في هذا الصدد تأسفه لإستحالة الوصول إلى الوثائق و السجلات و غيرها من الأرشيفات الخاصة بهذه الحقبة التاريخية التي توجد على حد قوله «مدسوسة لحد اليوم في الخزائن تحت وصاية بعض الأوساط الرسمية«. و بعد أن أكد أن تقارير و محاضر إجتماعات المسؤولين الثوريين في الولايات التاريخية و القرارات التي كانوا يتخذونها كانت تدون في سجلات, تساءل المتحدث عن مكان تواجدها حاليا معتبرا أن «المؤرخين في أمس الحاجة إليها للقيام بعملهم و بحوثهم الأكاديمية و للحديث عن هذا الشق من تاريخ حرب التحرير بكل وضوح وصراحة«. و ركز الدكتور دحو جربال في مداخلته بصفة خاصة على حركة التحرير الوطني في الولايتين التاريخيتين الأولى منطقة الأوراس و الثالثة منطقة القبائل اللتان كما أشار «عانتا الأكثر من النزاعات الداخلية« و اعتبر بصفة عامة أن «أعراض و آثار الصدمة المكبوتة التي عاشها المجتمع الجزائري جراء العنف الاستعماري من جهة و النزاعات الداخلية في حركة التحرير من جهة أخرى لا تزال تظهر إلى يومنا هذا في العلاقات الاجتماعية«.