مسألة الاستعمار لا تزال في الذاكرة المكبوتة لدى أغلبية الفرنسيين قال الأستاذ الجامعي والمؤرخ دحو جربال، إن أغلبية الفرنسيين مازالوا يعتبرون مسألة استعمار الجزائر ”نقطة سوداء”، كما أنها ما تزال موجودة في” الذاكرة المكبوتة” عند الفاعلين الذين يرفضون التحدث عنها لأبنائهم”. وخلال مائدة مستديرة تحت عنوان :« الاحتفالات باستقلال الجزائر” نظرات متقاطعة”، نشطت أول أمس السبت، في إطار التظاهرة الثقافية “كوميديا الكتاب” التي تنظم في مدينة مونبوليي، صرح المحاضر أن”كل ما قيل إلى غاية اليوم في فرنسا حول حرب الجزائر يرتكز على مستويين”، ذاكرة الدولة الفرنسية والنتاج الرسمي للمؤرخين ثم هناك الذاكرة المكبوتة”. وفي هذا الصدد، ذكر مدير مجلة الدراسات والنقد الاجتماعي” نقد”، أنه خلال حرب الجزائر (1954-1962) تم تجنيد ما لا يقل عن مليون ونصف مليون فرنسي في الجزائر. وخلال هذا اللقاء الذي نظمته جمعية “ كو دي سولاي” الشريك في تظاهرة “كوميديا الكتاب”، أوضح ذات المؤرخ أن “الجيل الجديد من المؤرخين الفرنسيين واجه مشكلة في البحث عن الحقيقة، لأن سابقيهم لم يبوحوا لهم بشيء”. وأردف السيد دحو جربال أن “ مسألة الاستعمار في الأصل تعد بمثابة هفوة أو انحراف مقارنة بقيم فرنسا”، مشيرا إلى أن الرهان الحالي في ضفتي المتوسط يكمن في “التكلم” عما جرى خلال هذه الفترة، للخروج أخيرا من “ الذاكرة المتألمة “. ومن جهته، اعتبر رئيس “كو دي سولاي” جورج مورين، أن فرنسا في الجزائر ناقضت ثلاثية”حرية ومساواة وأخوة”. كما أضاف يقول، إن “الاستعمار لم يكن في مستوى فرنسا ولا في مستوى قيمها”، ولدى تطرقه إلى “اتخاذ الوعي” لدى عدد من فرنسيي الجزائر من بينهم هو شخصيا المولود بمدينة قسنطينة، بأن الأمور لم تجري “ بالسهولة التي نعتقدها، فقد تأسف المتحدث الذي تناول حصيلة ذكرى انتهاء حرب الجزائر، كون المحنين للجزائر الفرنسية مازالوا يشيدون سنة 2012 النصب التي تمجد قدماء المنظمة المسلحة السرية، التي غالبا ما تتم بحضور مسؤولين في الجمهورية”. كما تطرق المتحدث إلى “المبادرات القوية” التي اتخذها الرئيس هولاند خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى الجزائر في ديسمبر الماضي، معترفا أمام البرلمانيين بالنظام الاستعماري الجائر قبل أن يشيد بموريس أودان. وتهدف جمعية كو دي سولاي التي أنشئت في باريس سنة 1985، إلى جمع كل المتمسكين سواء من الناحية التاريخية أو من خلال الصداقة” ببلدان المغرب العربي، بغية ترقية ثقافة هذه البلدان مع مكافحة كل أشكال الاقصاء والانطواء على الذات. وتعد الجزائر ضيف شرف الطبعة ال28 لكوميديا الكتاب، وهي تظاهرة ثقافية سنوية تنظم في مونبوليي بمشاركة أكثر من مئتي كاتب قدموا أساسا من الجزائر والمغرب وتونس وإسبانيا وفرنسا، وستكون الجزائر وكتابها وفنانيها على وجه الخصوص، ضمن هذه البرمجة الثرية والمتنوعة من بين الضيوف البارزين، بهدف الاحتفال بعلاقات التوأمة والصداقة التي تجمع منذ 2008 مدينتي وجامعتي مونبوليي وتلمسان.