يُنتظر أن تشهد عدة قطاعات دخولا اجتماعيا صعبا هذا العام بعدما هددت عديد النقابات بالعودة إلى الاحتجاجات وتصعيدها في حال بقيت انشغالاتها دون تسوية، ويتعلق الأمر أساسا بخمسة قطاعات إستراتيجية هي التربية الوطنية والصحة العمومية والتعليم العالي والبحث العلمي والعمل والتشغيل وكذا الجماعات المحلية، ما يضع الوزارات المعنية في موقع لا تُحسد عليه سيما وأن بعضها تتجاوزها أصلا المطالب المرفوعة كونها تتمحور حول الأجور والقوانين الأساسية والأنظمة التعويضية.. تتضح معالم الدخول الاجتماعي المقبل من خلال إقرار عديد النقابات سواء المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين أو تلك المستقلة عقد اجتماعات لمجالسها الوطنية ومكاتبها التنفيذية بداية من الأسبوع المقبل وكذا النصف الأول من شهر سبتمبر، وهو حال بعض القطاعات الحساسة كالتربية الوطنية الذي سيشهد عدة احتجاجات هددت بها النقابات المُمثلة لبعض الفئات في مقدمتها الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين »إينباف« ونقابة »الكنابست« وكذا النقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين والاتحادية الوطنية لعمال التربية..وهو ما دفع الوزيرة نورية بن غبريت مؤخرا إلى عقد لقاءات مع هذه النقابات بهدف تهدئة الوضع ومُحاولة إيجاد حلول تُرضي الطرفين لتجاوز هذه العقبة خاصة وهي تواجه أول دخول اجتماعي لها منذ تنصيبها على رأس هذا القطاع، لكن يبدو من خلال المُعطيات الأولية أن اللقاءات لم تنته إلى ما كانت تنتظره هذه التنظيمات النقابية. نفس الشيء بالنسبة لقطاع الصحة العمومية الذي استفاد في وقت سابق بهدوء نسبي بعد اللقاءات التي كانت جمعت الوزير محمد بوضياف بمختلف نقابات القطاع، هدوء يبدو أنه لن يستمر بعدما لجأت جل النقابات النشطة فيه إلى التهديد بشن احتجاجات وطنية بداية من الدخول الاجتماعي بسبب ما تُسميه »تنصل الوزارة من مهمتها في مراجعة القانون الأساسي والنظام التعويضي«، وهو الشأن بالنسبة للنقابة الوطنية لأعوان التخدير والإنعاش التي أعلنت مؤخرا انضمامها إلى نقابات القطاع التي أعلنت عقد مجالسها الوطنية سبتمبر المقبل للفصل نهائيا في الخطوات التي ستتخذها لتحقيق مطالبها وهو ما ذهبت إليه النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية ونقابة الأخصائيين والنقابة الوطنية للقابلات والنقابة الوطنية لشبه الطبي. وبدورها تُصر النقابات التي تنشط في قطاع التعليم العالي والبحث العليم بما فيها المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي »كناس« والنقابة الوطنية للأساتذة الجامعيين التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين على ضرورة التوصل إلى حلول عاجلة لمطالبها وذلك بعد هدنة مع الوصاية دامت سنوات وانتهت بمُعاودة هذه النقابات رفع مطلب مراجعة أجر الأستاذ الجامعي الذي تراه أصبح لا يتناسب مع مستواه بعدما شهدت بعض القطاعات الأخرى إعادة النظر في نظامها التعويضي، تحركات تأتي موازاة مع الغموض الذي لا يزال يطبع القرار المتخذ بخصوص المادة 87 مكرر المتعلقة بكيفية حساب الحد الأدنى للأجور، بحيث لا يزال الاتحاد العام للعمال الجزائريين مُصر على أن الرئيس بوتفليقة فصل في قرار الإلغاء بينما تذهب الحكومة إلى الحديث عن التعديل مبررة ذلك بالغلاف المالي الهام الذي سيُكلفه الإلغاء، ما سيضع وزارة العمل والتشغيل أمام وضع صعب باعتبارها المُكلفة بمتابعة هذا الملف، ملف يُضاف إلى المشاكل التي طرأت مؤخرا بينها وبين الاتحاد العام للعمال الجزائريين حول المشروع التمهيدي لقانون العمل الجديد والذي اتضح من خلال مسودته الأولى أنه لم يحمل الاقتراحات التي قدمتها قيادة المركزية النقابية خاصة فيما يتعلق عقود العمل. في السياق ذاته، يُنتظر أن يشهد قطاع الجماعات المحلية بدوره احتجاجات وهو ما يتضح من خلال التهديدات التي أطلقتها الفدرالية الوطنية لعمال البلديات التابعة لنقابة »سناباب« بالدخول في إضراب لمدة ثلاثة أيام شهر سبتمبر المقبل كخطوة أولى والتصعيد في حال عدم استجابة السلطات المعنية لمطالبها المتمحورة حول الأجور. وأمام هذه التهديدات تكون القطاعات الوزارية المعنية أمام تحدي صعب سيما وأن وعودها بتسوية بعض المطالب المرفوعة تكررت عدة مرات دون أن تتجسد ميدانيا، علما أن بعض المطالب الأساسية التي ترفعها جل النقابات تتجاوز هذه الوزارات كونها تتمحور حول ملف رفع الأجور ومراجعة القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية وهي ملفات تتطلب إصدار قرارات فوقية.