سقطت صنعاء في أيدي الحوثيين، ومعها سقطت كل الشعارات الفارغة عن وحدة الشعب اليمني التي لا يتسرب إليها الشك أبدا. الحرب في اليمن مستعرة منذ سنوات، وكل مبادرات الحل لم تفلح في وقف النزيف. ما سمي بالمبادرة الخليجية لم يطبق أبدا، والاتفاق الذي تم الإعلان عن التوصل إليه بين الحكومة والحوثيين أول أمس لم يوقف المعارك، والمؤكد أن سيطرة الحوثيين على العاصمة سيفرض توازنات جديدة على ضوئها سيتم التفاوض والتوصل إلى حل. طالما قال الخليجيون إن اليمن تواجه محاولة إيرانية للسيطرة عليها، وقد ارتبط ذكر الحوثيين بالنفوذ الإيراني، وقد كانت اليمن لسنوات جبهة من جبهات الحرب غير المعلنة بين الخليجيين وإيران، وتضاف اليمن إلى الجبهات الأخرى في سورياوالعراق والبحرين. الجدل حول الطرف المعتدي عقيم ولا فائدة ترجى من ورائه، فالأزمة اليمنية معقدة جدا، وأطرافها كثر، لكن السؤال الذي يجب أن يطرح الآن هو إذا كان الخليجيون قد سعوا إلى منع إيران من التسلل إلى اليمن والسيطرة عليه، وهو دولة مجاورة للسعودية، وفشلوا في ذلك فكيف سيكون الوضع على جبهات المواجهة الأخرى؟ في سوريا المعركة مستمرة، وهي تتأرجح بين تقدم وتراجع للنظام وحلفائه، وأهمهم إيران، وفي العراق انتهت جولة وهناك جولات كثيرة في الانتظار، والشرر يتطاير ويهدد بإحراق كثير من الدول. ما جرى في اليمن يؤكد أن لعبة الحرب خطيرة وهي ليست في مصلحة أحد، ومن يعتقد أنه بإمكانه فرض توازنات معينة بالقوة فهو واهم، لأن هذه الحروب الهامشية هي إضعاف لكل دول المنطقة، وهي أبواب ينفذ من خلال الأجنبي لتكريس هيمنته. ليس أمام العرب وإيران إلى البحث عن قواعد للتوافق، فما يجمعهما أكثر مما يفرقهما، وإذا لم تكن من مصلحة تجمعهما فإن العدو الواحد الذي يهددهما يكفي لجمعهما على هدف واحد إلى غاية زوال الخطر على الأقل.