ماذا كان العالم ينتظر من الفلسطينيين بعد الإعلانات المتكررة لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو بعدم وضع أي قيود على عملية الاستيطان في القدسالمحتلة؟ وأي رد يمكن أن يصدر عن الفلسطينيين على الاعتداءات اليومية التي تطال مقدساتهم، والإرهاب الذي يمارسه المستوطنون؟ ثم ما الذي يمكن توقعه من شعب يتعرض للإهانة منذ ستة وستين عاما، ويجري شنق أبنائه بكل برودة دم؟ الهجوم على كنيس يهودي في القدس، وقتل خمسة من رواده، كان أمرا متوقعا، ولا بد من توقع أكثر من هذا بكثير، وقول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بأن ما جرى "إرهاب بحت" لا يغير في واقع الأمر شيئا، فأمريكا رفضت أن تكون وسيطا محترما وذا مصداقية عندما اختارت صف إسرائيل، وزكت كل جرائمها ضد الأرض، والإنسان، والمقدسات في فلسطينالمحتلة. لا أحد بوسعه أن يقدم دروسا في الأخلاق، والذين يدينون الهجوم على المدنيين، من أي طرف كان، عليهم أن ينتبهوا إلى أن الشعب الفلسطيني كله أعزل، فلا دولة، ولا جيش، ولا سلاح، ولا سيادة، والعالم الذي يعترف له بالحق في إنشاء دولته المستقلة لا يفعل شيئا من أجل حمايته من الإرهاب الصهيوني الذي يجلب المرتزقة إلى الجيش الصهويني، كما يجلب المتدينين المتطرفين للاستيطان، من أمثال أولئك الأمريكان والبريطانيين الذين قضوا في هجوم أمس. قد يكون من المفيد التذكير بأن المستوطنين الأكثر شراسة، هم من المتدينين، ومقاومة الانسحاب من قطاع غزة جاءت من المستوطنين المتدينين، والاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون يوميا في القدس والخليل مصدرها هؤلاء المتدينون الذين يعتبرون أن بناء إسرائيل الكبرى هو علة وجودهم، والبؤر الاستيطانية العشوائية يقيمها المتدينون، والأحزاب الأكثر تطرفا هي الأحزاب الدينية، وباروخ جولدشتاين الذي قتل 29 فلسطينيا وهم يصلون في الحرم الإبراهيمي قبل عشرين عاما كان متدينا أيضا. بقي تفصيل مهم، الذين نفذوا العملية كانوا من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي حركة يسارية لا علاقة لها بالإسلام السياسي، كل الفصائل الفلسطينية باركت العملية واعتبرتها رد فعل طبيعي على الاعتداءات الإسرائيلية وتوقعت اندلاع انتفاضة فلسطينية في الضفة الغربية وأراضي 1948، ووحدها سلطة رام الله تندد.