نجحت قيادة حزب جبهة التحرير الوطني في إنعاش الحياة النضالية والفكرية لدى إطارات ومناضلي الحزب بعدما شرع قطاع التكوين السياسي في سلسلة الندوات الجهوية التكوينية انطلاقا من محافظة الأغواط بمشاركة مناضلي سبع ولايات، وقد تركزت المحاضرات التي ألقاها قياديون بالحزب حول أهمية تكوين المناضلين وتأهيلهم سياسيا بتوحيد الفكر النضالي والاعتماد على المنطلقات الفكرية ومرجعيات الحزب، إضافة إلى أهمية فهم قوانين التي تنظم الحياة النضالية بالأفلان وضرورة هيكلة قواعد الحزب بما يتماشى ورهانات المرحلة المقبلة. سجلت الندوة الجهوية التكوينية لمناضلي وإطارات حزب جبهة التحرير الوطني التي نظمت أمس الأول بولاية الأغواط والتي شارك فيها إطارات ومناضلي محافظات كل من الأغواط، آفلو، البيض، أدرار، عين وسارة، الجلفة وغرداية، نجاحا كبيرا بعدما تمكنت قيادة الحزب المؤطرة لهذه الندوة والمتمثلة في عضوي المكتب السياسي السعيد بدعيدة مسؤول التكوين السياسي ومصطفى معزوزي مسؤول التنظيم، وكذا عضوا اللجنة المركزية الدكتور محمد العربي الزبيري والأستاذ محمد كناي، حيث تجاوب المناضلون مع الأفكار الحزبية التي أتت بها القيادة والتي تهدف إلى نقلها للمناضلين بغية تكوينهم وتأهيلهم سياسيا بما يتماشى واستراتيجية الحزب في المرحلة المقبلة. وشهدت الندوة نقاشا فكريا بين قيادة الحزب المركزية والمناضلين تمحورت أساسا في أربع نقاط رئيسية تتعلق بثقافة الممارسة الديمقراطية ونبذ العنف، المنطلقات الفكرية ومرجعيات حزب جبهة التحرير الوطني، أهمية إعادة الهيكلة في إعادة الانتشار الحزبي في الأوساط الشعبية وكذا فهم أحكام نصوص القانون الأساسي والنظام الداخلي للأفلان. وخلال الندوة التكوينية الأولى والتي ستكون متبوعة بتسع ندوات أخرى، أوضح مسؤول التكوين السياسي السعيد بدعيدة أن التكوين السياسي كان غائبا لسنوات عديدة وهو ما أثر سلبا على المناضلين وساهم في ابتعادهم عن منهجية الحزب وأسسه وفسح المجال أمام ظواهر خطيرة تمثلت في العنف اللفظي والجسدي، وأيضا بروز ظواهر دخيلة عن تقاليد الحزب ألا وهي المحاباة، الشكارة وتسابق المناضلين على المكاسب والمناصب وهذا ما لم يشهده الحزب طيلة 50 سنة، ما أدى إلى ظهور اهتمامات أخرى لدى المناضلين هي التسابق نحو المسؤوليات والمناصب التي لم تكن موجودة في السابق، مشيرا إلى أن التركيز على التكوين السياسي يندرج ضمن استراتيجية الأمين العام للحزب عمار سعداني الذي قرر ضرورة الرجوع إلى تكوين الإطارات والقيادات وتحضيرها للمراحل القادمة، معتبرا أن الانطلاق يكون بداية بتوحيد الفكر والانضباط الحزبي ونبذ العنف وتمكين المناضلين من فهم الواقع وما يدور بجوار الجزائر حتى يتمكن من إحباط مختلف المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر. ومن جهته، قدم عضو اللجنة المركزية بحزب جبهة التحرير الوطني الدكتور محمد العربي الزبيري مداخلة هو المنطلقات الفكرية ومرجعيات الحزب، حيث أشار إلى أن الحزب استمد مرجعيته الفكرية من الحركة الوطنية في الجزائر والتي كانت لها أوجه عديدة للدفاع عن الوطن، مضيفا أن بيان أول نوفمبر هو حوصلة ذكية لأدبيات أطراف الحركة الوطني في الجزائر، مثلما دعا إلى الحرص على ما تضمنه بيان أول نوفمبر لوأد الآفات الدخيلة على الأفلان ومحاربة الآفات الاجتماعية، مخاطبا إطارات ومناضلي الحزب بأن الحركة الوطنية كانت لها أوجه متعددة، وجه عسكري بدأ مع هزيمة الجزائر في 1830 وظلت متواصلة إلى غاية 1962، ووجه سياسي »لا نعرف عنه الشيء الكثير«، مبديا حرصه الشديد على أهمية إيصال رسالة نوفمبر إلى أبناءنا باعتبار أن الهدف الأول منه هو تحرير البلاد من نير الاستعمار، أما الهدف الثاني فيتمثل في إعادة بناء الدولة الجزائرية وليس إقامة الدولة الجزائرية. أما مسؤول التنظيم بالمكتب السياسي مصطفة معزوزي فقد ركز على عملية إعادة الهيكلة وعلاقتها المباشرة بتوسيع رقعة انتشار الحزب جماهيريا، حيث أشار إلى أن ذلك لن يتحقق دون وعي سياسي وتكوين المناضلين، مؤكدا أن حزب جبهة التحرير الوطني عاش وضعا أليما في العشرية الأخيرة نتج عنه انزلاقات وعادات دخيلة على الحزب أبعدت النضال في الممارسات الحزبية، معتبرا أنه من خلال التكوين السياسي للمناضلين يكون الأفلان قد عاد إلى خطه الأصيل، مثلما أكد أن عملية إعادة الهيكلة جاءت لكسر الاحتكار، المحاباة والبلطجية من خلال إشراك الشباب في التسيير بعد تكوينهم وأن المؤتمر القادم للأفلان يحضر بمناضليه. وفي ذات الندوة، أكد عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الأستاذ محمد كناي أن التكوين السياسي للمناضل يبدأ من فهم أحكام القانون الأساسي التي تسير الحزب وهيئاته المختلفة، مركزا على مضامين القانون الأساسي والمرجعيات والمبادئ التي استمدها من رصيده التاريخي، حيث أشار إلى أن القانون الأساسي هو العقد الذي يربط بين المناضلين ويحدد حقوقهم وواجباتهم ويضبط قواعد العمل الحزبي،إضافة إلى أنه يحدد هياكل الحزب وهيئاته ويحدد قواعد الانضباط وإجراءاتها، معتبرا أن محاولة تأويل بعض أحكام القانون الأساسي أو تجاوزها هو خرق لأحكام القانون الأساسي الذي لا يمكن أي حكم من أحكامه إلا عن طريق المؤتمر، حيث قدم الأستاذ كناي موجز عن مضامين القانون الأساسي الذي يتضمن عشرة فصول خصص فصل منها لمرجعيات الحزب وأسسه ومبادئه وآخر لأهداف الحزب، إضافة إلى فصلين اثنين حول شروط الانخراط والنضال في الحزب وواجبات وحقوق المناضلين. أما إطارات ومناضلي الحزب، فقد ركزوا في النقاش الذي فتحته إدارة الندوة على عدد من الجوانب التنظيمية والفكرية، مؤكدين تعطشهم لمثل هذه اللقاءات التكوينية التي ترفع من مستوى المناضلين وتنيره في عمله الحزبي، كما دعوا قيادة الحزب إلى تكثيف الندوات التكوينية التي تؤطر المناضل وتجعله واعيا ومستعدا لتحمل المسؤوليات في المستقبل، معتبرين هذا العمل هو أولى الثمرات التي استفاد منها المناضل من القيادة الجديدة للحزب برئاسة الأمين العام عمار سعداني.