اجتمعت أمس وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت بنقابات القطاع المعتمدة رسميا في ثانوية الرياضيات بالقبة في العاصمة، من أجل جس نبض النقابات، والسعي نحو فرض نمط التسيير الذي تراه وباقي السلطات الأخرى المعنية مناسبا، رغم أن النمط المُتّبع على امتداد السنوات الثلاث الأخيرة كان أقرّهُ الاستفتاء الوطني التاريخي ليوم 7 ديسمبر 2011 ، بنسبة 67 بالمائة، مقابل 38 بالمائة لصالح التسيير اللامركزي، وقد شارك فيه جميع عمال القطاع عبر كامل تراب الوطن. يبدو حسب مصدر نقابي أن وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت فضلت أن لا يحيد لقاء أمس عن مناقشة ودراسة موضوع واحد فقط، وهو مسألة تسيير أموال الخدمات الاجتماعية، وقد استبعدت تخصيص وقت من هذا اللقاء للمطالب النقابية والعمالية الملحة المطروحة عليها، وبما فيها أرضية المطالب المشتركة التي اتفقت بشأنها سبع نقابات وصادقت عليها بالإجماع في اجتماعها الأخير ضمن إطار التكتل النقابي المستحدث مؤخرا. وحسب نفس المصدر، فإن هذا اللقاء يأتي بعد أن كثُر القيل والقال واللغط المتواصل بشأن تسيير أموال الخدمات الاجتماعية من قبل اللجنة الوطنية المنتخبة عقب الاستفتاء الوطني لعمال القطاع المشار إليه، والجو المكهرب على امتداد طول السنوات الثلاث الماضية بين المُسير المالي المُعيّن من قبل وزارة التربية الوطنية، وأعضاء اللجنة الوطنية واللجان الولائية الذين تم انتخابهم، عقب إقرار التسيير الوطني المركزي التضامني. ورغم أن الوزيرة بن غبريت حديثة العهد بالقطاع، إلا أنها يبدو واضحا من خلال مجمل التصريحات التي أدلت بها في الآونة الأخيرة، ومن خلال الطرح الذي تقدمت به في هذا اللقاء أنها اقتنعت بالطرح الجديد، وتمّ إقناعها بضرورة تغيير نمط وطريقة تسيير هذه الأموال. وترى بعض القيادات النقابية أن هذه الفكرة ليست فكرة بن غبريت لوحدها، بل هي فكرة مُملاة عليها، وأكثر من هذا قالت مصادرنا: »إن الهدف من هذا التغيير الذي هو مصدر إلحاح هو من أجل تغطية فترة التسيير الممتدة بين 1994 و 2012 ، التي تمّت تحت وصاية ومسؤولية الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ولذلك هم اليوم يسعون إلى إعادة النظر في التسيير الحالي الوطني المركزي، واستبداله بالتسيير اللامركزي الولائي والمحلي على مستوى الهياكل والمؤسسات التربوية«، وهو الأمر الذي رفضته وترفضه حتى الآن بقوة نقابتا الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، والمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع، وهما لهما من التمثيل القاعدي في القطاع ما يكفي لتشكيل معارضة قوية. وحسب هذه المصادر النقابية، فإن المتضرر الأكبر في حال ما إذا تمّ فرض التسيير اللامركزي هي ولايات الجنوب، التي ينتظر عمالها بشكل دائم المساكن، ومنحة التقاعد والعمرة والحج وغيرها. وحسب مصادرنا، فإن الوزيرة ومساعديها ، وممثلي النقابات قد استمعوا للتقرير المالي والأدبي الذي تقدمت به اللجنة الوطنية لتسيير أموال الخدمات الاجتماعية، المغطّي للأربع سنوات الماضية، وقد أعقبته نقاشات واسعة، وقد أظهرت بعض النقابات تأييدا كبيرا لمسعى التغيير الذي تريده الوزيرة بن غبريت، وهي في حقيقتها نفس النقابات التي عارضت في مستهل سنة 2011 خيار التسيير الوطني المركزي، وحازت في الاستفتاء المنظم في نفس السنة على نسبة 38 بالمائة فقط من العدد الإجمالي لعمال القطاع. وفي الوقت الذي طالبت فيه بعض النقابات التمثيلية قوة بتنصيب اللجنة الحكومية المكلفة بجرد أموال وممتلكات الخدمات الاجتماعية لفترة 17 سنة السابقة عن تاريخ 7 ديسمبر 2011 ، فإن الوزيرة والجهات المعنية الأخرى مازالت متجاهلة لهذا المطلب الملحّ، ولم تعره أي اهتمام رغم مضي حوالي أربع سنوات عن بداية المطالبة به، وقد توقفت الوزيرة بن غبريت عند التهديد بفتح تحقيق مع اللجنة الوطنية الحالية في حال ملاحظة اختلالات وسوء تسيير أو ثغرات مالية.