قمة عربية أخرى ستعقد يوم السبت القادم بشرم الشيخ المصرية، عنوانها هو الأمن القومي العربي، وحسب التصريحات التي تصدر عن الأمانة العامة للجامعة العربية، وبعض المسؤولين العرب، فإن القمة ستكون في غاية الأهمية نظرا لخطورة الظرف، وهو خطير منذ نشأة الجامعة العربية، ولحساسية الملفات المطروحة كما يقال. في هذه القمة سيكون مقعد سوريا شاغرا، يعني أن أخطر الملفات على الإطلاق لن يناقش لأن المعنيين لن يحضروا القمة، فقد بادرت الجامعة، تحت ضغط خليجي بتجميد عضوية سوريا قبل ثلاث سنوات من الآن، وقد جاء القرار ضمن حملة ضغوط دبلوماسية لإسقاط نظام الأسد. بقاء مقعد سوريا شاغرا في هذه القمة يعكس العبث العربي، فمنذ فترة غير قصيرة كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد أعلنت أنه لا بد من التفاوض مع الأسد من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ومن المؤكد أن الدول الغربية ستقتفي أثر الأمريكيين على هذا الطريق، في حين العرب لا يقدرون على مراجعة مواقفهم وسياساتهم، فالقرار أصلا جاء بناء على أهواء سياسية وشخصية، ولا علاقة له بالحسابات السياسية. معروف أن الاتصالات تتكثف بين الأطراف المتصارعة في أوقات الأزمات والمواجهات، والاحتفاظ بقنوات اتصال مع النظام السوري هو الحد الأدنى المطلوب لتفعيل مساعي الحل السياسي للأزمة، لكن هدف الأنظمة المسيطرة على الجامعة العربية غير هذا. مقعد اليمن سيشغله عبد ربه منصور هادي، في حين سيمثل ليبيا رئيس مجلس النواب، وفي الحالتين سيثير هذا التمثيل مزيدا من الجدل، لأن المعنيين لا يمثلان فعلا بلديهما، ورغم هذا لن تجد الجامعة العربية أي حرج، فالقمة سيغيب عنها كثير من الرؤساء والأمراء والملوك كالعادة، لأسباب تتراوح بين المرض، والحزازات الشخصية.
القمم العربية هي ظاهرة مثيرة للسخرية، وقد تحولت إلى موعد سنوي لرسم صورة كاريكاتورية لهذه الجامعة التي استنفدت مبررات وجودها منذ وقت غير قصير، وفي هذه السنة سيكون التفصيل الأكثر إثارة، هو أن الحديث عن الأمن القومي سيجري في غياب ممثلي الدول التي يعتبر الوضع فيها أكبر تهديد للأمن القومي العربي.