بعيدا عن كرة القدم .. لماذا يشتري العرب القطن من الصين ولا يشترونه من مصر أو سورية ؟ ولماذا يشتري المصريون، والخليجيون »زيت الزيتون« من إسبانيا ولا يشترونها من تونس؟. بدأت بعض الأصوات الإعلامية والسياسية ترتفع هنا وهناك، لتلطيف »تسخين البندير« بين الجزائر ومصر، بسبب مباراة كرة القدم، حيث لوحظت »طبول الحرب تقرع« وكأن التأهل للمونديال هو الإنتصار الحاسم. إن كرة القدم لعبة، وأصبحت مكونا أساسيا من مكونات التسلية. ولأننا عالم متخلف، جعلناها »قضية« ، وهذا يدل بأن شعوبا بدون قضية، أو شعوبا لا تميز بين القضية وبين التسلية. إن مصر يفترض أن تكون »المحرك« للوطن العربي، لما لها من عمق تاريخي وسياسي وفكري وديني وشعبي، وكذلك الجزائر أيضا .. فهذان البلدان لوحدهما يعدان ثلث الشعب العربي، ونحو 300 مليار دولار من الناتج الداخلي الخام. وبكل أسف لم يجد بعض الإعلاميين وبعض مسؤولي كرة القدم هنا أو هناك سوى مباراة في كرة القدم ليجعلوها قضية مركزية والحرب الفاصلة. وبعيدا عن ذلك هناك كثيرا من المسائل كان يجب أن تناقش منها : لماذا لم يعد للشعب العربي قضية تشغل باله مثل كرة القدم ؟ ولماذا راح بعض الإعلاميين يركزون على مباراة ويتركون قضايا هامة ؟ ما موقع التجارة البينية بين مصر والجزائر ؟ ولماذا يشتري العرب القطن من الصين ولا يشترونه من مصر أو سورية وهما منتجان عربيان مهمان للقطن في العالم ؟ ولماذا يشتري المصريون، والخليجيون »زيت الزيتون« من إسبانيا ولا يشترونها من تونس التي يعد الزيتون »ثروتها الأولى« ؟ ولماذا تفرض الأنظمة العربية التأشيرة على الشعوب العربية رغم أنه لا توجد مؤشرات استقطاب العرب لأي دولة عربية ما عدا بعض بلدان الخليج ؟ ولماذا توظف الدول العربية عمالة غير عربية بينما هناك نسبة 30 بالمئة من البطالة في وسط الشعب العربي ؟ ولماذا أصبحت القوميات غير العربية في الشرق الأوسط قوية، مثل الترك والفرس، والقومية عربية ضعيفة ومتخلفة ؟ لماذا امتلك الفرس القنبلة الذرية أو آليات امتلاكها وعجز عنها العرب ؟ وغيرها من التساؤلات التي ينبغي طرحها وتسليط الضوء عليها لأهميتها. أما مباراة كرة القدم فهي تسلية ولعبة وكل منا يتمنى فوز فريقه. ومن فاز باللعب النزيه نقول له مبروك. لكن الحاصل أن صوت التطرف أصبح أعلى من صوت الإعتدال.