اغتنم عدد من الأساتذة الذين رافعوا في حق موكليهم المتورطين في قضية بنك الخليفة فرصة وقوفهم أمام هيئة محكمة الجنايات برئاسة القاضي منور عنتر، لتوجيه عديد الانتقادات للنيابة العامة لا سيما في الشق المتعلق بالالتماسات التي قدمها النائب العام بحر الأسبوع الفارط، القضية وفي يومها الثالث والثلاثين لا تزال تدور حول مرافعات المحامين وفي مهمة شبه مستحيلة يقطع هؤلاء الأساتذة أشواطا مارطونية ليس إلا لإقناع هيئة المحكمة ببراءة موكليهم وعدم توفر أركان الجرائم المنسوبة إليه، وفي مقدمتها جناية تكوين جمعية أشرار إلى جانب السرقة بظروف التعدد والنصب والاحتيال، وبالمقابل فإن كل الأنظار ستكون مشدودة اليوم نحو مرافعات كل من الأستاذين لزعر نصر الين ومروان مجحودة، الموكلين في حق المتهم الرئيسي عبد المومن خليفة مما ستكشف عنه هذه الوقفة الحاسمة في مسار المحاكمة. تواصلت محاكمة بنك الخليفة بمجلس قضاء البليدة بالاستماع إلى الأستاذ بن وارث الشابي، الموكل في حق المتهم أحمد ياسين الرئيس المدير العام السابق لشركة »ديغروماد« للدواء، حيث أكد الأستاذ وارث أن موكله أودع الأموال ببنك الخليفة في الوقت الذي قلد فيه عبد المومن خليفة وساما من طرف رئيس الحكومة، وتساءل من كان يشك في بنك الخليفة، علينا أن ننظر إلى الوقائع في وقتها، ليوضح بان موكله لم يذكر طيلة كل الجلسات التي عرفتها المحاكمة وعليه أين هي جناية تكوين جمعية أشرار، هل بمجرد أن مدير وكالة الحراش، قال في التحقيق أن حرر مبلغ 85 مليون سنتيم لصالحه يعني أنه مجرم، يجب أن نعلم سيدي القاضي، أن موكلي قدم خدمات رفقة ستة أساتذة آخرين مختصين في التسيير والبنوك لتكوين عمال ببنك الخليفة وخليفة للطيران، والمبلغ يضم مصاريف التكوين وكل مستلزماته وبالتالي وبعد أن يقسم على الجميع لم يحصل إلا على 11 مليون سنتيم. يا قضاة لا تركزوا على محاضر الضبطية القضائية لإصدار أحكامكم لأنها أحدثت كوارث الأستاذ بن وارث يشير إلى أن موكله الذي اتهم بتكوين جمعية أشرار والسرقة بتعدد الظروف، لديه قرض على مستوى الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط لم يسدده إلى يومنا هذا، ناهيك عن أنه باع شقته المتواجدة بالقبة ليكمل عملية بناء منزله، كما نرفض التجريح في عائلته، فكيف للنائب العام أن يتدخل في حياته الخاصة ليقول بأنه قام بشراء شقة بباريس لزوجته الثانية، وهذا ما سبب لموكلي مشاكل عائلية مع زوجيته الأولى في حين أن كل الوثائق تثبت بان زوجته الثانية كانت تملك الشقة قبل زواجها منه وحصلت عليها عن طريق قرض استفادت منه عن طريق البنك الفرنسي. النائب العام يعقب ويتبرأ من صفة التجريح في الأشخاص ويقول إنه ذكر ذلك لأنها واقعة وردت في قرار الإحالة.
ويضيف المحامي، أن موكله صحيح أنه قام بجلب طائرات للقضاء على الجراد ولكن العملية تمت في إطار اتفاق مع وزير الفلاحة حينها السعيد بركات، حيث تم تأجير طائرة لهذا الغرض ومن هذا المنطلق يؤكد الأستاذ وارث وهو يخاطب هيئة المحكمة وكذا النائب العام، أيها السادة، ليس كل ما يرد في محاضر الضبطية القضائية صحيحا، لهذا فإن المشرع يأمر بان تؤخذ هذه المحاضر على سبيل الاستدلال ليس إلا، والعمل القيم لا يكون إلا عن طريق محاضر قاضي التحقيق التي توضح الأمور وتصفي الوقائع من الشوائب، يا قضاة لا تركزوا على محاضر الضبطية القضائية لأنها أحدثت كوارث. من جهته رافع الأستاذ أيت بوجمعة عبد النور، في حق المتهم دلال وهاب الذي كان يشغل منصب عون أمن يقوم بنقل الأموال بين الوكالات والخزينة الرئيسية، والمتهم بتكوين جمعية أشرار، السرقة ، النصب والاحتيال وخيانة الأمانة، حيث تساءل الأستاذ عن جدوى كل هذه التهم التي لم تتوفر أركانها بتاتا، مستندا إلى وظيفة موكله الذي كان عون امن يطبق الأوامر وفقط، يقوم بنقل الأموال في أكياس مغلقة وهذا ما أكده يوسف أكلي مدير الخزينة الرئيسية لبنك الخلقة عندما مثل أمام هيئة محكمة الجنايات خلال هذه المحاكمة كشاهد، المحامي أيت بوجمعة ذكر القاضي بمسار موكله الذي استفاد من حكم البراءة في سنة 2007، هذا الرجل الذي كان يشغل منصب شرطي في التسعينات وضار إلى مغادرة الجزائر بسبب سنوات الجمر، عاد سنة 2001 والتحق بالمجمع كرجل أمن لأنه لم يكن يعرف القيام بعمل آخر غير هذه المهمة التي ترتكز على تأمين الأموال. كما رافع نفس المحامي في حق المتهم مزيان الطاهر مزيان الذي كان يشغل منصب صيدلي وتأخر في إرجاع سيارة من نوع »أوبال كورسا«، إلى المصفي وقال في حقه إنه لم يقصد خيانة الأمانة لأنه لم يكن يعلم أن يتجه حينها وبالتالي، فإن أركان هذه التهمة غير قائمة في حقه، المرافعة ذاتها كانت في حق عريفي صالح المتابع بتهمة الرشوة واستغلال النفوذ والحصول على امتيازات وفوائد، حيث كان يشغل منصب الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد، وفي هذا الصدد، أكد المحامي، أن موكله تدرج عبر كافة مناصب المسؤولي ليصل إلى ذلك المنصب، مذكرا هيئة المحكمة أنه لم تكن لديه أي صلاحية لإيداع الأموال وأن هذه المهمة تقع على عاتق مجلس الإدارة الذي اتخذ لوحده قرار إيداع الأموال ببنك الخليفة دون الرجوع غلى الوصاية المتمثلة في وزارة العمل والحماية الاجتماعية آنذاك، وقال إن موكلي حصل على تذكرة مجانية استعملها لمرة واحدة بقيمة 3000 دينار جزائري، فإذا سلمنا بأنها رشوة، هل من المعقول أن تكون هذه القيمة في مقابل إيداع 2000 مليار سنتيم، ومن ثم التمس البراءة لموكله. لماذا يدان إيغيل مزيان ويترك لخضر بلومي وتساءل المحامي بن خالد الموكل في حق المتهم ايغيل مزيان، المدرب السابق للفريق الوطني الذي كان يشغل منصب مستشار رياضي ببنك الخليفة والمتابع بتهمة تكوين جمعية أشرار، عن سبب إسقاط كل هذه التهم ضد موكله، في حين أن اللاعب الدولي السابق لخضر بلومي قام بنفس المهام وقاضي التحقيق نفسه يشير في المحاضر إلى أن بلومي كان مختصا بالغرب وايغيل بالشرق، بهدف إقناع المؤسسات على إيداع أموالها ببنك الخليفة، هل نجا بلومي الذي منه خليفة 50 مليون سنتيم وغيرها من الامتيازات لأنه قريب من وهران وبالتالي تلمسان، القاضي ينتفض ويوقف المحامين من فضلك لا تتجاوز حدودك وإلا فإن مضطر لأن أوقفك، عليك بان تلتزم بالقانون يا أستاذ، وكفانا من الجهوية، هل يجب أن نتحدث عن أزمة هوية في سنة 2015، لا يا أستاذ، المحامي من جهته يقول، في ظني أنا أرافع ولا تحكمني أي خطوط حمراء، القاضي يرد مرة أخرى من فضلك التزم بالمرافعة في إطارها القانوني من أجل ضمان حسن سير الجلسة. ومن ثم أوضح المحامي أن ايغيل تنقل إلى المؤسسات بحسن نية ولم يكن يعلم في أي لحظة بأنه يستغل من أطراف أخرى، أما فيما يتعلق بالقروض التي تحصل عليها فكانت عادية، مثله مثل باقي العمال الذين كانوا في مجمع الخليفة وقام بتسديده، وفيما يخص جريمة خيانة الأمانة فهي غير واردة لأنه لم يؤتمن على أي شيء حتى يخونه، وتعجب الأستاذ بن خالد من التماسات النيابة الواردة في حق ايغيل ب 15 سنة سجنا ومصادرة أملاكه المتمثلة في فيلا بدار الضياف بالشراقة وقطعة الأرض، بأي حق تطالب النيابة بمصادرة أملاك هذا الرجل الذي سدد كل ديونه، وهذا ما يؤكد أن التماسات النيابة يا سيدي القاضي غير مؤسسة، وبالنظر إلى تلك المعطيات جدد الأستاذ التماساته أمام هيئة المحاكمة لتسقط التهم المنسوبة إليه خلال المداولات بردها بلا على الأسئلة التي سيتم طرحها والنطق بالبراءة في حق موكله ايغيل مزيان عانى الكثير من هذه القضية هو وعائلته. النائب العام خرق القانون بسحبه طلب الطعن الذي تقدم به في 2007 وقد رافعت الأستاذة دريدي وسيلة في حق المتهم شعشوع بدر الدين المتابع بجناية تكوين جمعية أشرار والذي كان يشغل مدير التجهيزات بمجمع الخليفة، حيث انتقدت التماسات النيابة التي طالبت بتشديد العقوبة في حق موكلها واستغربت كيف أن النائب العام لم يراع مبدأ أنه لا يضار الطاعن بعنه خاصة وان بدر الدين هو من طعن في حكم 2007، وقالت إن النيابة خلال مرافعتها عجزت على تقديم الأدلة القاطعة التي تثبت تور شعشوع في تلك الجرائم المنسوبة إليه، وتساءلت إن كان من المعقول أن يسكن شخص في فندق وهو يملك منزلا خاصا به، كما ردت على اتهامات النائب العام فيما يخص تحويل لقفف رمضان، واعتبرت أن هذا الأمر غير منطقي وأكدت أن موكلها لم يكن يعرف حتى بقيمة تلك القفف من منطلق أنه لم يشرف على شراء مقتنياتها وان دوره اقتصر على توزيعها فقط، موكلي مهندس معماري وكان لديه أجرة شهرية بقيمة 90 ألف دينار في تلك الفترة، إضافة إلى ما جناه من مكتب الدراسات الذي كان ملكا له، كلها أمور ساعدته على شراء شقة خاصة به ولم يكن بحاجة إلى اختلاس الأموال، وعليه نرجو النطق بالبراءة في حقه، فيكفيه ما لحق به من أذى جراء هذه القضية، فقد سمع بخبر وفاة أمه وزوجته التي أصيب بمرض السرطان وهو في السجن. في حق نفس المتهم بر الدين، رافع الأستاذ دغنوش عاطف، الذي كان في المستوى بمرافعة أدهشت الحضور، كونه ارتكز على منهجية عمل رفيعة المستوى تقوم على تبريريات قانونية وحجج منطقية، زادت من احترام هيئة المحكمة له، وفي هذا الصد تطرق الأستاذ عاطف، إلى الحديث عن وظيفة موكله الذي لم تكن له أي علاقة بالخزينة الرئيسية ولم يكن في أي حال من الأحوال مديرا لأي وكالة من وكالات بنك الخليفة، فكيف يتهم بتكوين جمعية أشرار، كما لمح للنائب العام الذي جرح في حق عائلة شعشوع عندما قال في مرافعته »إنهم جائعون«، وقال إنه ليس من الأخلاق التجريح في حق الوالد مع أبنائه في الوقت الذي يختص فيه النائب العام بالمال القانوني، وذكر أن موكله لم يحضر لا حفلات ولم تكن له أي علاقة بالرئيس المدير العام للمجمع ككل. وتحدث الأستاذ عاطف، في مرافعته عن المتهم مير عمر، الذي عن بالنقض في الحكم الصادر في حقه والمتواجد في السجن منذ 11 سنة، حيث قال إن النائب العام في 2007 قام بفعل غير قانوني وفق المادة 523، 524 و503 من قانون الإجراءات الجزائية، وذلك عندما سحب طعنه في حق المتهم مير أحمد، بينما رفض أن يسحب الطعن في حق مير عمر، ولا يحق له ذلك لأنه يمثل الشعب، فإذا تقد بطعن لا يمكن العدول عنه، ليؤكد أن قضية مير عمر غريبة جدا وخاصة كذلك، لأنه يبقى المتهم الوحيد الذي حكم في الحبس الاحتياطي لمدة 5 سنوات وعبر كل مراحل التحقيق، ذنبه انه كان مدير وكالة الشراقة والتي عادة ما يتم الخلط بينها وبين الخزينة الرئيسية بالشراقة، هو بريء من التهم المنسوبة إليه ومتمسك بحقه في البراءة. أما المتهم كشاد بلعيد الذي كان يشغل منصب مدير وكالة البليدة، فهو بدوره لم يكن حاضرا عندما تم تحويل الحسابات الثلاثة عشر ومحوها وكان بإمكانه أن لا يطعن لأن النيابة لم تطعن في حقه، حصل على البكالوريا 3 مرات بما يسمح له من تقليص العقوبة بثلاثة سنوات، وكان بإمكانه أن يكون حرا الآن، لكنه يريد البراءة. الأستاذ مجحودة يغيب عن الجلسة ويقفل هاتفه استعدادا ليوم الحسم وبالنسبة لدفاع عبد المومن خليفة، فإن المهمة قد تكون حقيقة شبه مستحيلة، حيث سيرافع كل من الأستاذين لزعر نصر الدين ومروان مجحودة، لإثبات براءة عبد المومن خليفة الرئيس المدير العام لمجمع الخليفة والمتهم الرئيسي في قضية بنك الخليفة، وعليه فإن كل الأنظار تتجه لما ستحمله هذه المرافعات التي يفترض أن تكشف عن الكثير، في الوقت الذي سبق فيه للأستاذ مروان مجحودة الذي أقفل هاتفه النقال ورفض الرد على كل الاتصالات بسب انهماكه في التحضير للمرافعة، أن تحدث عن الأدوات والقرائن التي يرتكز عليها لإثبات براءة موكله الذي راح ضحية تلاعبات وتواطؤ من طرف محيطه الذي ائتمنه على ماله وأملاكه.
ويشار إلى أطوار محاكمة بنك الخليفة التي ضمت 71 متهما متابعين بجناية تكوين جمعية أشرار، السرقة، النصب والاحتيال، التزوير في محررات رسمية، الرشوة واستغلال النفوذ وكذا خيانة الأمانة، تتواصل اليوم بمجلس قضاء البليدة، حيث سيتم إعطاء الكلمة لما تبقى من الأساتذة للدفاع عن موكليهم، ويفترض وفق الجدول الزمني للمحاكمة أن يكون يوم الثلاثاء 16 جوان الجاري أخر يوم من هذا المسلسل الذي انطلقت أحداثه في 4 ماي الفارط، وهذا بعد أن يعطي القاضي الكلمة الأخيرة للمتهمين، ويقوم بقراءة الأسئلة التي سيتم طرحها في حق المتهمين بغرفة المداولات ليتم النطق بالحكم.