رسم اجتماع الحكومة مع ولاة الجمهورية خارطة طريق لمواجهة شبح الأزمة الاقتصادية الذي تواجهه البلاد على خلفية استمرار تراجع أسعار النفط إلى أقل مستوياتها، ووضعت الشعب أمام الصورة الحقيقة فيما يتعلق بهذه الأزمة، بعد أن كثرت التحاليل التي تضمنت في أغلبها تخويفا للشعب، فيما ضعها البعض في خانة »أزمة 1986«، حيث طمأن سلال بأنه رغم »الظرف الاقتصادي السلبي فإنه بإمكاننا أن نبني اقتصادا ناشئا ومتنوعا". وفي هذا السياق حذر الوزير الأول من الانسياق وراء زارعي التشاؤم بعد أن دعا الجزائريين إلى أن يدركوا مثلا أن نفس الأشخاص الذين كانوا قبل عشر سنوات يصرخون بأنه كان يجب عدم التسديد المبكر للمديونية هم نفسهم الذين أصبحوا اليوم ينذرون بالكارثة ويزرعون خطبا انهزامية واستسلامية«، فيما طالب الولاة والسلطات المحلية بعدم عرقلة الاستثمارات، داعيا إلى إرساء نمط تسيير جديد يقوم على جذب ومرافقة المستثمرين المحليين قصد إنجاح المساعي الوطنية في تنويع اقتصاد البلاد، بعد أوضح أن علاقة الإدارة المحلية مع المقاول يجب ألا تصبح مقصورة على تسيلم الرخص الاعتمادات بل يجب أن ترتكز على وضع الترتيبات الضرورية لمرافقة متواصلة قبليا وبعديا«. وتراهن الحكومة على الجماعات المحلية لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط وضمان دخول اجتماعي ناجح وعادي، حيث يعول الوزير الأول عبد المالك سلال على الولاة لدفع عجلة التنمية وتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي يسعى لبعث تنمية مستدامة غير مرتبطة بريع النفط ، على اعتبار أن الحكومة تبني كل ميزانياتها السنوية على عائدات المحروقات، وهو الأمر الذي اخلط حساباتها مؤخرا بسبب تراجع أسعار البترول إلى درجات جد متدنية وقاربت في بعض الأحيان السعر المرجعي لإعداد الميزانية أي 37 دولار. وعلى هذا الأساس فان اجتماع أول أمس الذي حظي بقدر كبير من الاهتمام خاصة وانه تزامن مع ظروف اقتصادية صعبة تستوجب البحث عن حلول لاحتوائها، خاصة وان الجزائر تملك من المقومات والإمكانيات ما يمكنها من تجاوز الأزمة، وهنا نتحدث عن بنية تحتية وموارد بشرية ذات كفاءة، حيث أن الجميع مدعوون للمساهمة في رفع هذا التحدي، وهو ما أكد عليه الوزير الأول حين قال إن الحليف الأساسي للحكومة في معكرتها »سيتمثل في مواطنينا إذا قلنا لهم الحقيقة وشرحنا لهم مسعانا وإذا اكتسبنا ثقتهم «. وفي سياق متصل تسعى الحكومة لمد جسور ثقة مع الشركاء الاقتصاديين الذين تعتبرهم الحلقة المهمة في الخروج من الأزمة، حيث سيكون لقاء الثلاثية المقرر عقده في أكتوبر القادم بولاية بسكرة محطة جديدة لبحث آليات وسبل تطوير الاقتصاد الوطني من جهة والخروج بتصور جديد عن كيفيات مواجهة الأزمة الاقتصادية، فيما سيصب اللقاء الذي سيجمع المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مع خبراء اقتصاديين في خانة دراسة الوضع الاقتصادي للبلاد.