وسائل الإعلام في الجزائر تهتم بكل ما يصدر عن المسؤولين التونسيين بخصوص الجزائر، وخلال الأسابيع الأخيرة تحول وزير الدفاع التونسي إلى شخصية معروفة عندنا بسبب تصريحات مزعومة قال فيها إن الجزائر تصدر الإرهاب إلى تونس، والحقيقة أن ما نقل عن جريدة الشرق الأوسط السعودية لم يكن دقيقا، وقد نفى الوزير التونسي هذا الكلام أكثر من مرة. المسألة الأمنية تحتل حيزا هاما في العلاقة بين الجزائروتونس، والموضوع الذي يشغل بال الجزائريين هو إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في تونس بحجة محاربة داعش، وقد عاد الوزير التونسي مجددا إلى نفي قبول تونس لهذا الخيار، لكن السؤال الأهم هو هل هناك من يقف في وجه الإرادة الأمريكية في المنطقة؟ الإجابة أنه لا أحد يريد، فضلا أنه لا أحد يقدر منفردا على مواجهة القوة العظمى، وحتى إذا رضخت تونس للضغط الأمريكي فإنه من الإنصاف تفهم موقفها بالنظر إلى ما يواجهها من تهديدات أمنية . للقضية وجه آخر، إنه يتعلق برؤيتنا لاستراتيجيات القوى الكبرى في منطقتنا، ووسائل تنفيذ هذه الاستراتيجيات، فالحلف الأطلسي، له تصور للتمدد جنوبا، وهو يسير وفق خطة مدروسة لتحقيق أهدافه، وهناك وسائل كثيرة للتأثير والتدخل، وقد لا يحتاج الأمر إلى وجود قواعد بالمفهوم الكلاسيكي الذي يرتبط في أذهاننا بوجود عسكري أجنبي يمس السيادة بمفهومها التقليدي، وقد أثبت التدخل العسكري في ليبيا، أن الحلف قادر على تحقيق أهداف الدول الكبرى في المنطقة دونما حاجة إلى قواعد على الأرض. ماذا عن الوجود الفرنسي على الأرض في شمال مالي ؟ يبدو أننا ننسى أن فرنسا عضو في الحلف الأطلسي، وأن وجودها على مقربة من الجزائر وليبيا يمنحها فرصة المراقبة عن كثب، والأمريكيون يقولون صراحة إلى خطة مكافحة الإرهاب تقتضي الاعتماد على فرنسا في الساحل، والاعتماد على الأطلسي في ليبيا، ومن هذا المنطلق يبدو ما ينشر عن تونسوالجزائر وكأنه ثرثرة على الهامش.
هناك خيار وحيد للتقليل من الآثار السلبية للتدخل الخارجي، هو تعزيز التماسك الداخلي، ببناء دولة مستقرة، والتنسيق مع الدول المجاورة من منطلق المصلحة المشتركة، وفي كل الأحوال سنكون بحاجة إلى إدراك التغيرات السريعة التي يشهدها العالم.