أكد نايت عبد العزيز محند السعيد رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، أن الجزائر مازالت تملك هامش مناورة جيد من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية. وفي رده على دعاة التيئيس، قال في حديث خص به "صوت الأحرار"، "أن الجزائر مازالت وقفة، وأثبتت في كل مرة أنها قادرة على العودة إلى الحياة من رمادها مجددا"، وأدلى ممثل أرباب العمل بموقفه من الإجراءات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2016 وكذا الإجراءات الواجب اتخاذها لتخطي مرحلو ما بعد البترول. وفيما يلي نص الحديث. بداية، ما تعليقكم حول محتوى قانون المالية لسنة 2016 والنقاش الذي دار بشأنه؟ رغم أننا لن نشرك ولم نستشر في إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2016، إلا أننا ومن خلال متابعتنا للنقاش الدائر بالمجلس الشعبي الوطني، نؤكد أنه أول مشروع مالي خرج منذ سنوات من خلال نقاش حقيقي بين أعضاء المجلس الشعبي الوطني. ونعتبر ان مستوى النقاش الذي وصلوا إليه دليل على وعي وصحة التنافس الحزبي، فهي صورة جدية للديمقراطية في الجزائر والتي يجب من خلالها القبول بمنطق الأغلبية في وقت لا يمكن أن نلغي رأي المعارضة. أما بخصوص محتوى القانون، فنرى أن هذا النص جاء في مرحلة صعبة جدا خصوصا في الجانب المالي، وفي منظورنا كمسئولين عن منظمة أرباب العمل، فإن قانون المالية لسنة 2016 جاء ضمن التطور الطبيعي للأشياء. إذ أن الجزائر خسرت أزيد من 50 بالمائة من مداخيلها البترولية سنة 2015 والحكومة مطالبة في هذا الشأن بالذهاب نحو التكيف مع هذا الواقع للتكيف مع الأزمة وبالتالي البحث عن آليات للتوازن المالي للدولة. كما أن النص تصمن دعما كبيرا للمؤسسات، إذ أنه قانون استباقي لما بعد البترول، حيث أعطى صلاحيات وامتيازات كبيرة للمتعاملين الاقتصاديين بهدف تنويع الاقتصاد الوطني خصوصا بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المطالبة بتنويع إنتاجها تماشيا مع متطلبات المرحلة. ثم إن الواقع يفرض على الحكومة أن تجري تعديلات جوهرية في كثير من الميادين لإحداث التوازن المالي المنشود من خلال التقشف على كل المستويات. وماذا عن دعم المواد واسعة الاستهلاك؟ قانون المالية لسنة 2016 لم يراجع الدعم المخصص للمواد الواسعة الاستهلاك، لكن في اعتقادنا ، فإن إلغاء الدعم يجب أن يكون عاجلا أم آجلا، فنحن في الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين نطالب منذ أكثر من 15 سنة بإلغاء الدعم وتحويله إلى الذين هم بحاجة إليه خصوصا من الفئات البسيطة وهذا بتخصيص منح تدفع غليهم مباشرة. فلذا نحن نناضل من اجل مراجعة الأسعار المدعمة. وكيف ترون أثر الزيادات المرتقبة في بعض أسعار المواد الاستهلاكية على الواقع الاقتصادي ومن ثم الجبهة الاجتماعية؟ الحل يكمن في بعث آلة الإنتاج من جديد وبالتالي خلق مناصب الشغل، وفي هذا الإطار طالبا بضرورة دعم وتسهيل إنشاء المؤسسات، وهي الإجراءات التي تضمنها قانون المالية 2016، فالحكومة في هذا الظرف مجبرة على إيجاد توازن بهدف التخلص من التبعية للبترول ومن هذا المنطلق فهي مطالبة بإعادة النظر في تسيير وتدعيم الإنتاج والسلع، كما أنها مطالبة بضرورة الحفاظ على توازن الجبهة الاجتماعية لأن الجزائر بحاجة إلى استقرار من اجل تخطي هذه المرحلة. وأؤكد في هذا الشأن أن للجزائر إمكانيات وطاقات كافية للخروج من الوضع الحالي. وما مصير الاستثمارات الكبرى في ظل تراجع مداخيل البترول؟ لاستثمارات الكبرى جاءت في وقتها ويجب أن تتواصل لأنها مكسب أنا شخصيا اعتز به فهي في فائدة المواطن والاقتصاد الوطني، و مع أن الحكومة قررت تجميد بعض المشاريع الكبرى الهامة، إلا أنها اتخذت من جانب آخر احتياطاتها في هذا الموضوع رغم أنها لم تصرح بذلك علنا فهناك تعديلات هامة داخل بعض المشاريع التي تعتبرها غير مستعجلة. في حين عمدت إلى الإبقاء على المشاريع التي لا تعيق حركية التنمية. ومن هذا المنطلق نؤكد من جهتنا على ضرورة مواصلة اتمام المشاريع الكبرى إلى جانب إجراء تقييم لما تم انجازه لغاية الآن. أنتم كممثلين لأرباب العمل، ماذا قدمتم من بدائل للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية وكذا التخلص من التبعية للمحروقات؟ نحن في فترة حاسمة التي يجب من خلالها الذهاب إلى مرحلة ما بعد البترول، فلذا حان الوقت لتأكيد القدرات والإمكانيات التي تملكها البلاد، فالجزائر في منظورنا لها من القدرات والإمكانيات وهامش مناورة ما يمكنها من تجاوز هذه المرحلة. فالمطلوب فقط إعادة النظر في خطة تنويع الاقتصاد الوطني والذي يمر على 3 قطاعات هامة وهي الصناعة والفلاحة والخدمات، مع انه لا يجب أن نقصي القطاعات الأخرى الموازية والتي يجب أن تنطلق في نفس الوقت لخلق جو من التناسق بينها. ونعبر في هذا السياق عن موقفنا الرافض لمنطلق الاحتكار الذي تريد بعض الأطراف فرضه والذي يجب على الدولة أن تحاربه بكل الأشكال. وماذا عن المجمعات الصناعية الكبرى التي أعلنت عنها الحكومة؟ هي فكرة جيدة ونثمنها، فهي تهدف إلى تجميع الطاقات الوطنية وتوحيدها لخدمة الاقتصاد الوطني. وفي هذا الإطار فإن المطلوب من القطاع العام والخاص إطلاق مقاربة شراكة عمومية-خاصة وعمومية-خاصة-أجنبية وذلك بهدف الذهاب نحو خلق نشاطات متنوعة ومتكاملة في مختلف الميادين. وهنا أكرر، أن لدينا هامش مناورة جيد على المستوى المالي والمستويات الأخرى، وبدون شوفينية، لدينا القدرة على تقرير مصيرنا، فرأس الحبل مازال بين أيدينا وليس لنا الحق في الخطأ. فيجب علينا تجميع كل القدرات الوطنية للخروج من هذه الدوامة. في هذا الشأن صرحتم أن الجزائر لم تقع بعد على ركبتيها، ماذا تقصدون بذلك؟ هناك من يريد أن يلغي وجود الجزائر ويمحوها من الفضاء العالمي، فلذا أقول لدعاة التيئيس أن الجزائر مازالت واقفة وستبقى واقفة، وحان الوقت للتكفل بالأمور التي تضمن للجزائر وحدتها. طبعا، لدينا القدرات أحببنا أم كرهنا، فالجزائر قوة معترف بها وهذا لا يمكن نكرانه. نرى ما يحدث عبر العالم، فالجزائر أصبحت لها كلمتها وتستشار في كثير من القضايا العالمية وهذا لم يأت بمحض الصدفة، بل إن وزنها هو الذي أعطاها هذه المكانة، ثم إن سياستها المتبعة هي التي فرضت وجودها بعد أن كانت في وقت مضى لا يسمع لها صوت. فلذا أقول، أن الجزائر مهما كانت الظروف تمكنت في كل مرة من العودة إلى الحياة من جديد من رمادها. فنحن أمام تحدي ومتعودون على ذلك لأن مصير اقتصاد بلادنا بين أيدينا، شريطة أن يكون في ظل النظام وبعيدا عن محاولات الاستيلاء على مصير البلاد. فيجب إشراك كل الجزائريين بما فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمومية منها والخاصة وذلك من خلال مقاربة تجمع الكل في فضاء واحد يشرف عليه السياسيون الذين لهم صلاحية تحريك الأمور. فأنا لست مع اقتصاد متوحش يقصي الضعيف ولا مع اقتصاد إداري يوزع البؤس بل مع اقتصاد مشترك لفائدة كل الجزائريين كل واحد يجد نصيبه فيه. فالعالم اليوم يتجه نحو هذا النمط الاقتصادي بما فيه الدول الليبرالية التي أدركت ضرورة التدخل لتصحيح مسار اقتصادها.