اليوم يكون أسبوع قد مر من مباراة الخرطوم بين مصر والجزائر ، أسبوع كامل من الفرح والاحتفالات بالتأهل في الجزائر، وأسبوع كامل من الهستيريا والجنون في مصر، وأسبوع من تعرض الشعب المصري لأكبر عملية غسل دماغ في التاريخ. أسبوع كامل قد مر عن مباراة في كرة القدم، عن لعبة رياضية، ومازالت الفضائيات المصرية التي خلقت الفتنة تصر على فتنتها، تصر على أن مصر أم الدنيا وغيرها لا يساوي شيئا، حتى كبار الكتاب في مصر التحقوا بهذه العملية عملية : زراعة الفتنة. نحن لا يهمنا إن ادعت مصر وكتابها وسياسيوها أن الله خلقهم من طينة أخرى غير الطينة التي خلق بها آدم عليها السلام، فهم لديهم القدرة على إيجاد »تخريجة« لذلك، ولديهم القدرة على الكذب أمام الرأي العام المصري والعربي والدولي بدون حياء، ولديهم الشجاعة الوقحة على تسويق الكذب. لكن ما نعيبه على مصر وكتابها وفنانوها وإعلاميوها وقادتها، أن كذبهم وبهتانهم يتم على حساب الآخر، على حساب الجزائر والجزائريين الأبطال..أبطال..لأن هذا ليبس حكم إعلامي مشحون أو عاطفي، إنه كلام التاريخ..التاريخ هو الذي يتكلم..هو الذي يقول بصوت عال : إن الجزائر بلد الأبطال .. ساءلوا التاريخ عنا ما وعى.. لماذا يكذب الإعلاميون والفنانون المصريون على الشعب المصري ؟؟ بل لماذا وجهوا دعوة للإعلاميين المصريين في القنوات العربية لكي يدعموا »هذا الكذب والبهتان«..؟ لماذا تراجع الإعلاميون والفنانون المصريون المعتدلون عن مواقفهم المعتدلة في السابق ليتخندقوا مع المتطرفين حاليا؟. بدون شك هناك أمر جلل .. إن الأمر يتعلق بالنظام السياسي في مصر، الذي هو على وشك »توريث الحكم« لجمال مبارك..ولأن العملية صعبة لكنها ليست مستحيلة في بلد تمتلئ سجونه بمساجين الرأي، كان لابد أن يتم تسويق جمال مبارك على صعيد جماهيري واسع، فجاءت مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر التي تكتسي حساسية كبرى، فتقدم جمال وعلاء مبارك إلى الواجهة عن طريق الفريق المصري، لذلك كان التلفزيون المصري يركز بدقة مقصودة عليهما في الملعب..وكان الإعلام المصري عن طريق الفضائيات المتطرفة يحضر لكي يسوق أبناء مبارك على أنهما »صناع النصر«..ولأنهما »صناع النصر« فإن توريث الحكم يجب أن يتم بالسرعة الممكنة لتمكين عائلة مبارك من قيادة مصر من نصر إلى نصر. الله غالب على أمره .. إن »النصر المنشود لم يتم، فنتج عن مباراة الخرطوم أزمة خانقة في مصر..أزمة في رحاب النظام المصري .. لذلك كان يجب على هذا النظام أن يخلق أزمة لحل أزمة أخرى..فخلق أزمة مع النظام الجزائري جعلته يطالب بوقاحة لم نشهد مثيلا لها في التاريخ ، يطالب باعتذار الجزائر لمصر وعلى لسان الرئيس بوتفليقة شخصيا. ثم جاء خطاب الرئيس حسني مبارك في شكل إعلان حرب مهددا الجزائر بأنه لن يتسامح مع أي دولة تهين المصريين في الخارج..ثم قال علاء مبارك بأن الجزائريين ليسوا عربا وهم لا يحسنون تكلم العربية .. وغيرها من المعطيات بهدف تحقيق هدف واحد، وهو إقناع الرأي العام المصري بأن مصر تعرضت لاعتداء من الجزائريين، وأن المصريين ملزمين للتكتل خلف عائلة مبارك لصد »العدوان«. وهكذا بعد أسبوع من مباراة 18 نوفمبر في الخرطوم..مازال الشعب المصري يتعرض لأكبر عملية غسل دماغ في التاريخ..فضائيات تسوق له الأكاذيب .. وتسوق لتصريحات الفنانين المتحاملين على الجزائر..لتحقيق هدف واحد: إيصال جمال مبارك إلى الحكم على حساب العلاقات مع الجزائر..