بعد نحو شهر من الشحنة الإعلامية بين الجزائر ومصر وتبادل الاتهامات بين هذا وذاك، ها هو صوت الحكمة والتعقل بدأ يشق طريقه في هدوء، وبدأ يعلو فوق صوت الفتنة. صوت الحكمة انبثق لأول مرة من رحم وسائل الإعلام عندما قال إعلاميون من البلدين أن وسائل الإعلام تجاوزت حدود الأخلاق ومست بتاريخ العلاقات بين الشعبين والتاريخ المشترك وبالمصير الواحد، وظهرت تبعا لذلك عدة مبادرات، منها »وردة لكل لاعب«. ولأن الحرب الإعلامية لم تكن متكافئة، حيث كانت تكيل لصالح الطرف المصري ، وتحديدا الفضائيات المصرية، لأن الجزائر لا تمتلك فضائية رياضية، فإن طرح التهدئة من الجانب المصري كان قويا، خاصة عندما ارتفع صوت بعض الفنانين ضد بعض المنشطين في الإعلام المصري مثل صالح السعداني الذي دعا إلى التهدئة، كذلك كتب أحد الكتاب المصريين يقول : »لهذا أشجع الجزائر من أجل مصر« مستعرضا تاريخ العلاقات بين الشعبين الذي لا يجب أن تلغيه مباراة في كرة القدم. الآن جاء الدور للسياسيين، حيث دعت خارجية كل من مصر والجزائر إلى التعقل والتهدئة، فالشحنة الخارجة عن حدود الرياضة ليست في صالح أحد. ورغم ذلك، مازالت بعض الشحنة ملحوظة لدى الطرف المصري، منها تعمد اتخاذ إجراءات متأخرة للصحافيين الموجودين أصلا في القاهرة منذ نحو أسبوع أو أكثر. وكان يحب أن تطرح في وقت حصولهم على التأشيرة، فعندما نشحن الصحفيين لا ننتظر منهم سوى شحن الشارع الرياضي. وكذلك يمكن القول بخصوص منع جزائريين مقيمين في القاهرة أو جاؤوا من دول أخرى غير الجزائر من دخول الملعب على اعتبار أن ألفي جزائري فقط هو العدد المسموح به. وفي إطار التهدئة وعلو صوت الحكمة على صوت الفتنة والتهور، ينبغي على الإعلام في البلدين تهيئة الجمهور الرياضي لكل النتائج المحتملة، فمقابلة في كرة القدم تعد بمثابة مباراة نهائية ، تحتمل فوز الفريق »أ« مثلما تحتمل فوز الفريق »ب« .. ونحن نلاحظ أن الشارع المصري متأكد بنسبة تكاد تكون 100 بالمئة من التأهل على حساب الجزائر تحت دعوات مختلفة »لفعل أي شيء« من أجل التأهل، كما أن الشارع الجزائري يكاد يكون متأكدا من التأهل بحكم الأفضلية التي يملكها. وفي حالة كهذه لا يوجد أي شارع رياضي يتوقع الهزيمة لفريقه .. فكيف يكون رد الفعل في حالة الانهزام ؟ قبل يومين من المباراة يجب على وسائل الإعلام تحضير الشعبين لتجنب سكتات قلبية محتملة.