عودة المناضلة بالصحراوية أمينتو حيدر إلى العيونالمحتلة بعد 32 من الإضراب المتواصل عن الطعام احتجاجا على إبعادها القصري إلى لانثاروتي » جزر الكناري « الاسبانية، يشكل انتصارا كبيرا لهذه المناضلة الصلبة، وللقضية الصحراوية، ويعتبر انكسارا وهزيمة للدبلوماسية المغربية التي دفعت بها سذاجتها إلى التورط في مسلسل درامي جعل العالم أجمع يقف عند بشاعة الانتهاكات الممارسة ضد حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، ويقتنع بأنه لا حل أمام المغرب إلا بالتسليم بحق الشعب الصحراوي في التمتع كغيره من الشعوب بحقوقه في الحرية والاستقلال. فالتصريح الذي أدلت به الناشطة الحقوقية الصحراوية أمينتو حيدر مباشرة قبيل عودتها إلى بيتها بالعيونالمحتلة، بعد أكثر من شهر من المنفى والإضراب عن الطعام، يلخص بشكل واضح ثمار النضال الذي خاضته ضد الرباط، وحتى ضد شريكتها في جريمة الإبعاد، أي السلطات الاسبانية، بحيث أكدت لوسائل الإعلام قبيل إقلاع طائرتها من مطار لانثاروتي أن عودتها للعيون المحتلة تعتبر انتصارا للقانون الدولي ولحقوق الإنسان والعدالة الدولية وكذا للقضية الصحراوية. لقد فتحت هذه المناضلة الصحراوية عيون العالم على واقع مرير كانت السلطات المغربية تعمل جاهدة على إخفائه عبر أساليب مختلفة، سواء عبر مخططها الهادف إلى فرض الحكم الذاتي في الصحراء الغربية بدعوى أنه مشروع واقعي يتيح الحل السلمي المناسب للقضية الصحراوية حتى وإن كان ذلك على لحساب أصحاب القضية أنفسهم، أي الصحراويين، أو عبر ما يسمى بجلسات » الحقيقة والإنصاف« التي استعملها نظام الملك محمد السادس لقبر الجرائم المرتكبة بحق المغاربة وحتى الصحراويين منذ عقود، بدءا بجريمة بن بركة وجرائم النظام المغربي ضد المتهمين بمحاولة الانقلابية التي قادها الجنرال أفقير، والتي طالت المعارضة المغربية بكل أنواعها، وكل من وقف في وجه النظام الملكي، وصولا إلى الجرائم التي ارتكبت بحق الصحراويين، من تعذيب وقتل واختطاف وفقدان قصري. فمنذ البداية ظهر وكان النظام المغربي قد تصرف بسذاجة، بحيث جرته تلك الإرادة في ترجمة الخطاب الأخير للعاهل المغربي بخصوص التعامل من المناضلين الصحراويين إلى ممارسات واقعية، دفع ثمنها سبعة نشطاء حقوقيين صحراويين، مباشرة بعد عودتهم من مخيمات اللاجئين بتندوف، ثم طبق على أمينتو حيدر من خلال سحب جواز سفرها المغربي وترحيلها قصرا نحو لانثاروتي بالأرخبيل الاسباني. وبطبيعة الحال فإن سلوك النظام المغربي كان مبني على الشروع في مرحلة جديدة من القمع اتجاه المناضلين الصحراويين، وتواطؤ السلطات الاسباني في القرار المغربي يخفي تلك الإرادة التي تبديها مدريد في دعم سياسة الرباط في الصحراء الغربية مقابل الخدمات التي تتلقاها من النظام المغربي سواء على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيدين الأمني والسياسي . وما من شك أن الاستماتة التي أبدتها أمينتو حيدر، من خلال رفضها لكل العروض المغربية التي تقدمت بها إسبانيا كمنحها الجنسية الاسبانية والحق في الإقامة والسكن في اسبانيا، هي السر في النصر الذي حققته الناشطة الحقوقية الصحراوية، ودخولها في إضراب مفتوح عن الطعام فاق شهر، رغم تدهور حالتها الصحية وإشرافها على الهلاك، يفسر هذا الانتصار أيضا. لقد استطاعت أمينتو حيدر أن تجمع من حولها في حوالي شهر الآلاف من المناضلين الحقوقيين والسياسيين وبالبرلمانيين من كل أصقاع العالم، فظهرت هذه السيدة الصلبة كالطود الشامخ الذي يأبى الانحناء أمام الغطرسة المغربية وأمام المناورات الاسبانية، وبالفعل حركت أمينتو حيدر مشاعر الآلاف وربما الملايين في جميع القارات، وأوصلت قضيتها إلى كل الجهات بما في ذلك الأممالمتحدة، فحصلت على مؤازرة حتى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي طلبت وزيرتها للخارجية هيلاري كلينتون من السلطات المغربية الإسراع في معالجة قضيتها الإنسانية. وما من شك أيضا أن أمينتو حيدر لم تعر فقط حقيقة النظام المغربي وتكشفه أمام العالم باعتباره نظام قمعي قائم على الهيمنة والغطرسة وعلى انتهاك الحقوق والحريات، بل أوصلت القضية الصحراوية أيضا إلى أعلى مستوى وتركت العالم كله يكتشف هذه القضية مرة أخرى ويقتنع بأن الاحتلال المغربي للصحراء الغربية يجب أن ينتهي ويجب على الجميع العمل على تمكين الشعب الصحراوي من حقه الطبيعي المشروع والمقدس في الحرية والاستقلال. لقد هزمت هذه المناضلة الصحراوية لوحدها مخطط الحكم الذاتي، وكشفت عورة النظام المغربي، وقدمت خدمة جليلة للقضية الصحراوية، واستطاعت أن تهزم في حولي شهر الآلة الدبلوماسية المغربية التي اضطرت بفعل نضال حيدر وبفضل الضغط الدولي على الرباط على التراجع والسماح للمناضلة الصحراوية من العودة إلى أهلها وإلى بلدها المحتل. النظام المغربي من جهته حاول ومنذ البداية الاستثمار في الدعاية المضللة وفي قلب الحقائق وبتسويف قضية المناضلة الصحراوية، وتوالت ومنذ البداية اتهامات المسؤولين المغاربة لأمينتو حيدر بأنها تنفذ أجندة لجبهة البوليساريو والجزائر، بل أن بعض هؤلاء المسؤولين ادعوا بان المخابرات الجزائرية هي التي تملي على الناشطة الحقوقية الصحراوية نضالها وإصرارها على العودة إلى وطنها المحتل ! لقد فتحت أمينتو حيدر أبواب النضال على جبهة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية على مصرعيها، ويبدو أن المعركة سوف تكون طويلة في ظل إصرار المغرب على تنفيذ مخطط القمع الذي سنه الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش، ومهما يكن فإن انتصار الشعب الصحراوي هي حقيقة لا يمكن أن يحجبها النظام المغربي سواء عبر مخططك الحكم الذاتي أو من خلال محاولة توريط الجزائر في النزاع، فصراع هذا الشعب ضد القمع المغربي، هو نضال كل الأحرار في العالم ضد الهيمنة والاستعمار.