انتشرت مؤخرا وبشكل ملفت للانتباه، محلات بيع الأعشاب الطبيعية كبديل للصيدليات ، بل وتحول هذا النشاط إلى تجارة قائمة بذاتها، تنافس العيادات الطبية، وتحل محلها، نظرا لاعتقاد بعض المرضى الرجوع إلى الطبيعة فضيلة وأن هذه الأعشاب ستداوي الأمراض التي استعصت مداواتها العلوم الطبية كما عالجت أمراض وعلل الآباء والأجداد الذين لم يطرقوا عيادات الطبيب طيلة حياتهم الطويلة. كانت الأعشاب الطبيعية وعلى مدى عصور كثيرة، مصدرا طبيعيا لعلاج الأمراض، إلى أن حدثت الثورة العلمية الطبية، فتمكنت من إبعاد الأفراد عن هذه الأعشاب، بل وأصبح من يتقرب منها قصد اتخاذها دواء ثانيا له كأنما يسلك مسلك الفرد المتخلف. مؤخرا استرجعت الأعشاب الطبيعية داخل مجتمعنا العربي وحتى في الدول الغربية دورها بين المرضى واقترنت بالأدوية الطبية، وأخذت فكرة التداوي بهذه الأعشاب تكبر لدى مرضانا،وأصبحت محلات بيع الأعشاب الطبيعية تشبه إلى حد كبير العيادات الطبية، إذا ما نظرنا للمرضى الذين لا ينقطعون عن زيارتها. ولعل من أهم الأسباب المباشرة التي أعادت المرضى للأعشاب الطبية أو مثلما يقولون لعصور أجدادهم و بات يشجع المرضى على زيارة محلات بيع الأعشاب الطبيعية كبديل للأدوية الطبية، هو اتجاه بعض من الأطباء المختصين لهذا النوع من الأدوية، وإثبات تفوقهم في الربط بين الطب العلمي والطب الطبيعي. إذ ساعد هذا كثيرا على إسقاط مخاوف بعض المرضى الذين كانوا فيما سبق يتجنبون التقرب من العشبة الطبيعية، ويرونها مضرة بصحتهم، وتخلف بيّن في وقت طغت فيه العلوم الطبية وتطورت وسائل العلمية. أضف إلى هذه الأسباب ما أصبح يروج على القنوات الفضائية التلفزيونية من ومضات إشهارية عن أدوية طبيعية ساهمت في مداواة بعض الأمراض المستعصية، حيث يستعين بعض الأطباء العرب بالتلفزيون لإظهار ما استخلصوه من الأعشاب الطبيعية، وبأنها استطاعت حقا مداواة أمراض فشل الطب الحديث في علاجها. هذا وأكدت منظمة الصحة العالمية أن ما نسبته 80% من سكان العالم يستخدمون الأعشاب والطب البديل في العلاج ، كما أكدت أيضاً أن مبيعات الأعشاب الطبية في أوروبا بلغت حوالي المليارين من الدولارات سنوياً . وهى في آسيا وأفريقيا أضعاف هذا المبلغ . أطباء على رأس محلات بيع الأعشاب أغلب محلات الأعشاب الطبية التي وطئتها أقدامنا و المتواجدة على مستوى العاصمة، يؤطرها أطباء مختصون، حيث يشتغلون صباحا على مستوى المستشفيات، بينما يداومون ساعة أو ساعتين في المساء على مستوى محلاتهم المخصصة لبيع الأعشاب الطبيعية. في المحلات يستقبلون مرضاهم، ويرشدونهم ويحدد ون لهم العشبة التي تتلاءم ومرضهم ودواءهم،ومثلما ذكر لنا أحد القائمين على محل للأعشاب الطبية، أنه لا يقبل فحص أي مريض إلا إذا حمل معه نتائج تشخيص مرضه و الوصفة التي أعطاها له الطبيب. وتلقى هذه المحلات إقبالا واسعا من طرف المرضى لا سيما منهم النساء، وهو ما سجلناه على مستوى أحد المحلات المتواجد بشارع حسيبة بن بوعلي، أين يعمل به أحد المختصين بمستشفى مصطفى باشا، والذي رفض أن يتحدث إلينا لأسباب نجهلها. وقد سمحت لنا فرصة التواجد داخل المحل بالتقاء بعض المرضى، الذين يأتون من مختلف بلديات الولاية وكأنهم يأتون لعيادة الطبيب، و كل واحد منهم ينتظر دوره لأن يمر على الطبيب ويخضع للفحص شفوي، حتى يشخص لها العشبة الطبيعية الملائمة لمرضها ودوائها. وحسب بعض المريضات فإنها ما كانت لتأتي وتزور محل الأعشاب الطبيعية لو لم يكن فيها طبيبا مختصا، مشيرة إلى أن الطب الطبيعي هو طب نبوي فرطت فيه مجتمعاتنا الإسلامية في الوقت الذي أخذته الدول الغربية وسيطرة عليه سيطرة كاملة، تقول المريضة. وهو ما تؤكد أخرى أنها فعلا كانت تخاف استعمال الأعشاب الطبية غير أن ما شجعها على ذلك ما تراه على القنوات التلفزيونية الفضائية وكذا وجود الأطباء المختصين في هذه المحلات حيث حسبها اجتمع الطب العلمي والطب الطبيعي ولا محالة كما ذكرت ستلقى الشفاء. المطلوب مراكز ومعاهد لدراسة طب الأعشاب انتقلنا على مستوى أحد محلات بيع الأعشاب الطبيعية بباب الزوار ، حيث يباع تقريبا شتى أنواع الأعشاب الطبيعية مثلما ذكر لنا "رابح طيباوي" صاحب المحل والمختص في طب الأعشاب. و قال لنا "إن المحل يبيع ما نسبته 85 بالمائة من أعشاب طبيعية جزائرية، ونسبة قليلة فقط تستورد من الصين و الهند و الشرق الأوسط". وأخبرنا رابح طيباوي وهو شاب لا يتجاوز الثلاثينات أن اختصاصه في طب الأعشاب متوارث عن أبائه وأجداده، حيث انتقلت إليه عن طريق والده، ليضيف أن اهتمامه بدأ منذ عشر سنوات، حيث طالع عدد كبير من الكتب المتعلقة بالأعشاب الطبيعية،كما قام بعدة أبحاث متعلقة ببعض من الأمراض كمرض عرق النسا، والضغط الدموي والسكري. وعبر المختص في طب الأعشاب عن أسفه الشديد لعدم استحداث السلطات العمومية مراكز ومعاهد في الجزائر، لدراسة طب الأعشاب الطبيعية، ودراسة مكوناتها وخصائصها، ومن تم تكوين متخصصين في هذا المجال يفيدون الجزائر صحيا وحضاريا واقتصاديا في الوقت الذي نجد فيه الدول الغربية مثل فرنسا والصين قد فتحت مراكز لأبحاث طب الأعشاب وتسمى بمراكز "فيتو ترابي"، يقول صاحب المحل. و كرر ذات المتحدث في السياق نفسه، لماذا لا تتجه الجزائر لفتح مثل هذه المراكز سيما و أنها تتميز بمناخ معتدل يساعد على زراعة الأعشاب الطبيعية، لافتا إلى أن الجزائر تمتع بمناخ صحراوي وتلي وسهلي وبحري، وهذا يحفزنا لزراعة أعشاب متنوعة من شأنها تنهض بطب الأعشاب في بلادنا، مذكرا أن الجزائر تتوفر على أكثر من 3500 عشبة طبيعية وبعض الأعشاب النادرة. محلات تجارية ليس إلا وعن كيفية ممارسة مهامه إزاء المرضى داخل المحل، أوضح المتحدث أن المريض يأتي إلى المحل لأجل تلقي الفحوصات والتوجيهات اللازمة وأنه شخصيا كما أردف لا يقبل أي مريض دون رخصة من طبيبه لدى زيارته لأنه لا يمكن أن يعطيه عشبة دون الاطلاع على ما أعطاه الطبيب. كاشفا أن الإقبال على الأعشاب الطبيعية من طرف المرضى لقي إقبالا واسعا، ملفتا في ذات السياق إلى أنه فحص المريض يكون مجانا، في حين لا يتجاوز ثمن العشبة الطبية ال100 دج. وعن ما إذا كان فتحهم للمحل، لأجل بيع الأعشاب الطبيعية تم عن طريق رخصة من طرف وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات. أكد رابح طيباوي أن بيعهم الأعشاب الطبيعية، يأتي في إطار التجارة الحرة، شأنها شأن تاجر يبيع الألبسة وأدوات التجميل، كاشفا أنه قد سبق له وتقدم سنة 2000 على مستوى وزارة الصحة و إصلاح المستشفيات و طلب منهم رخصة لممارسة نشاط بيع الأعشاب الطبيعية، "غير أن مصالح الوزارة أوضحت لنا" يقول رابح طيباوي " أن وزارة الصحة ليس لها دخل في مثل هذا النشاط ولا يدخل في الإطار الصحي"، وعليه مضيفا " لم تعط لنا رخصة لبيع الأعشاب الطبيعية، وفتحنا المحل كما يفتح محل لبيع أدوات التجميل أو أي بقالة.