رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    أدرار.. إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    انطلاق الدورة ال38 للجنة نقاط الاتصال للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بالجزائر    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    السيد ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    الجامعة العربية: الفيتو الأمريكي بمثابة ضوء أخضر للكيان الصهيوني للاستمرار في عدوانه على قطاع غزة    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نايت محند عبد العزيز رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين لصوت الأحر
نشر في صوت الأحرار يوم 08 - 06 - 2008

"الزيادة في أجور عمال القطاع الاقتصادي بحاجة إلى إطار تشاوري"
يرى نايت محند عبد العزيز رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين أن "الباترونا" ليست ضد رفع أجور عمال القطاع الاقتصادي، ولكن على الرغم من ذلك فإنه يؤكد بأن هذه الزيادة ينبغي أن تكون مدروسة في إطار تشاوري سواء تعلق الأمر بالقطاع الاقتصادي العمومي أو الخاص، وذهب في هذا الحوار الذي خص به "صوت الأحرار" إلى المطالبة بضرورة إعادة النظر في كثير من الأمور المتعلقة بالمؤسسة الجزائرية تحسبا للمراحل القادمة، بل إنه يعتبر الحديث عن مرحلة ما بعد البترول مجرد كلام فارغ لا يستند إلى واقع ولم يحقق ما تمت الدعوة إليه منذ عقود من الزمن.
س: بداية سيد نايت عبد العزيز عقدتم مؤتمركم الرابع الذي جاء في ظروف اجتماعية واقتصادية مميزة بالنسبة للجزائر، كيف كانت مجريات الحدث؟
ج: في المؤتمر الرابع أكدت شخصيا على أن يؤسس المجتمع المدني لتقاليد جديدة حيث أن له دور هام مثلما هو الحال بالنسبة لمنظمة أرباب العمل التي لها 17 سنة من النضال الاجتماعي والاقتصادي حيث أن المنظمة والجمعية التي لا تتجدد ولا تعمل على تغيير سياستها وفق المعطيات الراهنة فإنها ستموت وتندثر لا محالة.
ومن هذا المنطلق عملت على إعطاء الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل نفسا جديدا وإن كنت لم أنس أن هناك من سبقني في النضال في هذا الميدان، وبهذا فإن انعقاد المؤتمر الرابع يأتي في سياقه العادي خلال كل 5 سنوات من أجل التجديد والتغيير في الرؤية المستقبلية وتقويم أخطاء الماضي من خلال برنامج آخر وبأناس آخرين إن تطلب الأمر ذلك.
حضر المؤتمر أزيد من 280 مشارك حيث كانت كل ولايات الوطن ممثلة فيه إلى جانب الاتحادات المهنية الأمر الذي أعطى للحدث نكهة أخرى .وكان شعار المؤتمر "فلنعمل من أجل المؤسسة"، وهو يخص أرباب العمل والشركاء الاجتماعيين، كما يخص الحكومة لأنه بدون الاهتمام بالمؤسسة فان الاقتصاد لن يحقق النتائج المرجوة لأنها أساس الاقتصاد ومكان لخلق الثروة ومناصب العمل، وللمؤسسة دور اجتماعي واقتصادي في إطار قانون العمل الجزائري.
س: أشرتم إلى الخطر الذي تواجهه المؤسسة بسبب الاقتصاد الموازي، وبعد إعادة انتخابكم لعهدة أخرى على رأس الكنفدرالية ماذا تعتزمون القيام به لصالح المؤسسة الجزائرية؟
ج: حقيقة هناك خطر بالنسبة لمنخرطي الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل حيث أن الأمر يتطلب إعادة النظر في القوانين المسيرة للمؤسسة الجزائرية وضمن التقرير الأدبي والمالي المعروض في المؤتمر اقترحنا خطة للتدخل في هذا الشأن من أجل وضع حد للفوضى السائدة، حيث يفترض الشروع في عمل ميداني لضبط الأمور على المستوى الداخلي للمؤسسات المنتمية للكنفدرالية وذلك حول طبيعة المشاركة من خلال كل هياكلها. وإن كنا لا نملك سلطة القرار التنفيذي لكن دورنا يكمن في قوة الاقتراحات المقدمة للحكومة من خلال التشخيص الذي نتقدم به للجهات المعنية وفي هذا الشأن ساهمنا في 13 ثنائية بين الحكومة وأرباب العمل منذ سنة 1991 إلى غاية 2006 غداة التوقيع على العقد الاجتماعي والاقتصادي الذي كان بالشراكة مع المركزية النقابية.
وفي نظرنا فإن الوضع الاقتصادي رغم أنه عرف تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة إلا أن مطالبنا تجاه الحكومة ما زالت تنصب أساسا في رفع الحواجز البيروقراطية أمام المؤسسات حتى تتمكن من تحقيق ما تتطلع إليه البلاد من ازدهار وتقدم، ومن هذا المنطلق جددنا دعوتنا للحكومة في المؤتمر الرابع للكنفدرالية من أجل تقديم تسهيلات أكبر لأننا فعلا بحاجة إلى هذه التسهيلات، وأؤكد هنا أن النية والإرادة القوية متوفرة لدى أصحاب المؤسسات وأرباب العمل من أجل رفع التحدي، إن توفرت الإرادة السياسية الكافية لدعم ما نقوم به.
س: في هذا الإطار، هل تقدمتم باقتراح للحكومة من أجل القضاء على هذه الظاهرة؟
ج: الحكومة من جهتها على دراية بخطورة الوضع حيث أن هذه المسألة من بين ما تضمنه العقد الاقتصادي والاجتماعي وبإجماع الأطراف المشكلة فإن الاتفاق المبدئي يكمن في العمل على تقليص الظاهرة في البداية ثم القضاء عليها كلية بشكل تدريجي وهذا ليس بالقوة أو تدخل مصالح الأمن بل هناك طرق رقابية أخرى يمكن للدولة التدخل بها، إذ من مصلحة الدولة أن تسعى لإقناع النشطين في الخفاء للإعلان عن نشاطاتهم حتى تستفيد منها.
س: هذا يؤدي بنا إلى الحديث عن الاقتصاد الوطني، كيف تقيمون مساره في ظل الأزمات الدولية المحيطة به خاصة من خلال ندرة في المواد الأولية وغيرها؟
ج: مهمتنا ككنفدرالية هي التكفل بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية فلنترك السياسة إلى وقتها وإن كان في الواقع لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، فنحن كمنظمة دورنا وواجبنا تقييم الواقع الاجتماعي والسياسي والاجتماعي للبلاد، وفي هذا الإطار لا يمكن تجاهل الأمور العارضة، ومن بين هذه الأمور والذي لم نؤكد عليها سواء نحن أو الحكومة في لقاءاتنا هو المديونية الخارجية للجزائر التي وصلت إلى 34 مليار في 1996 و1997 إلى أن وصلنا إلى جعل هذه الديون تصل تقريبا درجة الصفر والتي تحققت نتيجة قرار سياسي شجاع وهو الأمر الذي يدفعني إلى أن أنحني عرفانا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة باعتباره صاحب رؤية سديدة، وحتى وإن لم تسر الأمور كما أردناها في بعض الأحيان فنحن ندرك أن إرضاء الناس جميعا غاية لا تدرك وما يهم هو مستقبل البلاد والعباد والأجيال القادمة.
نحن من الغيورين على الوطن ومن المدافعين عن مصلحته سواء في الإطار الشخصي أو كمنظمة، فالاقتصاد الوطني كان لا بد أن يخضع لتقييم سنوي كل قطاع على حدة من أجل وضع رؤية شاملة عن مدى الأشواط التي قطعت لحد الآن لكن عوض ذلك قمنا بفتح الاقتصاد على مصراعيه دون العودة إلى المحطات التي يجب التوقف عندها. أما أن نضع إستراتيجيات ليست لها علاقة بالواقع الجزائري فهذا ما نرفضه ونعمل على مراجعته تفاديا للعودة إلى الوضع الذي كانت عليه الجزائر سنوات التسعينات أين كانت تحت رحمة صندوق النقد الدولي، نحن الآن، وبفضل السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية، في راحة مالية تمكننا من وضع أسس صحيحة للاقتصاد الوطني، فانطلقت سلسلة من الاستثمارات في الهياكل القاعدية التي أهملت خلال العشريات السابقة.
فقناعتي أن الجزائر اليوم تفتقد في اقتصادها للاتجاه الصحيح ولن نذهب بعيدا إن بقي الحال على ما هو عليه، وأنا مسؤول على ما أقول، فالجزائر بحاجة إلى مؤسسات منتجة وليست بحاجة للاستيراد. لقد قلت هذا الكلام في تدخلي أثناء المؤتمر حيث أن 8.26 مليار دولار قيمة ما استوردناه سنة 2007 من الخارج، وعليه يجب على الجزائر أن تسير بسرعة ال "تي.جي.في" لأننا لا نملك الوقت الكافي ولا يجب أن نبقى في هذه المرحلة الانتقالية التي دامت كثيرا.
س: نفهم من كلامكم أن الاقتصاد الوطني لم يحقق أهدافه بعد؟
ج: خارج برنامج رئيس الجمهورية أنا لست راض أبدا، حيث أن الاقتصاد الوطني لم يحدد معالمه بعد ومن هذا المنطلق أرى ضرورة إعادة النظر في الوضع من خلال تطهير القطاع الاقتصادي بصفة جذرية وذلك من أجل ضمان انطلاقة جديدة، وفي هذا الحال مطلوب من الدولة أن تلعب دورها الرقابي والتدعيمي من خلال استرجاع هيبتها في إطار دولة القانون والتسيير الراشد الذي يعتمد على خطاب واضح ومباشر مع المواطنين.
وفي هذا الإطار يجب على الدولة أن تعيد الأمور إلى طبيعتها بما فيها مسألة تهيئة الإقليم وأغتنم هذه الفرصة للتأكيد على ضرورة إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية مع توفير الشغل والسكن لهم، كما أشير هنا إلى أن موقفي هذا لا ينبع من منطق جهوي بل من باب إعطاء كل جهة من جهات الوطن حقها من التنمية وهذا يدفعني أيضا إلى القول أننا لم نستخلص ولا درسا واحدا من المشاكل التي اعترضتنا خلال مسيرتنا منذ الاستقلال في أي قطاع من القطاعات.
س: تشخيصكم للوضع الاقتصادي على الخصوص لا يبعث على الارتياح، إذن في اعتقادكم إلى أين تتجه الجزائر؟
ج: الجزائر بخير حب من حب وكره من كره، لكننا نريد أن تكون أحسن من أجل ربح الوقت، فنحن نرى المشاكل والعراقيل يوميا حتى وصلت درجة فقد معها المواطن الثقة والمصداقية في الدولة وحتى فينا نحن كذلك، ووصلت الخطورة إلى أن أصبح المنطق السائد "طاق على طاق" منذ سنوات ورأينا نتائج ذلك في الميدان.
وبالرغم من وجود عدة محاولات لاستغلال الوضع فإننا لا ننكر هذا الواقع، وإن كنت أنا أيضا لا أؤمن بالأرقام إلا أن معدل البطالة الذي وصل في السابق إلى 32 بالمائة فإن سنة 2008-2009 ستعرف في إطار برنامج رئيس الجمهورية تراجعا على الأقل برقم واحد، لكن المشكل المطروح هو أن هناك بعض المؤسسات لا تبالي بهذا الأمر ولا أعتقد أن العمال الصينيين المتواجدين في بلادنا لإنجاز الطرق والسكنات سيأخذونها معهم.
وبالفعل فإن الوضع الاقتصادي العالمي كانت له إيجابياته على الجزائر وتأثيراته الواضحة عليها، والسؤال يتطلب تحليلا معمقا في هذه المسألة، ومن جهة أخرى فإن التحليل بالنسبة لنا سهل فإذا أردنا أن نكون واقعيين فسأعطيك مثالا فقد كانت لي عدة لقاءات مع ممثلي قطاع البناء المنتمين للاتحاد المهني لأرباب العمل وقدموا لي شكاويهم بخصوص مسألة استقدام اليد العاملة من الخارج لإنجاز المشاريع، بالتأكيد من حقهم المطالبة بنصيبهم في بناء الوطن لكن ردي كان سهلا لأنه لا يمكن مشاهدة تجسيد برنامج الإنعاش الاقتصادي دون المؤسسات الجزائرية سواء العمومية أو الخاصة. فإذا كانت الدولة أعطت مشروع إنجاز طريق سيار فيه 1200 كيلومتر للصينيين فهذا من حقها لأنها إذا منحته للمؤسسات الجزائرية، ولا أعمم الحكم على الكل، فإننا سنستلم هذا المشروع في ظرف قرن كامل، وفي المقابل فإن الآلاف من المؤسسات الجزائرية باستطاعتها أن تستفيد من المشاريع عن طريق المناولة وأيضا إنجاز الأشغال الثانوية للمشاريع وهذا ليس بعيب فمؤسساتنا بحاجة إلى تأهيل يدها العاملة قبل كل شيء في كل الميادين، ونحن كمنظمة وجدنا أنفسنا أمام خيار الدفاع عن حقوق المؤسسات من جهة، والوقوف مع المصلحة العامة للبلاد من جهة أخرى.
ومن هذا المنطلق فإنني سعيت دائما إلى التأكيد على الدفاع عن المصلحة العامة التي تأتي بالنتيجة من المصلحة الفردية، وفي هذا الشأن أكدنا على ضرورة وأهمية أن يبقى كل واحد في الحيز المخصص له إذ لا يمكن لأي مؤسسة أن تخلف دور الدولة في مسألة التعليم على سبيل المثال.
ولا يمكن أن تكون تنمية البلاد دون مشاركة المؤسسات الجزائرية وبالتالي لا بد من إيجاد توافق من أجل التوصل لتحقيق المصلحة العامة التي تسعى إليها الدولة لإرضاء احتياجات المواطنين من جهة ومصلحة المؤسسة من جانب آخر.
وعليه فإننا نرى ضرورة إعادة النظر في دور المؤسسة الجزائرية رغم أننا سجلنا بعض التحسن من خلال إشراكها في القضاء على البطالة والمساهمة في تشغيل الجزائريين.
س: وماذا عن الدعوات المتعلقة بتعزيز دور المؤسسات الجزائرية للمساهمة إيجابيا في تحقيق الاكتفاء الداخلي تحسبا لمرحلة ما بعد البترول؟
ج: هذا كلام فارغ، فمنذ أزيد من 25 سنة ونحن نتكلم عن مرحلة ما بعد البترول لكن لا شيء تجسد على أرض الواقع، فإذا لم تكن لدينا القدرة على التصدير على الأقل ننظم أنفسنا من أجل تخفيف فاتورة الاستيراد.
لدينا الآلاف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كل القطاعات لماذا لا تمنح لها المساعدة ولا تعطى لها القروض إذا طلبت ذلك، فهي قادرة على أن توفر ما تحتاج إليه البلاد. أنا لست ضد إنشاء المؤسسات من طرف الشباب فهناك الآلاف من المؤسسات التي تملك الدراسات التقنية ولها الأسواق ولا تمنح لها قيمة 100 مليون دينار لتجسيد مخططاتها الإنتاجية وتعطى أخرى 100 مليار دينار بدون جدوى، هذا ليس بمنطق وهذه هي الحقيقة، فإذا لم نكن قادرين على مواجهة هذا الواقع فإننا لن نذهب بعيدا، ولا بد على الدولة أن تستشرف آفاق المستقبل.
وللعودة إلى سؤالك حول مرحلة ما بعد البترول فأنا متأكد أن مشكل البيروقراطية باق، فلنتوقف عن الكلام فقد حان وقت العمل لأنه لدينا القدرات ولدينا الطاقات الكافية للانطلاق، الأمر ليس بالسهل لكن قد لا يكون كذلك بوجود الإرادة والشجاعة السياسية.
رئيس الجمهورية لا يمكنه فعل شيء لوحده والحكومة وحدها لا يمكنها فعل شيء وهذا يدخل في التناغم الذي تفتقد إليه البلاد بين مختلف القطاعات، سنطالب بتقييم للإصلاحات الاقتصادية لنرى إلى أين نحن ذاهبون ومسألة العودة للحديث عن مرحلة ما بعد البترول تدخل في سياق حملة انتخابية مسبقة.
س: كنتم خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع دعوتم إلى بعث مفاوضات جديدة حول العقد الاقتصادي والاجتماعي، ماذا تقصدون من وراء هذه الدعوة؟
ج: هناك ربما خلط وعدم فهم البعض لما أردت قوله، والحقيقة أنه لا يوجد مطلب بإعادة النظر في العقد الاجتماعي والاقتصادي الذي يتضمن التزامات من طرف الشركاء الثلاثة وهم الحكومة والمركزية النقابية وأرباب العمل والذي يلقي على عاتق الحكومة التدخل لإيجاد الحلول المناسبة لأنها المشرف الأول على المصلحة العامة.
س: في إطار قوة الاقتراح التي تسعى منظمتكم تأكيدها في الميدان، وجهتم دعوة إلى مختلف التنظيمات المهنية للتوحد. أين وصلت هذه المسالة وهل هناك استجابة لحد الآن؟
ج: أنا شخصيا أكدت على هذه المسألة إذ لا يمكننا مواصلة العمل بهذا الشكل، وهناك بعض الإخوان الذين يرون أن أولوية إقامة اتحاد مع المنظمات المغاربية وآخرون يفضلون إقامتها مع أطراف أوروبية لكننا لم نعط الاهتمام للالتقاء معا من أجل التعارف على الأقل وإيجاد إطار تتوحد فيه كلمتنا.
أما من جانب الحكومة فإنها تفضل أن يكون المتحدث باسم أرباب العمل هيئة واحدة لأنه في تعدد الرايات تتداخل المصالح وتظهر الحساسيات، وقد اقترحنا في هذا الشأن وضع ورقة طريق بين مختلف الأطراف المشكلة للاتحاد وذلك لتفادي الخلافات المحتمل ظهورها حيث يتم عقد لقاء كل شهر بين أمانات تنظيمات أرباب العمل من أجل تلقي الاقتراحات ووضع ملف ورؤية موحدة على أن يبقى كل تنظيم بهويته، لكن المهم أن نتفاهم على الأمور الأساسية التي تخدمنا جميعا.
لقد حاولنا في هذا الاتجاه عدة مرات في إطار لقاءات (3+1) و(3+2) ولقاءات أخرى أنتم لا تعرفونها إلى أن وصل عددنا إلى 5 منظمات مشاركة في هذه المبادرة، وسنعلم الحكومة بأننا غير قادرين على مواصلة العمل بهذه الطريقة، حيث أن القانون 90-14 واضح في هذا المجال ويحدد طبيعة المنظمات المهنية العمالية والخاصة بأرباب العمل، أما القانون 90-31 فينظم نشاط المنظمات ذات الصبغة الوطنية والتي ليست لها الصبغة الاقتصادية، وفي المقابل فهي لا تملك صفة التمثيل من أجل حضور اللقاءات التشاورية مع الحكومة وهذا طبقا للقانون ونحن مجبرون على الذهاب لتطبيق القانون لا محالة لأنه من لا يملك الصفة القانونية لا يحق له حضور هذه الاجتماعات.
الأمر مشابه لفترة إنشاء الأحزاب السياسية حيث وصلنا إلى 60 حزبا في البلاد، وهو نفس الشيء للباترونا ونحن هنا لا نريد منع الناس من الكلام لكن كل واحد في إطار اختصاصاته، وعليه فإننا نقترح إعادة النظر في تشكيلات هذه المنظمات من خلال إدماجها في منظمات موحدة أو بالأحرى تنظيم جلسات وطنية للخواص والخروج بصيغة توافقية بين الجميع من أجل أن تكون كل المنظمات ممثلة بصفة عادلة بحيث يتم تنظيم قطاع بقطاع حتى لا نبقى في هذه الفوضى.
س: هل هذه المراجعة جاءت باقتراح منكم؟
ج: لا، هذا يدخل في إطار مراجعة عدد من القوانين بما فيها قانون العمل حيث ينتظر أن تدخل عليها تحسينات لكي تتماشى مع المتطلبات الجديدة للاقتصاد الوطني، كما أن قانون العمل الجديد ينهي حالة التداخل في مسألة التمثيل على أساس الوزن والثقل في الميدان.
س: كان مهني عبد العزيز رئيس اتحاد الصناعيين قد أعلن عن وجود قرار بتغيير المنظمات المهنية لأرباب العمل من وصاية وزارة العمل إلى وزارة أخرى مؤكدا رفضه لذلك باسم الكنفدرالية، هل فعلا تم اتخاذ هذا القرار؟
ج: أنا شخصيا لم أتلق أي شيء في هذا الشأن، وقد فوجئت كما تفاجأ الجميع، لكن بالنسبة للكنفدرالية لم تتلق لحد الآن أية مراسلة من قبل وزارة الصناعة التي قيل أن هذه التنظيمات ستصبح تحت وصايتها. وسأجيبك بطريقة أخرى لأنه من المفروض أن لدينا حكومة وهناك قانونا مسيرا سيدا وفي هذا الإطار فإنه حسب القانون 90-14 فإن وزارة العمل والتشغيل الضمان الاجتماعي هي الوصي عن كل التنظيمات المهنية ولا يجب الخلط في ذلك، ففي كل بلدان العالم فإن وزارة العمل هي التي تشرف على الحوار مع الشركاء الاجتماعيين وليست وزارة الصناعة أو وزارة أخرى.
وفي نظري فإن الأمر يعود إلى عدم التنسيق بين أعضاء الحكومة في مثل هذه المسائل وهذا أمر عشناه في مسألة تأهيل المؤسسات حيث أن وزير الصناعة يقول بأنه صاحب القرار، ووزير الصناعة الصغيرة والمتوسطة يتكلم بنفس الحديث، ولهذا طلبنا من الحكومة أن تعمل على ضبط الأمور أكثر.
س: بصراحة، هل أنتم ترفضون هذا القرار؟
ج: هذا أمر مفروغ منه ولا يمكن الحديث عنه إطلاقا، فوزارة الصناعة لها مشاكلها التي ينبغي أن تهتم بحلها وتترك الأمور الأخرى لغيرها، فعوض الاهتمام بمسألة تأهيل المؤسسات نرى أن الأمور توجهت إلى من يكون وصيا على الآخر، ولذلك ندعو إلى قليل من الانضباط الحكومي.
س: وماذا عن مسألة تأهيل المؤسسات، إلى أين وصلت الأمور باعتباركم تتابعون القضية عن قرب؟
ج: أنا أتحمل كامل المسؤولية في هذا الأمر حيث أنني دعوت إلى الشروع في تأهيل المؤسسات العمومية قبل الذهاب إلى الخوصصة، وهذا من أجل خلق تناغم وتكامل بين القطاع العمومي والخاص في إطار شراكة عمومية– خاصة، وللأسف لم نتوصل إلى إعادة القطاع العمومي إلى دوره الحقيقي وبقينا ندور في فلك التهيئة بعد الأخرى ولم نخرج منها ولم نربح أي شيء يذكر لحد الآن.
س: يعني أن مشروع تأهيل المؤسسات الجزائرية لم ينطلق بعد؟
ج: فعلا لم ينطلق بعد، ففي وقت سابق كانت وزارة الصناعة حاولت الشروع في تجسيد نموذج من التأهيل للمؤسسات واختار الخبراء نمطا على الطريقة الأوربية لكن أبدينا اعتراضنا على ذلك وأكدنا للوزارة أن 98 بالمائة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية تشغّل أقل من 20 عاملا على العكس من المؤسسات الأوروبية التي يصل عدد عمالها إلى 25 عاملا.
واشترط على المؤسسات الجزائرية المتقدمة لعملية التأهيل أن يكون عدد عمالها لا يقل عن 25 وأن تقدم تقريرا سنويا عن نشاطها لمدة 3 سنوات على أن يتم التأهيل في الجانب غير المادي مثل التسيير والإعلام الآلي وغيره، في حين أن أغلب المؤسسات الجزائرية بحاجة ماسة إلى تجديد عتادها أو توسيع مقراتها فهي ليست بحاجة إلى إقامة دراسات تقنية مالية أو اقتصادية أو حتى إستراتيجية للتسيير والتي تخص المؤسسات الكبيرة فقط سواء كانت عمومية أو خاصة، أما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فهي بحاجة إلى أمور أخرى. وأنا شخصيا قررت تخصيص عهدتي الثانية على رأس الكنفدرالية من أجل الدفاع عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعد عاملا أساسيا في التطور الاقتصادي للبلاد، واسمح لي بالمناسبة أن أعلن أننا سنكون إلى جانب وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إذا كان في المستوى ولا يغير تسمية وزارته. نحن لسنا بحاجة إلى الشعبوية التي ولى وقتها، بل نحن بحاجة إلى تدارك الأمور لكي لا نضيّع مزيدا من الوقت، ففي المغرب على سبيل المثال انتهوا من اقتسام كعكة تأهيل المؤسسات ونحن ما زلنا نتحدث عن وضع إستراتيجية لتأهيل مؤسساتنا، وكنت اقترحت في هذا الجانب أن يتكفل وزير الصناعة بتأهيل المؤسسات الكبرى في القطاع العمومي والخاص ووزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالأخرى وذلك من اجل المصلحة العليا للبلاد.
س: ما قولكم في مطلب رفع الأجر القاعدي؟
ج: من جهتي أعتبر أن الأجر الأدنى المضمون والمقدر ب 12 ألف دينار غير كافي، وفي اعتقادي فإن الأمور كلها مرتبطة ببعضها لأن المرحلة حاسمة بالنسبة للاقتصاد الوطني، فإذا أردنا حقيقة وضعه على السكة الصحيحة وتكون نتائج ذلك واضحة على المستوى الاجتماعي فإن الدولة من واجبها في الوقت الحالي القيام بحملة واسعة من أجل التقليل من مخاطر الاقتصاد الموازي الذي يعمل على تبييض الأموال.
وفي هذا الإطار تقترح الكنفدارلية القيام بحملة تحسيسية واسعة النطاق من أجل تشجيع المؤسسات النشطة في السوق الموازي للمساهمة في الخزينة العمومية من خلال تقديم تسهيلات وتحفيزات تباشرها الدولة، فالكل معني بهذه المسألة لأننا إذا واصلنا على هذا المنوال من الاستيراد غير المنظم فإنه خلال الخمس سنوات القادمة فإن الصحراء الجزائرية بأكملها لا يمكن أن تسع الحاويات التي تدخلها.
س: وماذا عن لقاء الثلاثية، هل من جديد في هذا الإطار؟
ج: لحد الآن لا جديد يذكر مع أننا دعونا الحكومة لاستئناف المفاوضات في إطار الثنائية بين الحكومة وأرباب العمل وفي إطار الثلاثية التي تضم أيضا الاتحاد العام للعمال الجزائريين.
س: وهل تم تحديد موعد لاحق لاستئناف اللقاءات؟
ج: لا ذلك لم يتحدد بعد من طرف الحكومة، لكننا نأمل أن يتم ذلك في أقرب الآجال لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى إعادة النظر في كثير من القضايا والملفات التي تهم المؤسسة الجزائرية والعامل على حد سواء.
س: ما موقف الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل من مطلب رفع الأجور في القطاع الاقتصادي؟
ج: قلت أننا لسنا ضد رفع أجور العمال، حيث أن الحد الأدنى للأجور المقدر ب 12 ألف دينار لا يمكنه تلبية احتياجات الأسرة الجزائرية، ومن هذا المنطلق نحن مع رفع الأجور في القطاع الاقتصادي، لكن الزيادة يجب أن تكون مدروسة وفي إطار تشاوري علما أن الأمر يخص القطاع الاقتصادي الخاص كما يخص القطاع الاقتصادي العمومي، وللتوضيح فإن الإشكال المطروح لا يتمثل في رفع الأجور، بل في النقطة الاستدلالية، والمهم في نظر الكنفدرالية أن يفتح النقاش من جديد حول المسألة لأن زيادة أجور العمال يرفع بالنتيجة المستوى المعيشي للمواطن الذي له علاقة مباشرة بتحريك وتيرة الإنتاج والزيادة في النمو الاقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.