تحدث سايمون تيسدال في مقاله بال»غارديان« عن سياسات تركيا التقاربية وصداها القوي في المنطقة رغم بقاء العلاقات مع إسرائيل على حالها المتوتر. ووصف تيسدال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بأنه »كيسنجر التركي« وأنه تابع بهمة السياسة المميزة لحزب العدالة والتنمية الحاكم فيما عرف بسياسة »إنهاء المشاكل مع الجيران«، تلك السياسة التي كان أول من أعرب عنها بوضوح عام 2001 في كتاب »العمق الإستراتيجي«. ونظرا للتاريخ المتقد للتواجد العثماني في البلقان وجنوب القوقاز والأراضي العربية لم تكن علاقات الجوار من المسلمات لتركيا الحديثة. لكن في العام الماضي قاد داود أوغلو حملة لتعزيز العلاقات بالحكومة العراقية الجديدة ورأب الصدع مع سوريا (التي كانت تركيا على وشك خوض حرب معها منذ عشر سنوات) ومحاولة صياغة تقارب مع أرمينيا العدو القديم. ويرى تيسدال أن هذه الحملة تنطوي على اعتقاد بأن تركيا، بعد نحو قرن من تآكل الإمبراطورية العثمانية، مقدر لها مرة أخرى أن تصير قوة إقليمية ذات نفوذ عالمي. وبالنسبة لداود أوغلو فإن هذا الطموح يستوجب نهجا شموليا يتضمن صلات اقتصادية وثقافية واجتماعية معززة بالإضافة إلى علاقات أمنية وسياسية. وقد تجسد هذا في اتفاقات تركيا المتعددة في مجال الطاقة والتجارة مع روسيا من جانب ورفع الشروط على تأشيرات مواطني سوريا ولبنان ورومانيا وعدد من الدول الأخرى من جانب آخر. ورغم هذه الجهود الحثيثة قال داود أوغلو -في مقابلة أجريت معه في لندن الثلاثاء الماضي- إن البعض لا يريدون أن يكونوا أصدقاء. وأشار في ذلك إلى ثلاثة تحديات معقدة ما زالت تعرقل تقدم تركيا في عام 2010: الأول: قبرص حيث تسير المباحثات الطويلة التي ترعاها الأممالمتحدة ببطء نحو نوع من الحل. ويراهن محللون على أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول أفريل، وقت إجراء الانتخابات الرئاسية في جمهورية شمالي قبرص التركية، فلا أمل بعد ذلك. والتحدي الثاني: هو أن من حق كل بلد أن يمتلك طاقة نووية لأغراض سلمية. والثالث: أن بلاده لا تريد أيضا المزيد من العقوبات على إيران لأنها تضر بالشعب والدول المجاورة، وضرب مثلا بمأساة العراق بسبب هذه العقوبات. وختم ديسدال مقاله بالإِشارة إلى توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل التي كانت ودية في الماضي بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة. وكيف وصلت الإحن الشفهية إلى أقصى مدى لها الأسبوع الماضي بعدما نعت رئيس الوزرء التركي إسرائيل بأنها خطر على السلام واتهمها بالتصرف على نحو غير متناسب. وما كان من إسرائيل إلا أن ردت غاضبة بأن يهتم أردوغان بشأنه فقط. وألمح إلى رد فعل داود أوغلو في مقابلة أول أمس عندما قال »إذا أرادت إسرائيل السلام فيجب عليها أن تتعلم أن للآخرين حقوقا يجب احترامها«.