تعيش الجزائر اليوم أجواء احتفالية غير معهودة صنعها لاعبو »الخضر«، الذين أعادوا للكرة الجزائرية بريقها وسمعتها في المحافل الدولية والإقليمية، حيث لا يختلف إثنان في أن المنتخب الجزائري يعيش الآن أحلى أيامه، ويمر بأجمل فتراته، وإن كان خسر كأسا فإنه كسب جمهورا وفيا، وببساطة فإن أشبال سعدان توجوا بكأس حبّ الجمهور الجزائري لهم. الصور التي شاهدناها أول أمس بمطار هواري بومدين تغني عن كل تعليق، وتؤكد مدى تعلق الجزائريين بمنتخبهم الوطني الذي صنع أفراحهم، وأعاد إليهم الابتسامة بعد سنوات عجاف أفل معها بريق الكرة، وتؤكد مرة أخرى أن المناصرين الجزائريين لم يفقدوا الثقة في عناصر النخبة الوطنية ويكفيهم فخرا أن فريقهم الوطني وصل إلى الدور نصف نهائي كأس إفريقيا بعد غياب دام عشرون سنة، وما حضور أشبال سعدان في العرس المونديالي إلا دليل على قوتهم الذي صنع أمجاد الكرة الجزائرية بالأمس ويصنعها بالحاضر. ولأن الكرة تفعل مالا تفعله السياسة، فقد استطاعت أن تلم شمل كل طبقات المجتمع الجزائري كبارهم وصغارهم نسائهم ورجالهم حول شاشات التلفزيون، لتشاهد القائد منصوري ورفقائه وهم يصنعون الملاحم الكروية تباعا، بدء من أم درمان ووصولا ب »بنجيلا«، وإن كان المنتخب المصري عاد متوجا باللقب الإفريقي، فإن المنتخب الجزائري قد توج بكأس حبّ الجمهور الجزائري. »صوت الأحرار« سايرت طيلة نهائيات كاس إفريقيا وعايشت عن قرب الصدى الجميل الذي تركته كتيبة أشبال سعدان في نفوس الجزائريين، بعد أن حققت انتصارات كبيرة بأنغولا كانت أروعها الفوز الرائع أمام فيلة كوت ديفوار وكانت لتكون أروع لولا فعلة الحكم البنيني »كوجيا« الذي أراد لها أن لا تكون ضد المنتخب المصري، بتحيزه الفاضح لهذا الأخير، وتسببه في طرد ثلاثة لاعبين من المنتخب الجزائري، مما سمح للفراعنة بالفوز في تلك المباراة، غير أن ذلك لم يمنع الجزائريين من الاحتفال بفريقه الذي خسر أيضا المباراة الترتيبية أمام المنتخب النيجري، ويبدي له مشاعر الاعتزاز والافتخار وكذا الود ومناصرته في الربح أو الخسارة. تقربنا من بعض المناصرين من أجل التعرف على انطباعاتهم حول مسيرة الفريق الوطني خلال نهائيات كاس إفريقيا التي اختتمت أول أمس وفي هذا الصدد يقول أيمن طالب ثانوي » لقد أدى منتخبنا الوطني مشوارا جيدا خلال هذه الدورة، وحسب اعتقادي لم أرى الفريق الجزائري بهذا المستوى من قبل، بحق لقد شرفونا بهذا الأداء البطولي وعلمونا معنى الوطنية« ورغم أن كأس الأمم الإفريقية أسدلت ستارها والعناصر الوطنية عادت إلى ديارها إلا أن الألوان الخضراء، الحمراء والبيضاء لم تختف بعد من الشوارع والزقاق أو من على شرفات وجدران العمارات وكذا السيارات، لأن »الخضرا« أصبحت ببساطة معشوقة الجماهير الجزائرية، وهو ما يتجلى واضحا من خلال جولة قصيرة قادتنا إلى بعض شوارع العاصمة أين صادفنا مظاهر الفرح والافتخار بكتيبة سعدان تعتري كل النفوس وأصبح حديث معظمهم يشدوا بما صنته أسماء زياني، مغني، مطمور، يبدة، بوقرة، حليش.... وفي هذا الإطار لم يجد احد المناصرين من تعبير سوى أن يبعث برسالة حب إلى أشبال سعدان عبر صفحات »صوت الأحرار« وقال مخاطبا لهم» آن للجزائر أن تفخر بمنتخبها الوطني، لقد صنعتم أفراحنا وبعثتم في نفوسنا الاعتزاز ة الافتخار بهذا الوطن... ببساطة شكرا لكم« وبدوره يقول عمي محمد 68 سنة، الذي صادفناه بحديقة البريد المركزي » كانوا رجالا وأعادوا إلى ذاكرتنا أمجاد الكرة التي صنعها مخلوفي، لالماس وبطوروني، ومن بعدهم ماجر، عصاد وبلومي وغيرهم« مضيفا » لقد ابلوا بلاء حسنا خلال كاس إفريقيا بأنغولا، وأرغمونا على متابعتهم رغم ثقل السنين بنتائجهم وأدائهم المشرف، كما أنهم يستحقون منا الثناء والشكر لأنهم أسعدونا«. ومن جانبه يقول مصطفى أحد الأوفياء للمنتخب الجزائري »رغم حالة الحزن التي اعترت نفوسنا عقب انهزام الخضر أمام المنتخب المصري، إلا أن وفائنا وحبنا لكتيبة سعدان بقي صامدا ولم نشك أبدا في قدراتهم « مضيفا » أنا عن نفسي اصف هذا المنتخب بأحسن المنتخبات الإفريقية في الوقت الراهن، كما أنني متفائل بأن يحقق نتائج جيدة في مونديال جنوب إفريقيا«. هذا وقد شهد مطار هواري بومدين أول أمس عقب وصول عناصر المنتخب الجزائري إلى أرض الوطن غير عادية تشبه نفس أجواء أم درمان عندما عاد المنتخب الوطني بتأشيرة التأهل إلى المونديال، حيث أغلقت كل الطرق المؤدية إليه بتوافد المئات بل الآلاف من الأنصار ذكورا وإناثا والذين جاءوا من مختلف أنحاء الوطن وفي ساعة مبكرة من صباح أمس رغم البرد القارص إلا أن حبهم للوطن، ورغبة منهم في استقبال محاربو سعدان بعد الأداء المشرف في موعد أنغولا، جعلهم يتحدون كل الصعاب، وتجمع المناصرون عند مدخل المطار لمشاهدة أبطالهم عن قرب وتهنئتهم على ما قدموه في أشهر المنافسات الإفريقية.