ملف »المرأة« في الكثير من الدول المتخلفة بصفة عامة، والإسلامية بصفة خاصة، والعربية بصفة أخص لا يزال موضوعا سياسيا يُستغل تارة للتضليل، وتارة أخرى للهروب من الواقع، وتارة ثالثة لأهداف انتخابية خالصة، وتارة رابعة لكسب تأييد العواصمالغربية أو ذر الرماد في أعين المنظمات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية والأممية.. لعل من أكبر النقاشات الخارجة عن الموضوع في هذه الدول هو مسألة مشاركة المرأة ودورها في المجتمع، ومن أخطر الأفكار المطروحة على الساحة تمكين المرأة من ما يسمى دورا بقرار سياسي يقضي بتخصيص حصص ومقاعد للمرأة في مختلف المؤسسات الانتخابية منها على وجه التحديد، وإن لم تكن ترغب في ذلك، أو لا تحلمن بالفوز بثقة الناخبين وإن كانوا نسوة.. وهذا ما يفتح المجال أمام نسوة لا علاقة لهم بواقع المرأة في بلدانهم لتمثيل نساء لا يعرفهن ولم يخترنهن ولا يشبهونهن في شيء، والكلام باسمهن... المشكل مشكل إنسان أولا وقبل كل شيء إن التركيز على دور المرأة في بلدان تعاني أصلا من مشكلة الإنسان أساسا، هو قفز على الحقائق واختفاء وراء محاولة معالجة مشكل ما هو في آخر المطاف سوى مجرد تفصيل فرعي لمشكل أساسي لا يراد له أن يطرح لأن طرحه ومعالجته تستلزم منطقا آخر وتوجها آخر يحرم المستثمرين في ملف المرأة من الاستفادة من ذلك لضمان بقائهم..ذلك لأن ملف المرأة لا يكتسي أية خصوصية مادام هو أحد تداعيات مشكلة الإنسان في هذه الدول.. وعليه فإن حله سيكون من تحصيل الحاصل بمجرد التكفل بصدق بمعالجة مشكل الإنسان أساسا.. التنمية أزمة مجتمع بكل فئاته.. فكما أن ربط مشكل المرأة بقضية التنمية هو تزوير للواقع وتقديم مغلوط للحقيقة، فإن منحها دورا بنظام »المحاصصة« إساءة وانتقاص من قيمتها، ووسمها بالنقص والعجز.. ذلك لأن مشكلة التنمية في هذه الأوطان مشكلة اجتماعية وهي أم المشاكل تتحمل مسؤوليتها الأنظمة أساسا التي فشلت في طرح البديل الاقتصادي، وتجسيد المشروع التنموي الكفيل بالنهوض بالمجتمع واستغلال قدراته وعبقريات أبنائه وكفاءاته وتحريك مقدراته الإنتاجية، لإنتاج الخيرات المادية المقياس الوحيد لمستوى تطور وتنمية المجتمع قبل الانتقال إلى جنس المنتجين إن كانوا من الإناث أو الذكور.. فالتنمية غائبة أصلا في تلك الدول المتاجرة بملف المرأة، فلماذا التأكيد بأن دور المرأة فيها ضعيف ومن قال أن نسبة الرجل فيها أكبر مادام كل ما تحقق في هذه الأوطان مصدره البترول النعمة المستقرة في باطن الأرض، ولا فضل فيها لأحد من ذكر أو أنثى.. الكوطة.. حكم على المرأة بالنقص والقصور والتمكين لها بقرار من الوصول إلى المؤسسات الانتخابية وغيرها، فيما يسمى بنظام »الكوطة« أي تخصيص نسبة من المقاعد أو المناصب لتكون للنساء فقط، أي يكون فيها الاختيار بن نسوة وليس بين مترشحين بغض النظر عن جنسهم، هو إساءة للمرأة وحكم عليها بالعجز والقصور في بلوغ هذه المناصب أو المقاعد بقدراتها الخاصة، هذا ناهيك عن كونه نسف وانتهاك لحرمة مبدأ الديمقراطي القائم على الاختيار الحر، الذي يختفي وراءه المتاجرون بقضايا المرأة ليبرروا به نظام »المحاصصة« والاختيار على أساس الجنس وليس على أساس الكفاءة والقدرة والترشح المتعدد، والاختيار الحر.. إن اللجوء إلى هذه الاختيارات، سيكون إسفينا في نعش الحلم بالديمقراطية في هذه المجتمعات، لاستكمال الصورة المزيفة لديمقراطية الواجهة المعتمدة في الكثير من هذه الدول. فتصبح الساحة ملونة على مقاس السلطة نظام يتمتع بأغلبية مزورة، يستمد منها شرعيته، ومعارضة شكلية كنتاج لعملية إعادة انتشار سياسي تمت بالتقطير والتصفية، تزكي الواقع وتعرف حدودها جيدا، ووجوه نسوية مختارة ومنتقاة ومعينة، تزين الديكور لتضفي عليه مسحة تقدمية وانفتاحية فالكل موجود في الصورة حتى النساء، وكل شيء على ما يرام..