تعيش الجبهة الاجتماعية هذه الأيام هدوءا ملحوظا بعدما تراجعت الاحتجاجات التي شهدتها الساحة الوطنية خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية سيما في قطاع الوظيف العمومي، ويأتي هذا الهدوء بعد جملة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بما في ذلك إشراك النقابات في إعداد النظام التعويضي، أي المنح والعلاوات، والالتزام بإعادة النظر في تصنيف بعض الفئات التابعة لقطاع التربية الوطنية ودعم بعض القوانين الخاصة بإجراءات جديدة، ناهيك عن رفع أجور عمال عدد من القطاعات الاقتصادية على رأس ذلك عمال الخطوط الجوية، الموانئ والبنوك. هدوء الجبهة الاجتماعية بدأ منذ نهاية شهر أفريل الماضي بعدما التزمت الوزارات بتعليمات من رئيس الحكومة بإشراك مختلف النقابات في تحضير النظام التعويضي الذي تعول عليه في تحسين وتدارك النقص الذي شهدته الشبكة الوطنية للأجور الجديدة، علما أن أهم المطالب التي رفعتها جل النقابات تتمحور أساسا حول الأجور وتصنيف مختلف الفئات ضمن القوانين الأساسية الخاصة الجديدة. في هذا السياق، وبعد التهديدات التي كان أطلقها المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي "كناس" والتي مفادها اللجوء إلى إضراب في 15 ماي الماضي، تراجع هذا الأخير عن القرار مباشرة بعد المشاورات التي جمعته مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهي مشاورات انتهت إلى تنصيب لجنة مختلطة بين الوزارة ومختلف النقابات النشطة في القطاع تعكف على إعداد مشروع نظام المنح والعلاوات، نفس الشيء حدث مع بعض الفئات العاملة بقاع التربية الوطنية والتي اشتكت من الطريقة التي اعتمدتها السلطات في عملية تصنيفها ضمن القانون الأساسي الخاص وهو ما دفعها إلى القيام بعدة احتجاجات أمام وزارة التربية الوطنية وأمام مقر المديريات الولائية التابعة لها، لينتهي الأمر بإعلان وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد بأنه سيتم إعادة النظر في طريقة تصنيف هذه الفئات وستأخذ مطالبهم بعين الاعتبار، وتتمثل هذه الفئات أساسا في الأساتذة المتعاقدين ومستشارو التوجيه المدرسي والمهني وكذا مستشاري التربية. إضافة إلى ذلك لجأ بن بوزيد إلى التأكيد أنه سيتم أخذ مطالب النقابات المتعلقة بنظام المنح والعلاوات بعين الجد وهو ما جعل النقابات المستقلة النشطة في هذا القطاع تلجأ إلى التهدئة بعدما كانت شنت عدة احتجاجات وصلت إلى حد التصادم مع قوات الأمن. الهدوء الذي تشهده الجبهة الاجتماعية لا يقتصر على قطاع الوظيف العمومي بل تعداه إلى القطاع الاقتصادي، فالتنسقية الوطنية لعمال الموانئ التي تنشط تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين والتي لجأت عدة مرات إلى شل جل الموانئ المنتشرة عبر الوطن سيما ميناء العاصمة متسببة في خسائر تقدر بالملايير، انتهت هي الأخرى وبعد تدخل السلطات العمومية وكذا الأمين العام للمركزية النقابية، إلى الاتفاق مع شركة تسيير المساهمة "سوجي بور" بإقرار زيادات في المنح والعلاوات تتراوح نسبتها بين 20 و30 بالمئة حسب وضعية كل مؤسسة وأن تُطبق هذه الزيادات بداية من شهر مارس 2007، وهو قرار أرضى بشكل واضح العمال، رغم تأجيل الفصل في بعض الملفات الأخرى. من جهتها تمكنت نقابة الخطوط الجوية الجزائرية، وهي إحدى النقابات النشطة في الميدان، من الظفر بزيادات في الأجور وهو نفس الشيء سُجل في قطاع البنوك بعد مفاوضات جمعت الإدارة بالطرف الاجتماعي ناهيك عن كون عدد معتبر من المؤسسات الاقتصادية تشهد حاليا مفاوضات حول الأجور والمنح والعلاوات، وهي كلها عوامل ساعدت بشكل مباشر في توفير الهدوء الذي تعيشه الجبهة الاجتماعية منذ أكثر من شهر ونصف والذي مهدت له تلك المتعلقة بدعم أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وكذا الزيادات التي تحصل عليها كل العمال جراء تطبيق الشبكة الجديدة للأجور.