شاءت الصدف أن يقع بين يدي آخرما دونه الشيخ الشاذلي بن عبد القادر شيخ الزاوية القادرية ببسكرة الذي غيبته الموت نهاية الأسبوع عن عمر يناهز87 عاما، وتميز الراحل فضلا عن كونه شخصية دينية وفكرية بالكثير من الخصال الحميدة والورع ونبل الأخلاق والمبادرة إلى فعل الخيرات إلى جانب حرصه على تربية الناشئة على مبادئ دينية سمحة . المؤلف الصادر مؤخرا عن دار قرفة للطباعة و النشر والتوزيع جاء تحت عنوان" رؤية الله جل جلاله" تضمن رسالة بعث بها العلامة محمد سعيد رمضان البوطي لشيخنا الشاذلي بن عبد القادر ليهنئه عن مؤلفه الذي قال عنه » ودت في كتابكم تحقيقات علمية شريفة، سواء فيما تعلق برؤية الله وفيما يتعلق برؤية رسول الله، في مختلف الأحوال و الأوقات، مدعومة بالدلائل العلمية العقلية و النقلية، ولا يسعني يضيف الدكتور البوطي إلا أن أوافقكم في كل ما ذكرتموه وقررتموه، ولا ريب انه ما انتهى إليه أهل السنة و الجماعة«. كما نوه البوطي في رسالته بخصال المؤلف في زمن قل فيه العلماء المرشدين الخالصين والمخلصين على حد تعبيره موضحا في نفس السياق" إنني على يقين أن في عصرنا هذا قلة من أولياء الله المرشدين، وأنهم يرون رسول الله يقظة ومناما، ولكنهم لا يقولون ذلك لأحد، وهذا هو رأي أولياء الله في هذا الزمن " . المتصفح لكتاب شيخ الزاوية القادرية رحمه الله الذي وهبه الله بعدما استخاره في كتابه رسالة قيمة تحمل في طيتها معنى تعجز عم إدراكه العقول وهو رؤية الله جل جلاله،فجاءه الإذن بمحمد الله تعالى أن حرر لنا هذا المؤلف القيم المستخلص من ينابع صفوة الصفوة من الخلق. فهي كرامة إلهية كما وصفها الدكتور أبو شهاب الدين محمد حسين في الصفحات الأولى للكتاب منحها الله جل شانه لعبده التقي النقي ،الذي أفنى حياته في سبيل إنارة طريق الراشد وخدمة العقيدة الإسلامية الصحيحة، في ظل الزاوية القادرية التي تعتبر منارة للطريقة الصحيحة في نشر الإسلام والحفاظ على سيرة السلف الصالح من النبيين والصديقين والشهداء و الصالحين. ويتضمن الكتاب الصادر في77 صفحة من الحجم المتوسط رسالة شيخ الزاوية القادرية الشاذلي الشاذلي بن عبد القادر فيما يخص رؤية الله جل جلاله يوم القيامة ورؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن استخار المؤلف الله عز وجل في كتابة هذا الشأن لتقديمه للأمة مع استعانته بمصادر وكتب موثوقة المعتمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية ومن أقوال العلماء. إذ سبق وان دون الراحل الشاذلي بن عبد القادر كتاب الغنية للشيخ سيدي عبد القادر الجيلالي قدس الله سره، وإعاد نشر كتاب وسيلة المتوسلين للشيخ العروسي رضي الله عنه. الشيخ سيدي الشاذلي بن عبد القادر بن علي بن احمد بن علي بن المسعود الشريف ينحدر نسبه من سيدي محمد بن عبد الله الملقب "نائل رضي الله عنه" الذي ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسن بن علي كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما. حيث ولد الشيخ الشاذلي بتبرقدة بخنشلة عام1923، حيث كان جده الشيخ علي قاضيا شرعيا ن وهو من عائلة بسكرية محافظة وعريقة تمتز بالعلم، فوالده الشيخ الفقيه عبد القادر الشاذلي كان قد ولي منصب القضاء بكل من قسنطينة،بسكرة وطولقة خلفا لوالده الذي كان يشغل هو الآخر منصب القضاء. بدا الشيخ الشاذلي مشواره التعليمي بقراءة القرآن الكريم بمسجد سيدي بلحيواني بباب الضرب ببسكرة القديمة على يد الشيخ علي النائلي وكذا الشيخ محمد الأخضر كما زاول دراسته في العلوم الشرعية واللغوية بمسجد الصحابي الجليل سيد عقبة بن نافع على يد الشيخ عبد الغني الشاذلي والشيخ الشهيد بن شباح خالد وهما من علماء المنطقة، كما قرأ رسالة أبي زيد القيرواني على يد الشيخ العلامة أبي بكر بن رحمون، وتتلمذ على يد شيخه وصهره والد زوجته العلامة الشيخ علي موسى العقبي المترجم له في كتاب "معجم أعلام الجزائر" لعادل نويهض. أما شيخه في السلوك و التربية الروحية وأخذ الأوراد فقد أخذها عن الشيخ العارف بالله العلامة سيدي محمد بن موسى حسنين الأب الروحي للجماعة القادرية ببسكرة، وهو من أحفاد غوث الله الأعظم سيدي أمحمد موسى البسكري قدس الله سره. ومن أعماله الجليلة تأسيسه للزاوية القادرية الكبرى بمدينة بسكرة وإعادة فتح فروع لها عبر الولاية، مع استمراره في إلقاء الدروس بالزاوية والقيام على شؤونها. ورحل الشيخ الشاذلي الشاذلي عبد القادر عن الحياة يوم 11 ماي الفارط بمؤسسة استشفائية بعاصمة الزيبان عن عمر ناهز 87 عاما إثر مرض ألم به. وري جثمان شيخ الزاوية القادرية بمقر الزاوية الكائن بعاصمة الولاية و ذلك ليوم الأربعاء الفارط عقب صلاة العصر. وتميز الراحل فضلا عن كونه شخصية دينية وفكرية بالكثير من الخصال الحميدة.