شكلت جهود الشيخ العلامة الراحل سيدي محمد بلكبير في ترسيخ المذهب المالكي في منطقة أدرار وما جاورها موضوع الندوة الفكرية الثامنة التي نظمت امس بأدرار والتي شهدت حضور جموع من طلبة الشيخ الفقيد والأئمة والمدعوين. (واج) ويهدف اللقاء حسب المنظمين إلى التأسيس لمنبر فكري سنوي يتزامن مع إحياء ذكرى وفاة الشيخ الراحل والاقتداء بشخصيته وتشجيع الطلبة على سلوك نهجه وإتاحة الفرصة لهم ولمن عاصروا هذه الشخصية الدينية الفذة للإدلاء بشهاداته الحية حول هذا الشيخ الجليل قصد إفادة الباحثين في هذا المجال وكذا اطلاع الشباب والأجيال الناشئة على التجربة المتميزة في التعليم الديني التي كان العلامة سيدي محمد بلكبير أحد رواده. وتضمن برنامج الندوة التي بادر إلى تنظيمها المجلس الشعبي البلدي لأدرار بالتنسيق مع مديرية الشؤون الدينية والأوقاف محورين أساسيين شملا ''الشيخ سيدي محمد بلكبير الورع'' و''مدرسة الشيخ سيدي محمد بلكبير ودورها في ترسيخ المرجعية الفقهية في المجتمع الجزائري'' وهي المحاور التي نشطتها ثلة من الأئمة والأساتذة والمشائخ الأجلاء. وفي هذا الصدد تناول الإمام الحاج محمد حسوني سيرة الشيخ الراحل منذ ولادته في سنة 1911 بقصر لغمارة ببلدية بودة (أدرار) ومراحل مشواره التعليمي وحله وارتحاله طلبا للعلم إضافة إلى منهجه العلمي والخلقي الذي استحق به لقب الفقيه عن جدارة واستحقاق حيث كان من العلماء العاملين. كما عرج الشيخ حسوني على بعض الصفات التي كان يتحلى بها الشيخ العلامة ومن أبرزها -يقول- ''ملازمته المسجد وحرصه على أداء الصلوات الخمس مع الجماعة حتى في حالة المرض الشديد مع إلقائه الدروس بشكل منتظم بين صلاتي المغرب والعشاء طيلة مشواره التعليمي''. ومن الصفات التي عرف بها الفقيه سيدي محمد بلكبير يضيف المتحدث ''الورع والتقوى الذي يتجلى في الزهد عن كل ماديات الحياة المعاصرة وعدم انشغاله بوسائل كسبها إلى جانب انشغاله بالتدريس بدلا عن التأليف رغم توفره على كنوز معرفية في علوم الدين. وكان نهجه في ذلك قول سلفه من المشائخ ''كتبي أصحابي وطلبتي'' فضلا عن رأفته بالمحتاجين والمساكين وهي كلها صفات لازمت الشيخ الجليل إلى أن وافته المنية في 15 سبتمبر .''2000 وتطرق من جهتهم كل من الأئمة عبد الرحمن باعمور وعبد الكريم الدباغي وعبد القادر عمريو إلى مسألة اهتمام الشيخ سيدي محمد بلكبير بالمنهجية في تكوين الطلبة للإرتقاء بأدائهم التعليمي مع تركيزه على حفظ القرآن الكريم وكذا انتقائه لأحسن الطلبة الموجهين للإشراف على المساجد بمختلف مناطق الوطن حتى أصبحت هذه المساجد نماذج عن مدرسة الشيخ سيدي محمد بلكبير من خلال التعليم الديني الذي يستند إلى المذهب المالكي. وتعود المرجعية الفقهية لمدرسة الشيخ بلكبير -حسب المتدخلين- إلى مدرسة الحديث التي كان يتزعمها الإمام مالك حيث تميز فقهه بمزجه بمسحة التزكية والتربية والأخلاق الفاضلة والوسطية والإعتدال في أسلوبه التعليمي والدعوي، حيث عمل الشيخ الراحل على غرس هذه الخصال في طلبته الذين عاصروه. واختتمت هذه الندوة الفكرية بتوزيع جوائز وهدايا على المشاركين وعلى المدارس الفائزة في المسابقات القرآنية التي نظمت بالمناسبة.