يشرع رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما في زيارة رسمية للجزائر هي الأولى من نوعها منذ توليه مقاليد الحكم في بريتوريا، بدعوة من نظيره عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة انعقاد الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة للتعاون بين الجزائروجنوب إفريقيا التي تبدأ أشغالها بداية الأسبوع المقبل، ومن المنتظر أن يكون على طاولة النقاش التعاون النووي بين الجزائر وبريتوريا. زيارة زوما إلى الجزائر التي تدوم يومين، هي الأولى من نوعها منذ توليه رئاسة جنوب إفريقيا قبل أكثر من سنة، إلا أنه سبق وأن التقى الرئيس بوتفليقة وتباحث معه في مواعيد ومناسبات دولية، كما تأتي زيارة رئيس جنوب إفريقيا إلى الجزائر عشية انطلاق منافسات نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا والتي تحتضنها لأول مرة القارة السمراء في 11 جوان الداخل، والتي من المنتظر أن يشارك الرئيس بوتفليقة في مراسيم الافتتاح إلى جانب عدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات، خاصة وأن الجزائر ستكون حاضرة في هذا الموعد الكروي العالمي بعد غياب استمر 24 سنة. ويوجد على طاولة النقاش التي ستجمع المسؤولين السامين في الجزائر وبريتوريا عدة ملفات في المجالات العلمية والثقافية والدفاع والأمن والبيئة والسياحة والفلاحة والتجارة والصناعة والاستثمارات، وهي الملفات التي كان وزير الخارجية مراد مدلسي تنقل إلى بريتوريا نهاية مارس الفارط للمشاركة في تحضيرها مع المسؤولين في جنوب إفريقيا. وتربط الجزائر علاقات وثيقة بجنوب افريقيا، علاقات تاريخية تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي تجمع حزب جبهة التحرير الوطني بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي أسسه الرئيس الأسبق نيلسون منديلا، كما كان للجزائر مواقف صارمة من نظام الميز العنصري »الأبارتايد«، أما العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فهي تعود إلى سنة 1994 بعد تولي المؤتمر الوطني الإفريقي الحكم في البلاد. وقد تأسست اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين سنة 2000 ومنذ ذلك التاريخ عقدت اللجنة 4 دورات انبثق عنها 24 اتفاقية تعاون، وآخر دورة للجنة العليا المشتركة تعود إلى سنة 2008 بالعاصمة بريتوريا والتي ستكون النتائج المتمخضة عنها محل تقييم من قبل مسؤولي البلدين في الدورة الخامسة التي ستنطلق الاثنين المقبل. في سياق موصول بالعلاقات الثنائية بين الجزائر وبريتوريا، تشير الأرقام إلى أن الجزائر في صدارة زبائن جنوب إفريقيا لمبيعات السلاح، و هي المرتبة التي احتلتها منذ سنة 2001 بمبالغ مالية ما بين 60 إلى 100 مليون دولار سنويا، وفي بعض السنوات شكلت ما بين 10 و 15 بالمائة من عائدات الصادرات العسكرية لبريتوريا، ويتعلق الأمر بتجهيزات وأنظمة من اجل تحديث حوامات قتالية روسية اقتنتها الجزائر سابقا، عن طريق تزويدها بأنظمة مستخدمة بالحوامات الجنوب افريقية المتقدمة، مثل أنظمة التصويب والاستكشاف و الصواريخ الليزيرية المضادة للدروع، إضافة إلى تزويد سلاح الجو الجزائري بطائرات بدون طيار للاستطلاع والتنصت والحرب الالكترونية، كما تكفلت شركة »دينيل« الحكومية للصناعات العسكرية بتكوين طيارين جزائريين على قيادتها، كما كانت جنوب إفريقيا السباقة إلى كسر الحظر الغربي على مبيعات السلاح إلى الجزائر طوال التسعينيات، كما اتجهت الجزائر مؤخرا لتعزيز التعاون مع جنوب افريقيا في مجال الطاقة النووية لأغراض سلمية، حيث تنقل إلى جنوب افريقية وفد رفيع المستوى يقوده محمد داردور رئيس اللجنة الوطنية للطاقة الذرية للاستفادة من الخبرة الجنوب افريقية في هذا المجال. وفضلا عن التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والعسكرية فإن للجزائر وبريتوريا توافق في المواقف الدولية ومنها القضية الصحراوية حيث اعترفت بريتوريا رسميا بالجمهورية الصحراوية في سبتمبر 2004، وكذا مشروع الأفريكوم الذي رفضته كل من الجزائروجنوب إفريقيا بالدعوة لحصر ملف النزاعات المسلحة والإرهاب في أجهزة الاتحاد الإفريقي.