لقي 12 رعية من جنسيات إفريقية مُختلفة حتفهم عطشا في الصحراء الجزائرية غير بعيد عن الحدود مع مالي، بعد أن تعرّضت الشاحنة التي كانت تُقلّهم باتجاه ولاية تمنراست إلى عطب وسط الصحراء، فيما نجا اثنان من بين المجموعة بأعجوبة من موت مُحقّق وتمكّنا من العودة من جديد إلى منطقة »كيدال« شمال مالي التي قدموا منها. كشفت شهادات قدّمها أحد الناجين من هذه الحادثة المأساوية، ويتعلق الأمر بالرعية المالي الذي يُدعى »أحمد«، بأن 12 رعية مُرشحين للهجرة غير الشرعية هلكوا وسط الصحراء جوعا وعطشا قبل أن يُحققوا هدفهم بالوصول إلى ولاية تمنراست قادمين إليها من الأراضي المالية، وحسب تأكيده فإن المجموعة كانت تُخطّط لدخول الأراضي الجزائرية ومن ثم التحضير لشدّ الرحال نحو إحدى الدول الأوروبية بالتنسيق مع شبكات متخصّصة في الهجرة السرّية. وصرّح السائق المالي الذي استأجرته المجموعة لنقلها إلى الأراضي الجزائرية، أن الضحايا كانوا يحملون جنسيات مُختلفة، وتُفيد التفاصيل التي أوردها لوكالة الأنباء الفرنسية أمس بأن الأمر يتعلّق بثلاث رعايا من مالي، وثلاثة آخرين من الكاميرون، كما كانت معهم رعيتان من كوت ديفوار واثنين آخرين يحملان الجنسية السينغالية، بالإضافة كذلك إلى مهاجرين اثنين كان أحدهما قادما غينيا والثاني يحمل جنسية غامبية. وفيما يتعلّق بتفاصيل هذه الرحلة المأساوية التي انتهت بمصرع الضحايا ونجاة اثنين منهم بأعجوبة، فإن السائق »أحمد« تابع في شهادته قائلا: »لقد غادرنا مدينة كيدال شمال مالي، وتمكنا من الدخول إلى الأراضي الجزائرية بإمكانياتنا الخاصة«، لكن هذا الدخول اقتصر على تجاوز الخط الحدودي دون الوصول إلى الهدف، وهو ما أوضحه الناجي الذي كشف أن بداية المتاعب كانت عند العطب الذي لحق بالشاحنة التي كان يقودها، وحدث ذلك وسط الصحراء بين الحدود الجزائرية وولاية تمنراست. إلى ذلك قال المتحدّث »بعدها نفذ منّا الماء كما نفذ كل ما كان لدينا من طعام ومؤونة«، ويُضيف »أحمد« المعروف وسط أهالي »كيدال« بنشاطاته في نقل المهاجرين السريين القادمين من بلدان غرب إفريقيا، بأن المجموعة لم تحتمل العطش والجوع فلم تستطع المُقاومة مما انجر عن ذلك مصرع 12 منهم، وسرد أيضا أنه »تمكنت أنا وشخص آخر من مُواصلة المسير حتى نجونا ونحن عائدان إلى شمال مالي«، وفيما يتعلق بالناجي الثاني أشار إلى أن اسمه »تيان« وهو طالب كان يرغب بدوره في الهجرة نحو أوروبا مرورا عبر الجزائر. وتُشير بعض المُعطيات إلى أن الطريق التي سلكتها المجموعة التي لقيت حتفها غالبا ما كانت تعتمد عليها الشبكات المتخصّصة في الهجرة غير الشرعية من أجل الدخول إلى الأراضي الجزائرية بعيدا عن أنظار حرس الحدود خاصة وأن تضاريسها صعبة نسبيا ولا تخضع للمُراقبة في غالب الأحيان، لكن على ما يبدو فإن حادثة العطب الذي لحق بشاحنة السائق »أحمد« كانت من بين العوامل التي زادت في تعقيد الوضعية وانتهت بمأساة.