قال الدكتور محمد إيدير مشنان، إنه من غير المقبول أن يُقدم الإنسان على وضع حدّ لحياته مهما كانت المبرّرات والدوافع لذلك، وأشار إلى أن انتشار ظاهرة الانتحار عن طريق حرق النفس في الفترة الأخيرة لم يكن ليحدث لو أن مختلف مؤسسات المجتمع المدني لعبت دورها كما ينبغي خاصة منها المساجد والمؤسسات التعليمية. حرص الدكتور محمد إيدير مشنان، أستاذ الشريعة بجامعة الجزائر، على إبراز حُكم الشريعة الإسلامية من الانتحار بمختلف أشكاله، مجدّدا التأكيد بأنه »هو مخالفة ومن الكبائر في الشريعة الإسلامية، وهي مخالفة كبيرة في حق النفس«، ليُضيف في اتصال مع »صوت الأحرار« أن الشريعة الإسلامية هي شريعة الحياة امتثالا لقوله سبحانه وتعالى: »يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تُحشرون«. ومن هذا المنطلق أوضح الدكتور مشنان أنه »لذلك فإن الاعتداء على حياة الغير أو النفس منهي عنه شرعا وهو كبيرة«، وعاد بالمناسبة إلى انتقاد التبريرات التي يستند إليها بعض علماء الاجتماع والنفس رافضا أن يكون ذلك أمرا مقنعا، وقال في هذا الشأن »قد يكون هناك بعض المبررّات مثل تدهور الوضع الاجتماعي أو الأزمات النفسية أو نحو ذلك من الأسباب الأخرى التي يذكرها هؤلاء، ولكن لا يُمكننا أن نعتبرها مبررّا لقتل النفس أو الانتحار«. وبموجب الفتوى التي فصّل فيها الدكتور محمد إيدير مشنان فإن »الشريعة تقف وقف منع من حيث التنفيذ ومن حيث الأخلاق مهما كانت الأسباب«، وعليه فقد شدّد محدّثنا بأنه »لا بد من نشر الوعي والاجتهاد وتوفير الدروس النفسية والاجتماعية التي ترافق هؤلاء الناس«. وعندما سألت »صوت الأحرار« أستاذ الشريعة بشأن غياب الوازع الديني لدى هؤلاء المنتحرين لم ينف ذلك »في الحقيقة ضُعف الوازع الديني هو سبب من الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار، فبقدر ما يزداد الوازع الديني بقدر ما يكف الأشخاص عن هذه التصرّفات«. أما بخصوص الحلول التي يراها كفيلة بإيقاف هذه الظاهرة التي أخذت في الاتساع في أعقاب الأحداث الأخيرة التي عرفتها تونس، على اعتبار أن شرارتها كانت انتحار شاب حرقا، أفاد المتحدّث أنه »ينبغي أن تجتمع كافة الفعاليات منها المسجد والمؤسسات التعليمية التي من شأنها أن تمنع أبناءنا وآباءنا وكل فرد من مجتمعنا من الإقدام على مثل هذه الأمور«، ورأى في ذلك الآلية الناجعة التي ستضع حدّا لارتكاب ما حرص على وصفها ب »هذه الجريمة الكبيرة التي ترفضها الشريعة الإسلامية«.