فشلت الحكومة لغاية مساء أمس الأول في إقناع النقابات المستقلة بالتراجع عن إضراب الأربعة أيام المرتقب بداية من الغد، ورغم اللقاءات الثلاثية والثنائية التي جمعت كل من وزيرة التربية الوطنية ووزير العمل والضمان الاجتماعي بممثلي نقابات قطاع التربية إلا أن ذلك لم يأت بالجديد بل وأخلط الأوراق أكثر بعدما لجأت 6 نقابات إلى مقاطعة اللقاء الثلاثي الذي عُقد صبيحة أمس والذي جمع الوزيرين المذكورين بممثلي أربع نقابات، موازاة مع ذلك، أعلنت نقابة الأسلاك المُشتركة بقطاع التربية عن انسحابها من التكتل النقابي ومقاطعتها للإضراب معلنة عن حركة احتجاجية مباشرة بعد عطلة الخريف. يتجه التكتل النقابي الذي يضم 16 نقابة، بعد انسحاب النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين بقطاع التربية، نحو شل عديد القطاعات، بداية من اليوم وعلى مدى أربعة أيام، 17، 18 و 24، 25 أكتوبر الجاري، ورغم المحاولات العديدة التي لجأت إليها وزيرة التربية الوطنية بالتنسيق مع وزير العمل والضمان الاجتماعي من أجل إيقاف هذه الحركة الاحتجاجية الأولى من نوعها، كونها تضم نقابات تابعة للوظيف العمومي وكذا القطاع الاقتصادي، إلا أن هذه المحاولات التي اقتصرت أساسا على قطاع التربية كونه الأكثر عددا من حيث القاعدة العمالية، انتهت بالفشل بعدما قاطعت 6 نقابات اللقاء الثلاثي الذي جمع صبيحة أمس وزيرة التربية الوطنية بأربع نقابات بحضور وزير العمل. وأرجع رئيس نقابة، سنابست، العربي مزيان، سبب مقاطعة هذا اللقاء إلى عدم جدية الحكومة في أخذ بعين الاعتبار المطالب المرفوعة على رأسها مطلب التراجع عن قرار إلغاء التقاعد المُسبق وفتح النقاش حول الملف، وذهب المتحدث يُؤكد في تصريحات إعلامية على أن لجوء الحكومة إلى إصدار مشروع التقاعد الجديد وارتقاب عرضه اليوم على المجلس الشعبي الوطني يُؤكد إصرار السلطات الرسمية على موقفها، ما يعني، برأيه، أن حضور اللقاء الثلاثي المنعقد صبيحة أمس لا يعني شيء ويبقى مجرد مضيعة للوقت. وقد صدقت تصريحات رئيس نقابات، سناباب، بعدما لجأ رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية، أسنتيو، وهو أحد المشاركين في اللقاء إلى إعلان تمسكه بالمشاركة في إضراب الأربعة أيام بمجرد خروجه من الاجتماع وتأكيده بأن اللقاء كان إعلاميا وفقط ولم يأت بالحلول المرتقبة. وبدوره انتقد رئيس النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة، سيد علي بحاري، وهو كذلك أحد المُشاركين في اللقاء، ما جاء في الاجتماع، وأكد أن النقطة الأساسية التي تُناضل من أجلها نقابته، والمتمثلة في تحسين القدرة الشرائية، لم يتم إدراجها في هذا اللقاء ولا في اللقاءات السابقة، ومن هذا المنطلق، قررت هذه النقابة شن إضراب لوحدها مباشرة بعد عطلة الخريف معلنة عن انسحابها من التكتل النقابي ومقاطعتها لإضراب الأربعة أيام بسبب إهمال هذا الأخير لمطلب القدرة الشرائية وتركيزه على مطلب التقاعد المُسبق. وتضم النقابات المقاطعة للقاء الثلاثي المنعقد صبيحة أمس الأول كل من الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، إينباف، إضافة إلى نقابات، سنابست، كنابست، كلا ونقابة معلمي الابتدائي، فيما حضر كل الفدرالية الوطنية لعمال التربية المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، النقابة الوطنية لعمال التربية، أسنتيو، والنقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين. وقد لجأت وزارة التربية الوطنية في الفترة المسائية ليوم أمس الأول إلى عقد لقاءات ثنائية مع النقابات التي أودعت إشعار بالإضراب، وهي اللقاءات التي وصفها ممثلي النقابات بغير المجدية كونها تستجيب لضوابط قانونية وفقط. والملاحظ أن محاولات الحكومة الهادفة لتجنب الإضراب اقتصرت على قطاع التربية في حين أن قطاعات أخرى معنية كقطاع الصحة العمومية وقطاع التعليم العالي والبحث العلمي وحتى قطاعات اقتصادية في مقدمتها مجمع سونلغاز، في هذا السياق، أعلن أمس كل من المنسق لوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي، ورئيس نقابة شبه الطبي عن مشاركتهما بقوة في هذا الإضراب. يُذكر أن أهم المطالب التي رفعها التكتل النقابي تشمل التراجع عن قرار إلغاء التقاعد المُسبق، إشراك النقابات المستقلة في إعداد قانون العمل الجديد وحماية القدرة الشرائية للعمال. وكانت النقابات المعنية شددت في وقت سابق على أن قرار الثلاثية المتضمن إلغاء التقاعد المُسبق أحدث نزيفا كبيرا في مختلف القطاعات على رأسها قطاع التربية الذي عرف لوحده خلال الفترة الأخيرة إيداع حوالي 50 ألف طلب خاص بالذهاب إلى التقاعد المُسبق، نفس الشيء تشهده قطاعات أخرى وإن كان بدرجة أقل، سواء في قطاع الوظيف العمومي أو القطاع الاقتصادي، وهي ظاهرة لم تشهدها الجزائر من قبل. وبحسب ذات النقابات فإن هذا النزيف سيُؤثر لا محالة على مردود القطاعات بما أن عديد العمال الذين لديهم خبرة وكفاءة قرروا الذهاب إلى التقاعد وقدموا طلبات بذلك، وعليه، طالبوا بضرورة التدخل العاجل للحكومة وتجميد قرار إلغاء التقاعد المُسبق مع السماح للعمال الذين قدموا ملفات تقاعدهم بسحب طلباتهم.