أكد وزير الصحة وإصلاح والسكن وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، أمس على رفضه إلغاء الخدمة المدنية، مشددا على الطابع الإلزامي للخدمة المدنية، التي يكرّسها نص مشروع قانون الصحة الجديد، قائلا إنه سيتم الحفاظ على الخدمة المدنية، وستلتزم الدولة بتوفير كل الشروط الضرورية لعمل المستخدمين. أوضح الوزير خلال عرضه لمشروع قانون الصحة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، أن إصلاحات المنظومة الوطنية للصحة التي يكرسها النص الجديد تتمحور حول عدة مبادئ أساسية منها مجانية العلاجات التي تشكل مكسبا أساسيا للمواطن وأكدها مشروع القانون بشكل واضح في ما لا يقل عن مادتين مع العلم أن المجانية مكسب يجب الحفاظ عليه تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهوري. ومن بين الإصلاحات الأخرى، تطرق المتحدث، إلى ضمان كل حقوق المريض على جميع الأصعدة وفي كل الحالات وكذا تقليص الفوارق بين المناطق في مجال الحصول على الخدمات الصحية عن طريق ضمان توزيع عادل للموارد البشرية والمادية وفق ما تقتضيه الاحتياجات الصحية الحقيقية للمواطن إلى جانب إرساء مبدأ التكامل الفعلي بين القطاعين العام و الخاص للصحة في إطار منظومة صحية شاملة. كما أشار وزير الصحة إلى تكريس حقوق المريض في الإعلام بخصوص حالته الصحية وموافقته المستنيرة وحقه في الطعن لدى لجنة الصلح والوساطة وكذا حق المريض في الحصول على طبيب مرجعي يكون طبيب عام من القطاع العام أو الخاص الأقرب من موطن المريض إلى جانب وجوب وضع ملف طبي موحد على المستوى الوطني مدمج في النظام الوطني المعلوماتي مع احترام الكتمان والسر الطبي. وأكد حسبلاوي، أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد واستراتيجيات وسياسات الصحة العمومية المعتمدة، والتي تعطي الأولوية للوقاية وتطوير مرافق وتجهيزات الصحة وتكوين موارد بشرية مؤهلة وتوفير الدواء والتطورات التي عرفتها الممارسات الطبية وتكنولوجيات الصحة، سمحت للجزائر خلال العشريات الماضية من تسجيل نتائج معتبرة، وفي هذا السياق، أشار وزير القطاع إلى أن معدل الحياة للمواطنين ارتفع ووفيات الأمومة والأطفال انخفضت بشكل جلي وحققت البلاد أهداف الألفية في هذا المجال وتراجع بكثرة حدوث الأمراض المتنقلة والبعض منها تم القضاء عليها كليا، مشددا على أن هذا الجهد يجب الاستمرار فيه وتوسيعه ضمن إستراتيجية جديدة للحماية والوقاية وترقية الصحة موجهة، من جهة، نحو الفئات الهشة »الأمهات والأطفال والمراهقين والأشخاص المسنين« والأشخاص في وضع صعب ومن جهة أخرى الأوساط الخاصة »الصحة في العمل وفي الأوساط التربوية والجامعية والتكوين المهني وكذا في الوسط العقابي«. وأبرز أنه على الجزائر مواجهة الأمراض ذات الانتشار الدولي وتدعيم تشريعها وفقا للوائح الصحية الدولية، لاسيما في مجال الإنذار الصحي الوطني والدولي، مضيفا أنه في هذا الإطار تم توطيد سلطة الطبيب المكلف بمصلحة المراقبة الصحية بالحدود. الوضعية الوبائية للجزائر تغيرت وأصبحت تميزها الأمراض غير المتنقلة والمزمنة وسجل الوزير أن الوضعية الوبائية للجزائر تغيرت وأصبحت تميزها الأمراض غير المتنقلة والمزمنة والتي يقتضي تشخيصها مرافق ملائمة وتجهيزات متطورة وممارسات عالية التخصص، مؤكدا أن الحدوث الكبير لهذه الأمراض يستدعي من جديد الاستثمار بشكل أكبر في الوقاية والحماية وترقية الصحة ضمن مسعى قطاعي مشترك أوسع قصد مكافحة عوامل الخطر وإنشاء أنماط جديدة وتكييف برامج التكوين. وأردف قائلا، إن التكفل بهذه الأمراض المزمنة يقتضي إعادة تنظيم المنظومة الوطنية للصحة من أجل تحسين تسييرها وتوسيع نشاطات مؤسسات الصحة على مستوى هياكل الصحة القاعدية وإقامة منظومات تسمح بتكامل فعلي بين القطاعين العمومي والخاص للصحةK من جانب أخر، قال حسبلاوي، إن تمويل المنظومة الصحية لا يمكن أن يقتصر، لاسيما في المرحلة الراهنة، على ميزانية الدولة للزيادة في ميزانية قطاع الصحة، مضيفا أن تلبية الاحتياجات الصحية تقتضي إيجاد آليات أخرى ملائمة تهدف إلى تنويع مصادر التمويل دون المساس بالمجانية وعلى أساس التحكم في النفقات مع تحسين نوعية وفعالية الخدمات الصحية المقدمة للمريض، ومن بين ما جاء به النص الجديد في مجال التحكم في مصاريف الصحة، ذكر الوزير وضع آليات التعاقد بين المؤسسات العمومية للصحة ومختلف الجهات الممولة مثل صناديق الضمان الاجتماعي، التأمينات الاقتصادية، التعاضديات، لضمان تمويل في مستوى حاجيات المنظومة الصحية في حدود إمكانيات الجهات الممولة إضافة إلى التمويل الذي تضمنه الدولة. إنشاء نظام وطني للإعلام الصحي ومرصد وطني للصحة وذكر حسبلاوي أن مشروع قانون الصحة قد أدرج إنشاء نظام وطني للإعلام الصحي يوفر بنك معطيات و معلومات يسمح باتخاذ قرارات على جميع المستويات المنظومة الوطنية للصحة، كما ينص مشروع القانون الجديد على إنشاء المرصد الوطني للصحة والذي يشكّل عنصر تسيير بالنظر إلى المهام المسندة إليه، لا سيما إعداد تقرير سنوي عن الحالة الصحية للمواطنين وتحديد الأولويات الصحية التي يجب أن تستفيد من برامج وطنية للصحّة العمومية. كما أكد أن الخريطة الصحية التي تشكل المخطط التوجيهي للصحة ستحدد مقاييس التغطية الصحية والوسائل الواجب تعبئتها مع الأخذ في الحسبان بالنسبة للأحواض السكانية المعنية المميزات الوبائية والديموغرافية والصحية والاجتماعية والاقتصادية من أجل ضمان توزيع عادل للعلاجات الصحية وحصول أفضل للمرضى على العلاج. وأبرز أيضا أن الاستشفاء في المنزل والعلاج في المنزل منظومتان ضروريتان من أجل تحكم أفضل في تكاليف الصحة وضمان أفضل نوعية للعلاجات وذلك عبر التقليص من مدة الاستشفاء، من جهة، واستمرارية العلاجات في المنزل للمريض، لاسيما بالنسبة للمرضى المصابين بمرض عويص والأشخاص المسنين. الإبقاء على منظومة الخدمة المدنية الإجبارية مع توفير ظروف العمل ولفت أيضا إلى أهمية الإبقاء على منظومة الخدمة المدنية الإجبارية من أجل تقليص الفوارق في مجال الحصول على الخدمات الصحية و الوقائية و العلاجية في المناطق ذات تغطية صحية ضعيفة في إطار تجسيد الدور الاجتماعي للدولة التي تضمن الحصول على الحقوق الأساسية المكرسة على أساس التضامن الوطني، مؤكدا على أن الدولة تتولى توفير كل الشروط المادية والبشرية والتقنية لأداء الخدمة المدنية في أحسن الظروف الملائمة، ومن بين الآليات الأخرى، أعلن الوزير عن إدراج قانون أساسي جديد للمؤسسات العمومية للصحة يسمح لها بتسيير مرن اعتمادا على أدوات عصرية للتخطيط والتسيير، حيث تصبح مؤسسة عمومية ذات تسيير خاص وذات طابع صحي ويمكنها تكييف نشاطها مع متطلبات الأولويات الصحية الوطنية والوضعية الوبائية المحلية للأحواض السكانية، مشددا على أن هذا القانون الأساسي هو وسيلة لإقامة عملية التعاقد بشكل نهائي. كما ينص القانون على تعزيز دور الوكالة الوطنية للدواء قصد توفير كل الشروط التي تسمح بتأطير محترف ومتجانس لكل الجوانب ذات الصلة بالمواد الصيدلانية، كما أوضحه الوزير، مشيرا إلى أنه يتعين على هياكل ومؤسسات الصحة العمومية والخاصة وكذا مهنيي الصحة الذين يمارسون بصفة حرة، اكتتاب تأمين يغطي مسؤوليتهم المدنية والمهنية تجاه الغير.