ما فتئ النظام الليبي يزداد تصدعا مع تواصل الاحتجاجات التي انطلقت قبل سبعة أيام مطالبة برحيل الزعيم معمر القذافي، وتوالي الانتقادات والإدانات الدولية لاستعمال النظام الحاكم للقوة في قمع المتظاهرين مما أدى إلى سقوط مئات القتلى. فإلى جانب الانشقاقات في صفوف السلك الدبلوماسي والمؤسسة العسكرية والأمنية وبقية أجهزة الحكم في البلاد، أقدمت عدد من القبائل في البلاد على سحب ولائها للعقيد القذافي الذي بدا أول أمس مصرا على البقاء في السلطة. فقد عبر كبار مشايخ مدينة الزنتان الليبية عن فقدانهم للثقة في شخص العقيد القذافي بعد كلمته التي ألقاها أول أمس، مؤكدين على وحدة القبائل الليبية وداعين عموم الشعب الليبي إلى الوقوف في وجهه ودعم الثورة. وهددت قبائل الزنتان بتسيير مزيد من قوى الثوار من مدينة الزنتان إلى طرابلس لمساندة المحتجين وفك الحصار المضروب على المدينة ونصرة أهلها. كما لوحت تلك القبائل -في بيان لها- بقطع إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا والعالم في حالة عدم تنحي معمر القذافي ونظامه الفاسد وتسليم ليبيا للشعب. وفي ضربة أخرى لنظام القذافي المستند لولاء القبائل، دعا الوالي السابق لقبيلة أولاد سليمان الشيخ غيث سيف النصر في بيان له أبناء قبيلته وقبائل الجنوب إلى أن يبادروا بالانضمام إلى أبناء وطنهم وأن »يتخلصوا من هذا الطاغية وهذا الظالم«. وكان أعضاء بارزون من قبيلة ورفلة التي تعد من كبرى القبائل في البلاد أصدروا بيانات يرفضون فيها بقاء القذافي في السلطة وحثوه على مغادرة ليبيا، كما أعلنت قبيلة ترهون بدورها التبرؤ من القذافي. وفي غضون ذلك لا يزال التذبذب غالبا على موقف قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها القذافي واعتمد عليها منذ زمن طويل في جلب العناصر إلى النخبة من الوحدات العسكرية وضمان أمنه الشخصي وأمن حكومته. ورغم ذلك التذبذب فإن عددا من قيادات قبيلة القذاذفة في مدينة بنغازي -التي أصبحت حرة إلى جانب عدد من مدن شرق البلاد- قد سحبوا البساط من تحت القذافي. كما أعلنت قبيلة ترهون بدورها التبرؤ من القذافي، وقال المتحدث باسم القبيلة عبد الحكيم أبو زويدة إن شيوخ قبيلته، التي تشكل ثلث سكان العاصمة طرابلس، أعلنوا تبرؤهم من النظام وانضمام القبيلة للمتظاهرين ضد "الطاغية"، ودعوا أبناء القبيلة للانضمام إلى الثورة. ويرى محللون أن التركيبة القبلية في ليبيا هي التي يمكن أن يكون بيدها تحديد مآل الأحداث الجارية في البلاد خلافا لما حصل في مصر وتونس حيث عاد القول الفصل للنخبة العسكرية في تحديد مصير الثورة.