أعادت الجزائر طرح ملف دفع الفدية للإرهابيين على طاولة النقاش الأممي، بحيث أعرب السفير والممثل الدائم للجزائر لدى الأممالمتحدة بجنيف إدريس جزائري، أول أمس، عن أمله في أن تقوم اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان بتقديم دراسة للمجلس حول أثر دفع الفدية للإرهابيين على حقوق الإنسان في حالة احتجاز الرهائن. تسعى الجزائر من خلال سفيرها وممثلها الدائم لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة لمكتب الأممالمتحدة بجونيف إلى إحياء النقاش حول مسألة دفع الفدية للإرهابيين لتحرير المحتجزين، وعبر إدريس الجزائري في كلمة ألقاها في ختام الدورة العادية ال16 لمجلس حقوق الإنسان عن »ارتياحه لمساهمة المجلس في إحراز تقدم في النقاش حول موضوع جديد متمثل كما قال، في أثر دفع الفدية للإرهابيين على حقوق الإنسان في حالة احتجاز الرهائن«، وعبر الدبلوماسي الجزائر عن أمله في أن »تتوصل اللجنة الاستشارية إلى تقديم دراسة للمجلس حول هذه المسألة«، كما استعرض العبر التي يمكن استخلاصها من هذه الأشغال خاصة »الاستكمال الناجح لمسار إعادة بحث إنجازات المجلس خلال الخمس سنوات الماضية«. ويرتقب أن يعيد النقاش على هذا المستوى طرح موضوع تجريم دفع الفدية للإرهابيين، وقد سعت الجزائر عبر قنواتها الدبلوماسية من أجل استصدار قرار أممي يجرم دفع الفدية للإرهابيين، وإذا كانت العديد من الدول قد أعلنت مساندتها للمقترح الجزائري على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، فإن هناك دولا أخرى لا تزال تتحفظ ومنها فرنسا التي سبق لها أن تورطت إلى جانب إسبانيا وكندا والنمسا وألمانيا في دفع الملايين لإمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والتي يتزعمها المدعو عبد الحميد أبو زيد، حتى وإن أعلنت باريس مؤخرا على لسان وزيرها للخارجية ألان جوبي، رفض فرنسا دفع فدية للإرهابيين، على خلفية اشتراط تنظيم عبد الملك درودكال 90 مليون أورو لقاء إخلاء سبيل الخبراء النوويين الفرنسيين الذين لا يزال التنظيم الإرهابي يحتجزهم بعد اختطافهم بمنطقة أرليت بشمال النيجر منذ أشهر. الجزائر التي نجحت في تجريم الفدية على المستوى الإفريقي، تعتبر أن دفع الدول الغربية الملايين للعناصر الإرهابية لتحرير رعاياها، عمل يندرج ضمن تمويل الإرهاب، وإن اتخذ طابعا إنسانيا، فالتنظيمات الإرهابية حولت الفدية إلى مصدر مهم للحصول على المال ولتنشيط خلايا والحصول على السلاح والذخيرة وتمويل الاعتداءات التي تقوم بها، فدفع الفدية من بين الأسباب المباشرة التي تساهم في اتساع رقعة ظاهرة الاختطاف، فضلا عن النشاط الإرهابي بصفة عامة لذا وجب تجريمها بنفس الكيفية التي تم بها تجريم تمويل الإرهاب. للإشارة، كان كمال رزاق بارا، مستشار رئيس الجمهورية، قد أكد في مداخلته خلال الدورة 16 لمجلس حقوق الإنسان التي نظمت في بداية الشهر الجاري ندوة متخصصة لمناقشة كيفية التعامل مع ظاهرة اختطاف المدنيين واحتجازهم كرهائن، كشف فيها عن إبعاد تلك الظاهرة التي يحذر خبراء حقوق الإنسان من تجاهلها، وركز المسؤول الجزائري على تنامي تلك الظاهرة وتحولها إلى »صناعة مما يستوجب تعاونا دوليا« مشيرا إلى أن العالم لم يحقق كل ما تمناه منذ أن تفاقمت، وأوضح بارا أن تلك الصناعة قد تسببت في وصول نحو 540 مليون دولار إلى جماعات إرهابية تابعة للقاعدة لاسيما في المغرب العربي، موضحا بروز ظاهرة التعاقد من الباطن لاختطاف رهائن، وطالب المسؤول الجزائري بإجراء دراسة من جانب الجهات المعنية في المجلس لتقييم إستراتيجية العمل المعتمدة للرد على هذه الانتهاكات الخارقة لحقوق الإنسان وكيفية إنصاف الضحايا وسبل نقل تلك المعايير إلى منظمات أخرى وإيجاد مبدأ للتصدي لعملية دفع الفدية التي يتم استخدامها في تمويل عمليات إرهابية أخرى.