أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، عن معايير جديدة سيتم إدراجها في قانون الانتخابات تقضي بتوسيع قائمة الممنوعين من الترشح للاستحقاقات الانتخابية لتشمل رجال المال والأعمال وأصحاب النشاطات التجارية والصناعية، مستبعدا إمكانية اعتماد أحزاب جديدة قبل انقضاء السداسي الأول من 2012. فيما تجنّب الحديث عن مضمون التعديلات الدستورية التي قال إن ملامحها ستظهر في أعقاب الاستشارة الواسعة مع كافة الفاعلين. انتقد وزير الداخلية بشدة الأطراف التي علّقت على خطاب رئيس الجمهورية الأخير بأنه »جاء متأخرا« للإعلان عن إصلاحات سياسية، وقال إن أهمية ما جاء على لسان بوتفليقة في 15 أفريل تكمن بالدرجة الأولى في اختيار التوقيت، وأضاف أن الكثير من الأولويات حالت دون إقدام القاضي الأول في البلاد على إقرار تعديل الدستور وبعض القوانين الأخرى ذات الصلة بالحياة السياسية. وحسب دحو ولد قابلية فقد كانت هناك العديد من الأولويات في برنامج رئيس الجمهورية منذ انتخابه في 1999 »أولها إعادة البلاد إلى وضعها الطبيعي في الأمن واستتباب الطمأنينة للتخلص من الإرهاب وقد حققنا مكاسب كثيرة..«، وجاء في المقام الثاني »وضع برامج التنمية لاستدراك التأخر وهو ما أظهرته معدلات التنمية خلال العهدة الثانية..«. وردّا على المنتقدين أوضح أنه »من الطبيعي أن تكون العهدة الثالثة عهدة الإصلاحات وقد تمّ الإعلان عنها وبقي تجسيدها من الحكومة بكل صرامة«. ولم يغفل الوزير الردّ كذلك على »أحزاب المعارضة« التي تطالب ب »التغيير الجذري والشامل« بدل الإصلاح، وفي تلميح واضح إلى »الأرسيدي« شرح أنه »لديّ 10 سنوات في وزارة الداخلية لم أر هذه الأحزاب تُقدّم برنامجا بديلا«، ثم استطرد: »عندما يكون لديها تمثيل مهمّ يُمكن لها الضغط بكل ثقلها في المجالس المنتخبة لتحقيق هذا التغيير. وعندما يكون لهذه الأحزاب ثقلها في البرلمان فلها أن تقوم بالتغيير الذي تدعو إليه..« كما دافع عن واقع الحريات في الجزائر في أعقاب الاتهامات الأخيرة لمقرّر مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، مؤكدا أن »الدستور وضع أكبر قدر من الحريات.. ونحن لا نحتاج إلى دروس، هناك بعض القيود على خلفية حالة الطوارئ وبعدها رفعها عادت هذه الحريات«، مشدّدا على أن »هذه التصريحات لا تلزمنا.. وهي تصريحات غير لائقة«. "تعديل الدستور لن يكون فوقيا.." وفي سياق تعليقه على الالتزامات التي قطعها رئيس الجمهورية، أورد الوزير أن »كل الإصلاحات التي تمت وتلك التي ستأتي ستكون محلّ استشارة واسعة«، وحرص على التأكيد بأن »هذه الإصلاحات لن تكون فوقية، وإنما ستكون نتاج وثمرة كل الاقتراحات والأفكار من الأحزاب والشخصيات والخبراء وممثلي المجتمع المدني«، رافضا الخوض في تفاصيل التعديل الدستوري المرتقب بالقول: »لا يُمكن الحديث عن الدستور الجديد لكن التعديلات تتجه في الغالب نحو انفتاح أكبر وتكريس دولة القانون وضمان كل الحريات..«، وتوقع أن يكون الدستور المقبل »دستور عصري وديمقراطي يستجيب لتطلعات المواطنين«. وتمسّك ولد قابلية بالموقف ذاته عندما سُئل عن طبيعة النظام بتصريحه »لا أستطيع أن أجيب لأن هذه اللجنة الوطنية الموسّعة هي التي ستحدّد الخطوط الموجّهة للدستور الجديد، وبعدها سيطّلع عليها الرئيس ويدرسها ثم يعرضها إما على البرلمان أو على للاستفتاء الشعبي«، وتابع: »من السابق لأوانه الحديث عن طبيعة النظام الذي سيأتي به الدستور سواء رئاسي أو برلماني، ولكن في الأخير سيكون نظاما يختاره الشعب..« "معايير جديدة للترشح في الانتخابات" وأفرد وزير الداخلية والجماعات المحلية حيزا واسعا للحديث عن تعديل قانون الانتخابات، حيث أشار إلى أن هناك نقطة أساسية ستتغير وهي »نظام التمثيل«، ليتساءل: »هل نذهب إلى النظام النسبي الشامل أو نحو اعتماد الأغلبية، أو نظام تمثيل يسمح بمشاركة أكبر عدد من الأحزاب للتمثيل على مستوى المجالس الانتخابية؟«، ولكن المهم بالنسبة له هو الوصول إلى توافق ذلك على أساس قانون عضوي مُتمّم للقانون الانتخابي. وضمن هذا الاتجاه أعلن المتحدّث أن الاتجاه العام يسير نحو مراجعة معايير الترشح للانتخابات المقبلة، أي »تحديد التوافق والتعارض في الترشح«، ووفق ما أورده فإن القانون الجديد سيتضمن إجراءات تخصّ الفئات التي ليس لها الحق في الترشح، قبل أن يُضيف: »من الممكن توسيع القائمة أكثر حتى لا نكتفي فقط بمنع الترشح عن القضاة والموظفين السامين وكذا مصالح الأمن..«، وذكر تحديدا حظر الترشح على »أصحاب بعض النشاطات التجارية والصناعية خاصة الذين لديهم السلطة المالية«، وبرّر هذا التوجّه »لكوننا أمام نظام ديمقراطي وشعبي فإنه من الضروري التأكيد بوجود تعارض بين المال والسلطة«. وستشمل التعديلات كذلك قانون الجمعيات كون ولد قابلية سجّل وجود خلل فيه، حيث ذكر أن هناك 80 ألف جمعية معتمدة »وعندما نقوم بحصيلة نُسجل أن لها تأثير محدود، كما ليست بحوزتنا حصيلتها المعنوية ولا حساباتها المالية..«، وأشار إلى أنه تمّ وضع هذه الجمعيات في بطاقية وطنية لمراقبة نشاطها ومدى احترامها للقانون وتقييم حصيلتها، مضيفا أن قانون الجمعيات الجديد »سيسمح بتسيير أكثر شفافية لنشاطاتها«. "اعتماد الأحزاب الممثّلة شعبيا فقط" وفي معرض حديثه عن التعديلات المرتقبة على قانون الأحزاب، اعترف الوزير بأنه يأتي لتجاوز نقائص قانون 1990، مشيرا إلى أنه »لم يتم تقييم كل العوامل التي انجرّت عنها نتائج سلبية بعد اعتماد حوالي 60 حزبا رغم أنها لم تستوف الشروط الضرورية للممارسة الحزبية«، وكشف أن حوالي 40 حزبا اختفت لأنه »لم يكن لديها أي تمثيل أو بفعل الانقسامات بين قياداتها«، كما أوضح أن تعديل قانون الأحزاب »سوف لن يكون للتضييق ولكن حتى يكون للأحزاب تمثيل شعبي حقيقي..«. وأضاف دحو ولد قابلية »يجب أن يكون للأحزاب منخرطون على مستوى غالبية مناطق الوطن وقوانين يضمن الممارسة الديمقراطية مثل عقد جمعيات عامة دورية وقادة منتخبون بطريقة ديمقراطية، واقتراع دوري سري بمحضر قضائي..«، ولاحظ أن الكثير من الأحزاب تُسيّر من طرف أشخاص بقوا في مناصبهم لأكثر من 15 عاما »وهناك أحزاب أخرى قادتها مشكوك في شرعيتهم، ومنها من تعاني من حركات تصحيحية وتعدد القيادات..«، وعلى حدّ تصوّره فإن »هذا القانون لا يمنع تأسيس أحزاب ولكن يسمح للأحزاب الممثلة بشكل فعلي بلعب دور مهم في الحياة السياسية«. وبعد تأكيده أن عودة الحزب المنحل غير مطروحة للنقاش بموجب أن المادة 42 من الدستور تمنع اعتماد أحزاب سياسية »تقوم على سند ديني أو لغوي أو طائفي أو جنسي أو جهوي«، طمأن أن »الشروط الجديدة سوف لن تفرض أية قيود«، مستبعدا اعتماد أي حزب قبل المصادقة على القانون الذي سيتم عرضه قريبا على البرلمان، وقد خاطب أصحاب هذه الملفات التي قدّرها ب 40 طلب اعتماد قائلا: »المدة المتبقية قصيرة، وهي قبل الانتخابات المقبلة أواخر منتصف السداسي الثاني من العام القادم، وعليه فمن انتظر لسنوات يُمكنه أن ينتظر بضعة أشهر أخرى حتى يُمكن اعتمادها في إطار شروط واضحة وشفافة«. ونفى الوزير أن يكون قانون البلدية قد قوّض من صلاحيات المنتخب »هناك سوء تفاهم فقط.. فالمشروع يضمن التوازن بين الإدارة والمجلس المنتخب الذي يبقى دوره تكميليا للإدارة لأنه جزء من الدولة«، وأوضح أن تعديلات واسعة أدخلت على المشروع وسيناقش في جلسة 24 أفريل، ملتزما بأن »الدولة ستقبل التعديلات التي يُقرّها المجلس حتى وإن كانت خطيرة مثل إلغاء مادة سحب الثقة..«. وتوقّع أن لا يجد قانون الولاية صعوبات في المصادقة عليه »لأن المجلس الولائي لا يتخذ قرارات سيادية وإنما يُراقب التسيير المالي للولاية ويعطي موقفه من المشاكل الاجتماعية..«. "الأوضاع في الحدود مع ليبيا مُستقرّة" أما على الصعيد الأمني، فقد أرجع وزير الداخلية تصاعد العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة إلى »محاولة عناصر إرهابية مشتتة إثبات نفسها بالقيام بعمليات استعراضية«، مؤكدا أن تلك العمليات لها صلة بالتطورات السياسية التي تشهدها البلاد، وقال إن هذه الجماعات تريد القول »لا شيء يمكن أن يتم دون أن نكون طرفا أساسيا فيه«. كما ربط هذه العمليات ب »التراخي وتراجع اليقظة لدى المواطنين وقوات الأمن في ظل عودة الأمن والطمأنينة..«. وأدرج دحو ولد قابلية أخبار حصول تنظيم »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي« عن أسلحة من ليبيا في خانة »الافتراضات وهي ليست إشاعات«، وصرّح: »من الواضح أن هناك فرصا لتسلل الأسلحة من ليبيا ولكن ليس لي علم إن تم ذلك بالفعل.. لا يُمكن استبعاد ذلك نظرا لتصاعد الأعمال ضد القوات الأمنية«، وأضاف »يجب على الأجهزة الأمنية تحديد نوع الأسلحة المستعملة مؤخرا«، فيما وصف الأوضاع في الحدود بأنها »مستقرة وهي متابعة ومراقبة وقد وضعت إمكانيات كبيرة ميدانيا خاصة في منطقة الساحل حتى قبل ما جرى في ليبيا..هناك مجهود قمنا به وسيأتي بنتائج«.