ثلاث سنوات من العذاب، قضتها الطفلة خديجة زيدي بأيامها ولياليها باكية شاكية الألم في أبشع صوره منذ أن رأت النور بمستشفى زيوشي محمد بطولقة ولاية بسكرة، الأمر الذي دفع بوالدها إلى طرق أبواب مختلف المستشفيات لعله يفلح في التخفيف ولو قليلا من مصاب ابنته التي لم يعد جسدها الصغير يقوى على تحمل المزيد، لتناشد الطفلة التي تعاني من ورم ملتصق في ظهرها، مباشرة وزراء كل من الصحة والتضامن الوطني والعمل والضمان الاجتماعي لمساعدتها في العلاج بفرنسا بعدما راسلها بروفيسور من هناك مؤكدا إمكانية إجرائه لعملية استئصال الورم مع وجود أمل كبير في نجاحها مائة بالمائة، لتبقى قلة ذات اليد العائق الوحيد أمام سفر خديجة الذي يعني لها توقف البكاء والألم الذي لا يطاق. قصد من ولاية بسكرة مقر الجريدة بالعاصمة، حاملا بيده ملفا طبيا لابنته خديجة زايدي وصورا تألمنا عند رؤيتها، احمرت عيناه من شدة البكاء على فلذة كبده..كان يتحدث معنا ونبرة البكاء تكاد تخنق أنفاسه رغم محاولته إخفاء دمعته مرارا، فما أصعب أن يحترق أب وهو ينام ويستيقظ على بكاء فلذة كبده ليس بحثا عن الحليب وإنما للشكوى من ألم لا يقوى الكبار على تحمله، بينما لا حول ولا قوة له في التخفيف عنها أمام قلة ذات اليد غير ضمها ومحاولة إسكاتها بالحنو على رأسها تارة وشغلها بلعب تارة أخرى. الطفلة الملاك "خديجة" كانت ولادتها طبيعية، ليشرع والديها منذ اليوم الثالث في رحلة ماراطونية باتجاه مختلف الأطباء بدءا من أولئك الذين كانوا يزورون منطقة أولاد جلال في إطار الأيام الطبية والجراحية، عرضنا عليهم حالة " خديجة" يقول والدها فنصحونا بتوجيهها إلى العاصمة لكون حالتها خطيرة وتستدعي إجراء عملية جراحية، لتتواصل الرحلة باتجاه مستشفى " آيت ايدير" المختص في الأعصاب، اكتفوا بمنحنا موعدا كل شهر يضيف الوالد دون أن تمكث بداخل المستشفى للسهر على علاجها، لنعود في كل مرة إلى منزلنا بولاية بسكرة، حاملين فلدة كبدنا وورم ملتصق بظهرها متسببا في آلام لاتطاق على أمل العودة الشهر المقبل "هي لا تتوقف عن البكاء، ولا نجد ما نفعل لها" يقول الوالد بحسرة لا متناهية مضيفا أنها لا تتمكن من النوم على ظهرها ولا المشي ولا التحكم في طرح الفضلات مما يستلزمها البقاء في الحفاضات.. ناهيك عن ارتفاع درجة حرارتها مرارا والتي تصل أحيانا إلى 40 درجة مما يستوجب مراقبتها باستمرار...وبعينين اغرورقتا بدموع محرقة لسان حاله يقول " ألا يوجد الرحمة فوق هذه الأرض" خاصة أمام تأكيد الحكيم " بوبلاطة" الذي شخص حالتها وجود أمل على اعتبار أن خديجة تتمتع بقواها العقلية بشكل ممتاز ولم يؤثر المرض على عقلها، ناهيك عن أنها تأكل بشكل طبيعي وتتكلم بطريقة جيدة. الأمل في شفاء خديجة وتخلصها من ورم يلازمها دائما ويعيق مشيها ونومها، دفع بالعائلة إلى التوجه هذه المرة نحو مستشفى قسنطينة، هناك قيل لها أيضا أن حالتها خطيرة ومعقدة تستوجب نقلها إلى الخارج لكونها قابلة للعلاج، الأمر الذي دفع بالوالد إلى مراسلة مستشفيات بالخارج، ليرد عليه بروفيسور بمستشفى بفرنسا من خلال مراسلة هي بحوزته بوجود أمل كبير في نجاح العملية الجراحية بفرنسا، الأمر الذي بعث الأمل في قلب والدي خديجة بتخلصها من ورم لازمها طيلة ثلاث سنوات، لم تتوقف خلالها عينيها من ذرف الدموع حتى كادت تجف. خلال عرضه لمعاناة ابنته أكد الأب أنه سبق وأن راسل عدة جهات أملا في مساعدتها في نقل خديجة للعلاج بالخارج، ومنها وزارة التضامن التي منحت العائلة أملا بإرسالها مساعدة اجتماعية قامت بزيارتهم في البيت والاطلاع عن قرب على حالة خديجة، ليخلص تقريرها إلى ضرورة نقلها للعلاج بالخارج...ولكن لا تزال خديجة بالداخل تواصل طرق أبواب مستشفيات العاصمة ولكم بتصور تكلفة تاكسي يقلها في كل مرة برفقة والديها من ولاية بسكرة ذهابا وإيابا، والتي تصل تكلفته إلى مليون سنتيم، لتجني بعدها مجرد وعود سرعان ما تتبخر. وفيما أكد العديد من الأطباء نجاح العملية الجراحية التي ستجرى على الطفلة خديجة في الخارج، تناشد عائلتها على لسانها كل من وزراء الصحة،التضامن الوطني والعمل والضمان الاجتماعي التكفل بحالتها الصحية أمام انعدام إمكانيات الأسرة المالية وعدم قدرتها على توفير مبلغ مالي من أجل تسفيرها إلى الخارج، والتي تبقى تكاليفها المالية كبيرة عن رب أسرة بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش فما بالك عندما يتعلق الأمر مع حالة مرضية تتطلب العلاج بالخارج، علما أن تكاليف الإقامة هناك جد مرتفعة، تصل إلى نحو 14 ألف يورو لليوم الواحد.. سبق لطبيب بمستشفى العاصمة وأن صفع والد خديجة بحكمه عليها بالموت قبل بلوغها التسعة أشهر، بينما تبلغ اليوم الثلاث سنوات وهي نفس الحادثة التي سبق ل " صوت الأحرار" وأن وقفت عليها والمتمثلة في حالة الطفل محمد حبيب الرحمان الذي ولد ببطين واحد وانسداد شرايين قلبه، لتخلص رحلة والده بتأكيد بروفيسور معروف مختص في جراحة الأطفال، موته قبل بلوغه التسعة أشهر وأنه لا فائدة من علاجه بالخارج لأنه سيموت، بينما تكفل أحد المحسنين بعلاجه في الخارج لتنجح العملية واحتفل الطفل مؤخرا بعيد ميلاده العاشر. والد خديجة لم يجد غير العودة في كل مرة خائبا من حيث جاء حاملا فلدة كبده بين ذراعيه صابرة على آلام مرضها وليس لها سوى الشكوى بالبكاء، في انتظار من يمدّ لهم يد العون، ويكون شفاءها على يديه، وعليه تناشد وزراء كل من الصحة والتضامن الوطني والعمل والضمان الاجتماعي التكفل بنقلها للعلاج بفرنسا حيث ينتظرها البروفيسور الذي راسلها مؤكدا إمكانية علاجها هناك، فهل ستجد ردا إيجابيا يمسح دموع والديها ويقضي على آلامها التي لا تطاق، ولسان حالها يقول" إنني أتألم وجسدي الصغير لا يقوى على تحمل المزيد، فهل من مخلص لي من ورم يلازمني، ملتصقا أسفل ظهري يعيقني عن المشي والنوم" .. الأيام وحدها كفيلة بالإجابة، خاصة وأن والد خديجة أكد لنا أن أملهم كبير في التفاتة من قبل وزراء ليس بالجديد عليهم فعل الخير .