تواجه الحكومة السودانية مجموعة عواصف سياسية بجانب أزمات البلاد المتلاحقة، مما يشير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تطورات يرى المراقبون أن بعضها سيكون له تأثير سلبي على مجمل الحياة السياسية في السودان. فبينما تسعى الحكومة إلى معالجة أزمة رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي الذي عاد إلى مواقع قواته في دارفور وهدد بالعودة إلى خيار الحرب في حال استمرار ما سماه سياسة المؤتمر الوطني الحاكم، لاحت أزمة جديدة بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حيث هددت الأخيرة بسحب وزرائها من حكومة الوحدة الوطنية. وكان قرار صادر من رئاسة الجمهورية تم تسريبه لبعض وسائل الإعلام رفعت بموجبه الحصانة عن وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم بسبب اتهاماته للحكومة بالفساد، وهو ما استنكرته الحركة وأعلنت معارضته بشتى الوسائل. ومن جهة أخرى فإن الحكومة -حسب مراقبين سياسيين- لم تغفل ما تعتبره استهدافا من مدعي المحكمة الجنائية الدولية الذي يتجه هو الآخر للكشف عن قائمة جديدة للمتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور ربما يكون الرئيس السوداني عمر حسن البشير أحد أفرادها، حسب ما تم تسريبه لوسائل إعلام غربية. هذا الموقف دفع وزارة الخارجية السودانية إلى استدعاء سفراء الدول المقيمين بالخرطوم لإبلاغهم "بخطورة ما ستقدم عليه المحكمة الجنائية". واعتبر الحزب الحاكم خطوة المحكمة تلك مخططا كبيرا تسعى من خلاله إلى نسف الاستقرار في البلاد بعد إجازة قانون الأحزاب من جهة، واتجاه القوى السياسية إلى التوافق والتراضي الوطني ومحاولة البحث الجدي عن حل ناجع لأزمة دارفور من جهة أخرى. وقال حزب المؤتمر الوطني في بيان إن "قرار المحكمة الدولية مؤامرة من المؤامرات المتصلة على البلاد"، مشيرا إلى أن ذلك يعد "ابتزازا سياسيا رخيصا غير مسؤول". أما رئيس حزب الأمة القومي السيد الصادق المهدي فقال إنه كان يرى أن يعامل ملف المحكمة الجنائية "معاملة مختلفة"، وأضاف وهو يتحدث للصحفيين "إن ذلك قد فات أوانه وأصبحنا في تطور يحتاج إلى رؤية سياسية جديدة". لكن المحلل والخبير السياسي حيدر إبراهيم اعتبر أن المؤتمر الوطني "عوّل على تحالفه الجديد مع حزب الأمة القومي باعتباره القوة السياسية الأكبر في البلاد ونسي القوى الأخرى، كما نسي أن مشاكله لن يحلها منفردا أو مع حزب واحد". وقال إبراهيم إن عدم الاهتمام بالأزمات الحقيقية سيقود المؤتمر الوطني إلى فقدان أجزاء من البلاد بجانب أنه "سيدخلها في نفق لا يمكن الخروج منه". ومن جهته اعتبر الخبير السياسي محمد على محسي أن السودان في طريقه للدخول "في مطب جديد"، متسائلا عن طبيعة ما يمكن أن يفعله السودان في الفترة المقبلة لمعالجة ما ينتظره من مواجهات حقيقية. وقال محسي إن مجاراة المجتمع الدولي في مخططاته "ستتسبب في هدم السودان"، داعيا إلى أن يتحدث من سماهم أصحاب البصيرة بشأن أين وكيف يقف السودان.