وإذ يرفع المجتمع الدولي عصا سوق الرؤساء إلى محاكم القضاء ،ترفع قنوات الاتصال السؤال التالي: هل ترى أن من حق المجتمع الدولي ملاحقة زعماء الدول قضائياً في حال وجود أدلة على وقوع جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان في دولهم، أم أن ذلك يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية ولا يؤدي إلا لتعقيد الموقف واستمرار الجرائم والانتهاكات؟؟؟ ٌ سؤال يحمل كل معاني السذاجة المعهودة في وسائل إعلام فقدت حواسها الخمس،واعتادت أن ترى الأشياء بعينين مغمضتين ،تتخيل فيهما الشكل الذي تريده لحدث ما، طبقا لأهوائها ومصالح مموليها،ويأتي مع احتمال تقديم المحكمة الجنائية الدولية ما تدعيه أدلة ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير ، وقد تتضمن الاتهامات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية في إقليم دارفور الذي يشهد نزاعات عرقية تغذيها أطراف أجنبية وإقليمية بعد اكتشاف النفط فيها بكميات تجارية هائلة تجعل السودان في مصاف الدول الغنية. وسذاجة السؤال،في بديهية الإجابة عليه، وما يثيره من تساؤلات عن موقف المجتمع الدولي من إبادة مدن بأكملها في العراق على يد الجيش الأمريكي وهو يثأر لمقتل احد جنوده، والفلوجة مازالت شاهدا قائما حد اللحظة على جرائم حرب إبادة جماعية لم يعاقب عليها القانون الدولي،والتزم الصمت إزاءها رغم التمادي في إبادة مدن أخرى تحولت إلى إطلال في جنوبي العراق وغربه وشماله ومازالت جثث البشر تتفسخ تحت أنقاضها. والمجتمع الدولي لا يرى الأشياء إلا بمنظار البيت الأبيض المتمادي في إذلال الشعوب العربية،والطعن بكرامتها،واختراق ثوابتها الأخلاقية، وجرها إلى أسفل قاع في درجات الوجود البشري المعاصر ،وكأن الشرعية الدولية صممت على مقاسات الاستهانة بالإنسان العربي دون غيره من سكان الكرة الأرضية. وجرائم الانتهاك التي تتعارض مع شرائع الأرض والسماء في غزة والضفة الغربية وجنوبي لبنان وبغداد والبصرة والانبار، ظلت فعلا مباحا في فلسفة من اعتاد أن يكيل الوقائع بمكيالين مختلين،شرع المجتمع الدولي اختلالهما باعتماد قوانين تفتقر للعدل الإنساني الوارد في شرائع الحق السماوية والوضعية. ورفع العصي في سوق رئيس عربي إلى قفص اتهام انتصب في لاهاي،لا تعني هذا الرئيس العربي وحده،عندما تتحول إلى رسالة إذلال مقصودة يقرأها الإنسان القابع في العالم العربي، إنذار ردع لتطلعاته المشروعة في حياة حرة كريمة،لا تلوثها قوانين العولمة الطارئة،ومد قواعد تقليد غير معتاد تسقط هيبة الدولة في رمز قائدها المؤتمن على سيادة وطنه المستهدف من قبل ما يسمى ب "الشرعية الدولية" الفاقدة لمنطق العدل والمتخلية عن مبدأ احترام سيادة الشعوب.