قررت الجزائر الاعتراف رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي كممثل شرعي للسلطة الليبية، ووضع حد للتأزم القائم في العلاقات الثنائية منذ انطلاق الأحداث في ليبيا واتهام الجزائر بالانحياز إلى العقيد معمر القذافي ودعمه ب»المرتزقة« للقتال ضد شعبه، ولقد أكد وزير الخارجية مراد مدلسي أن موقف الجزائر ظل ثابتا فيما يتعلق بهذه النقطة، حيث شددت على أن قرارها النهائي سيكون منسجما مع موقف الاتحاد الإفريقي. أعلن وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي، أمس الأول من نيويورك، استعداد الجزائر نقل علاقاتها مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى المستوى الرسمي، بعد أن ظلت شبه رسمية لأزيد من ستة أشهر، وقال مدلسي إن اعتراف الجزائر بالمجلس الانتقالي قائم على أولويتين أساسيتين أولهما »الانسجام مع موقف الاتحاد الإفريقي«، وثانيهما »التزام المجلس الوطني الانتقالي بتعزيز وحدة الشعب الليبي التي تعد بالتأكيد الهدف الأكثر أهمية«، ليؤكد بذلك موقف الجزائر الذي لطالما دافع عن خيار تسوى القضية الليبية بشكل سلمي ودون تدخل القوى الأجنبية. وجاء إعلان رئيس الدبلوماسية الجزائرية على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تزامنا مع إصدار الخارجية بيانا تضمن اعترافا ضمنيا بالمجلس الانتقالي الليبي ممثلا شرعيا للسلطة بالجماهيرية، حيث جاء فيه أن »الحكومة الجزائرية إذ تسجل التصريح الذي أدلى به رئيس الاتحاد الإفريقي الرئيس تيودورو نغيما خلال الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا الذي نظم يوم 20 سبتمبر 2011 بنيويورك برعاية الأممالمتحدة، وإذ تسجل أيضا الرسالة التي بعث بها المجلس الوطني الانتقالي إلى رئيس المفوضية يوم 5 سبتمبر 2011 والبيان الصادر عن الاجتماع ال294 لمجلس السلم والأمن المنعقد يوم 21 سبتمبر 2011 بنيويورك، تؤكد إرادتها في العمل بشكل وثيق مع السلطات الليبية الجديدة بغية إرساء قواعد تعاون ثنائي مثمر بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين ويحفز الظروف الملائمة للحفاظ على سلام وأمن واستقرار المنطقة«، وأضاف البيان أن »الحكومة الجزائرية تؤكد في نفس الوقت أن واجب التضامن مع الشعب الليبي الشقيق الذي يمليه التاريخ والجوار من الثوابت التي ستتجلى على الدوام بكامل معانيها وفقا لمبادئ وقواعد عدم التدخل وحسن الجوار والتعاون والاحترام المتبادل«. وفي تصريح نقلته عنه وكالة الأنباء الوطنية، أكد مدلسي ما جاء في وثيقة الخارجية، موضحا أن الجزائر قررت العمل مع السلطات الليبية الجديدة بشكل يجعل من التعاون بين البلدين تعاونا طبيعيا »معززا« في كل الميادين، وأن اعتراف الجزائر جاء متطابقا مع مواقفها الدبلوماسية السابقة التي ترجع فيها الأمر بالدرجة الأولى إلى الاتحاد الإفريقي، والذي أكد أنه خلص يوم الثلاثاء الفارط إلى تصريح لرئيسه الحالي الذي أعرب عن موقف الاتحاد الإفريقي المتمثل في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، ليضيف »بما أن هذا الأخير اتخذ التزامات رسمية بالتوجه نحو حكومة شاملة تضم ممثلي مجموع المناطق وكذا الضمانات الضرورية بشأن تعزيز الوحدة الوطنية، وعلى ضوء كل هذه العناصر وهذا المسار قررت الجزائر العمل مع السلطات الليبية الجديدة«. من جهته، أكد الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني في تصريح نقله الموقع الإلكتروني »كل شيء عن الجزائر«، اعتراف الجزائر وترسيم علاقاتها مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي، قائلا إن »البيان الذي نشرته وزارة الشؤون الخارجية أول أمس واضح، وانطلاقا من تصريح رئيس الاتحاد الإفريقي تيودورو نغيما والذي أعلن فيه عن اعتراف الاتحاد الإفريقي رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي كممثل شرعي للشعب الليبي كونه بصدد تشكيل حكومة انتقالية تشمل كافة الأطراف، فإن الجزائر التي ظلت دائما ملتزمة ووفية لمبادئها ودعهما للاتحاد الإفريقي، قررت بذلك إضفاء الطابع الرسمي في علاقاتها مع السلطات الليبية الجديدة في إطار التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين الشقيقين«، ليضيف بأن »مسؤولي المجلس الانتقالي الليبي أعطوا ضمانات وتعهدات بمنح الأولوية للوحدة الوطنية والعمل مع جميع الأطراف الليبية بدون أي استثناء من أجل إعادة بناء البلد في الرسالة التي بعثوها إلى رئيس المفوضية يوم 5 سبتمبر 2011«. وشهدت العلاقات بين الجزائر والمجلس الانتقالي الليبي حالة من التوتر بسبب اتهام المجلس للجزائر بدعم نظام العقيد معمر القذافي وإرسال مرتزقة للقتال معه، كما زاد قرار السلطات الجزائرية استقبال عدد من أفراد عائلة القذافي الوضع تأزما على الرغم من تأكيد الجزائر في أكثر من مناسبة بأن قرارها كان لدوافع إنسانية بحتة حسب تصريحات وزير الخارجية والوزير الأول حول هذا الملف.